السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا فتاة معقود عليها، زوجي حسن الخلق -والحمد لله-، وعلاقته جيدة بأهلي، بدأنا في ترتيبات الزفاف قريبا -إن شاء الله- ولكن تجهيز السكن والأثاث وغيره قد استنزف كل ما يملك زوجي من نقود، بخلاف مرتبه الشهري، وأنا لا أريد إقامة عرس كبير، وأتمنى أن يكون عرسا بسيطا جدا، وأن نولم بما يستطيع، ووالدي رجل متفهم، ولم يشدد على زوجي بشروط أو تكاليف.
المشكلة أن زوجي لا يملك ما نقيم به عرسا، ولا يرغب بتأجيل البناء، وأهلي يتحدثون عن عرس يفرحهم ووليمة كبيرة، وظروفنا لن تستطيع تنفيذها، وبالتأكيد فإن الله هو القادر القدير، ولا أعلم كيف أقنع أهلي بأني لا أريد عرسا كبيرا، ولا كل هذه التفاصيل من زينة، ووليمة كبيرة، وتكاليف، وغيرها، ولا أرى أن الله شرع الزواج من أجل هذا، ولا أرى أن هذه الصور هي التي تدل على قيمتي عند زوجي، وكل ما أتمناه وأرغب فيه أن يديم الله علينا رحمته، ويديم علينا ما نشعره به من ود يقربنا منه تبارك وتعالى.
المشكلة أنه بسبب سفر أهلي الدائم وسفري لا أشعر أن أهلي يستطيعون استيعاب طريقتي الخاصة في الشعور بالفرح، أعلم أن الله لم يشرع الزواج ليشق على الإنسان، بل كرما منه ومعونة منه لنا على طاعته، وأعلم أن مقاصد الزواج كلها غير هذه المظاهر، والمباركات والعزائم المتكلفة.
أعلم أنه ميثاق غليظ وعميق المعاني، ولا أستطيع إقناعهم بذلك، ولا أريد أن أضغط على زوجي؛ لأنه بالفعل لم يبخل علي يوما بشيء طالما يستطيعه، ولا أحب أن يتأجل الزفاف؛ نظرا لما نمر به، ولأنه يعيش لوحده، وأعيش لوحدي في بلد بعيد عن بيت أهلي للدراسة، وزواجنا سوف يجمعنا ويقلل من غربتنا، ونحمل كلانا.
أحمد الله وأشكره على مشاعر الرحمة في قلوبنا لبعضنا، ما يكفي بأن يكون تأجيل البناء صعبا على كلينا، وفي نفس الوقت لا أحب أن أغضب أهلي، أرجوكم دلوني ماذا أفعل؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فردا على استشارتك أقول:
1 - من أهم الصفات التي يجب أن تتوفر في شريك الحياة: الدين والخلق، كما أرشدنا لذلك نبينا -عليه الصلاة والسلام- حين قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، ولا يكتفى بأحد الصفتين، فالدين مؤثر في الخلق لا العكس، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، فصاحب الدين والخلق إن أحب المرأة أكرمها، وإن كرهها سرحها بإحسان.
2 - الواجب عليكما وعلى أهلكما تجنب الإسراف والتبذير، فذلك من المحرمات كما قال تعالى: (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ۖ وكان الشيطان لربه كفورا)، والمقصود من عمل وليمة العرس هو الإعلام وليس التفاخر والتباهي، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (أولم ولو بشاة)، وقال: (فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح)، وقال: (أعلنوا النكاح) وقال: (أظهروا النكاح).
3 - عليك أن تحاولي إقناع أهلك من خلال التحاور معهم برفق وحكمة، وأن تذكري لهم المقصد الشرعي من الوليمة، وتذكري لهم حالة زوجك المادية، وأنكما أحق بالمال من أن يذهب في إطعام غير المحتاجين كما قال عليه الصلاة والسلام: (شر الطعام طعام الوليمة ، يمنعها من يأتيها ، ويدعى إليها من يأباها ، ومن لم يجب الدعوة ، فقد عصى الله ورسوله)، وفي رواية : ( شر الطعام طعام الوليمة ، يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ).
4 - استعيني ببعض أفراد العائلة ممن لهم تأثير على والديك من أجل إفهامهم بما تريدين، فمن الناس من يجعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، وبعض الناس تكون حجته قوية لا تترك مجالا للنقاش.
5 - إن لم يستوعب أهلك مرادك؛ فليس أقل من التوسط في حفل الوليمة، وكما يقال خير الأمور أوسطها.
6 - تضرعي إلى ربك بالدعاء أن يلين قلبي والديك لفهم مرادك، وأن ييسر لكما إقامة العرس.
أسأل الله تعالى أن يكتب لكما ما فيه الخير والسعادة، وأن يسعدكما في حياتكما آمين.