تأخر كلام طفلي ولدي مخاوف من طيف التوحد!

0 264

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أولا وقبل كل شيء أشكر كل العاملين على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا على كل مجهوداتكم لإرشاد الأهالي لطريق الصواب.

استشارتي لكم تتعلق بطفلي الذي يبلغ من العمر سنة و8 أشهر، بحيث إنه إلى الآن لا يبدي أي تجاوب في تعلم الكلمات، أو تكرار ما أحاول جاهدة تلقينه من مفردات ومسميات الأشياء، فهو يعبر بلغته الخاصة، والتي هي عبارة عن أصوات وحروف غير متناسقة وغير مفهومة، نادرا ما يقول (ماما أو بابا)، وعلى الأغلب لا يقصدنا بها.

عدم محاولته البدء بتكوين رصيد لغوي أثار لدي بعض المخاوف، بحيث بدأت بمراقبة تصرفاته وتفاعلاته مع الأشياء حوله، فهو طفل حركي، ويحب اللعب كثيرا، يتنقل في أرجاء البيت طول النهار بدون كلل أو ملل، يحب رؤية الأطفال واللعب معهم، خصوصا أنه يذهب معي لمقر عملي منذ أن كان عمره 5 أشهر؛ فأنا أعمل في حضانة للأطفال.

يسابق الأطفال، ويتشارك معهم ألعابهم، يضحك حين يجرون أو يقفزون، يحاول تقليدهم في معظم الأحيان، يتقاسم ألعابه بسهولة معهم، فلا يبدي أي انزعاج عندما تؤخذ منه أشياؤه يذهب ويبحث عن غيرها.

متعلق بشكل كبير بالسيارات، يحب مشاهدتها واللعب بها بشكل سليم، كان في فترة ما يدير عجلاتها ويحب رؤية أي شيء يدور، لكن سرعان ما اختفت هذه الحالة، وكذلك المشي على أطراف الأصابع مارسها لفترة قصيرة، ولم يعد يمشي بذلك الشكل.

تواصله البصري جيد، ينظر إلي مباشرة حين أحدثه، في بعض الأحيان لا يستجيب للنداء، لكني أحس أنه يتعمد ذلك ليثير انتباهي له، يقلدني في معظم الأشياء، بحيث إنه يمسك ملعقة، ويأخذ صحنا فيتظاهر بأنه يأكل، أو يبحث عن المفتاح، فيذهب مباشرة ليضعه في الباب، كذلك يحاول ارتداء ملابسه بنفسه، يشير (باي) حين يودعه أحد، يفهم بعض الأوامر البسيطة كاعطني، أو خذ، أو أجلس، أو أغلق الباب، لا يشير للأشياء لو أرادها إنما يذهب ويأخذها بنفسه، ولو لم يستطع يفكر في وسيلة كي يتسلق عليها لتوصله للشيء الذي أراده.

يمسك الهاتف ويضعه بشكل سليم على أذنه، ويتحدث بكلمات وأصوات غير مفهومة، ويتفاعل لو أحس أن محدثه يضحك فيضحك معه، كما أنه يحب احتضاني حين أشعره بغضبي منه، تركيزه لا بأس به، يحب تركيب لعبة (LEGO) لكن سرعان ما يسقط ما شيده.

لا أخفيكم سرا في البداية كانت تراودني مخاوف عن إمكانية إصابته بطيف التوحد -لا قدر الله- لذا قررت أن ألجأ إليكم لترشدوني وتجيبوا على كل مخاوفي.

هل يعتبر ابني سليما، وتأخره اللغوي طبيعيا في هذا السن؟ مع العلم أنه يعيش في أسرة تتعدد فيها اللغات، فلغتي الأم مختلفة عن لغة أبيه، وأنا أحدثه منذ ولادته بلغتي، إضافة أننا في بلد أوروبي يستقبل أيضا لغة أجنبية من الأطفال أم أنه يحتاج لدورات تخاطب؟ وهل مخاوفي في إمكانية إصابته بطيف التوحد -لا قدر الله- فيها شيء من الصحة أم أن نموه طبيعي لا يستدعي أي قلق؟

مع العلم أنني أجريت له فحوصات جسدية تؤكد سلامة سمعه وصحته، -ولله الحمد-.
أعتذر منكم على الإطالة، وأشكركم على هذه الفرصة التي منحتموني إياها من وقتكم الثمين لتستمعوا لقلقي وخوفي على ابني الوحيد.

جزاكم الله خيرا، وأعانكم على فعل الخير دائما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم إياد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا من ألمانيا، ولا شك أنه أمر مقلق مع ابنك الوحيد، حفظه الله وأقر به أعينكم.

ليس بالضرورة ومن خلال كل ما ورد في سؤالك عن طفلك أن عنده ملامح طيف التوحد، وما وصفت من تأخر اللغة بالشكل الذي ذكرت لا يشير أيضا لتأخر اللغة الذي نراه في التوحد، ومن الصعب تشخيص التوحد لمجرد موضوع اللغة.

ولا يبدو طفلك يمانع بالاحتكاك واللعب مع الأطفال، حيث إنه وكما فهمت يلعب مع الأطفال ويسابقهم، ويحسن أو يفهم طرق استعمال الأشياء كالهاتف والسيارات...، فهذه صفات تكاد تنفي وجود طيف التوحد، وخاصة الشديد منه.

ومن الطبيعي أن معظم الأطفال قد لا يستجيبون أحيانا لأمهاتهم، وخاصة عندما يكون الطفل مندمجا في لعب أو هواية ما، أو عندما يريد جذب الانتباه لنفسه، فلا تقلقي من هذا الأمر.

وليس غريبا على أطفال العرب الذين يعيشون في الغرب، وخاصة أن والداه يتكلمان لغتان مختلفتان، لا غرابة أن يتأخر عنده الكلام بعض الشيء، وموضوع تكلم الطفل بلغة دون الأخرى هذا موضوع آخر يتعلق بالهواية، وليس بالتوحد.

وطالما أنكم أخذتم الطفل لطبيب الأطفال، وطمئنكم أن صحته طيبة بشكل عام وأن حواسه طبيعية... فربما يفيد الانتظار من 4-6 أشهر، وفي نفس الوقت سجلي ملاحظاتك عن سلوكيات الطفل، وما يفعله أو لا يفعله، فهذا يفيد جدا في التقييم.

وإذا لم يحدث تغيير يذكر، فلا بأس من عرض الطفل مجددا على طبيب أطفال، وكذلك على أخصائية تخاطب ليقوم كل منهما بالفحص العام والشامل، ولينفيا وجود أي شيء مقلق، وإن شاء الله لن يجدا شيئا مقلقا سوى تأخر النطق، وهو أمر شائع عند الأطفال.

حفظ الله طفلك، وأقر عينيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات