السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا طالب هندسة مغربي (23) سنة، اجتماعي، هادئ، سعيد، ومحبوب، وليست لدي أي مشاكل عائلية أو في الدراسة، لا أتعاطى أي مخدرات، وغير مدخن.
خلال حياتي عانيت فترات انتابتني خلالها أفكار وسواسية؛ فمرة وسواس حول إصابتي بالإيدز بعد قيامي بعلاقة جنسية مع عاهرة في سن 15 -سامحني الله-، ومرة خوف من الموت، لكني تمكنت من التغلب عليها، كما عانيت منذ الصغر لفترات من أرق حاد مفاجئ دون سبب غير مصحوب بأية أعراض قلق، وكنت دائما أتغلب عليها دون اللجوء لأية أدوية.
قبل شهرين أصبت بآلام حادة في البطن، وعند الذهاب للمشفى، وإجراء الفحوصات، قال لي الطبيب: إن ما تعاني منه هو تجمع الغازات، ليس إلا. ووصف لي أدوية، لكن استمرار الألم والإحساس بالدوخة والصداع، وفقدان الشهية والوزن رغم العلاج أرجع إلي وسواس الإيدز بعد أن نسيته لسنوات عديدة، وبعد (15) يوما تمكنت من نسيانه، وعدت لنشاطي وحيويتي 100%.
لكن قبل أسبوع حيث كنت مستلقيا على السرير وبشكل مفاجئ تعرضت لنوبة استمرت معي بشكل متواصل إلى الآن من الذعر والهلع، والخوف، والحزن الشديد، لدرجة أني لا أستطيع أن أثبت في مكان واحد، أو أجلس، وعدم الارتياح، ورغبة الأكل قلت، ولا أستطيع النوم إلا لدقائق، وبعدها أفيق، ولدي تشويش بسيط في الإدراك، وعدم القدرة على التركيز، فذهبت إلى شخص متخصص في الرقية الشرعية، لكنه أخبرني بعد تلاوته للقرآن علي أن ما أعاني منه لا علاقة له بموضوع الجن أو السحر، والحمد لله. ومن ثم ذهبت البارحة إلى طبيب عام بقصد المشورة، فقال لي مباشرة بعد أن رآني قبل سردي للأعراض: إن ما تعاني منه هو حالة ذعر وقلق، وإن صحتك جيدة -طبعا بعد فحصي- ووصف لي أقراص مغنسيوم (xanax 0.5mg)، وتناولته البارحة فنمت .
لكني أحس اليوم بقليل من التشويش في الذاكرة والتركيز، ونوع من الشرود، فهل هذا بسبب الدواء؟ وهل هذا الدواء جيد؟ وهل هو إدماني؟ أيضا ما يرعبني الآن كثيرا هو أفكار بأنني سأجن، أو أنني مجنون، وعندما أقرأ أخبارا حول انتحار شخص ما؛ أقول: إنني سأصبح مثله! وضحوا لي هل التفكير بالجنون يؤدي إليه أم لا؟ وهل هذا مرحلي أم أنه مستمر؟ وهل سيؤثر على دراستي؟ خاصة أنني في السنة النهائية.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: النوبة المفاجئة التي تعرضت لها من الواضح أنها نوبة هرع وهلع، وهذا نوع من القلق النفسي الحاد جدا والمخيف والذي يأتي دون أي مقدمات، ويكون القلق هو المهيمن على الإنسان فيه، وهذه النوبات بعد أن تخف في وطأتها وتختفي -أو لا تختفي كاملا- يبدأ الإنسان في الوسوسة، ويبدأ الإنسان في المخاوف، وتظهر لدى الإنسان ما نسميه بالقلق الافتراضي -الاستباقي- أي: يوسوس الإنسان عن أمور ليس من الضروري أن تقع أو هي غير موجودة.
هذا هو الذي حدث لك، وقطعا أفكارك الحالية التي تزعج كيانك من خلال أنك سوف تجن -أو شيئا من هذا القبيل- وكذلك المخاوف حول الانتحار: هذا كله وسواس استباقي، وسواس افتراضي، لن يحدث منه شيء أبدا -بإذن الله تعالى-.
ويا أخي الكريم: شخصيتك من الواضح أنها تحمل نواة قلقية في الأصل، ولديك أيضا جوانب وسواسية. لا أريدك أن تعتبر نفسك مريضا، هذه مجرد ظواهر، والحمد لله تعالى أنت على الاستقامة، وما اقترفت من ذنب مضى أنت قد استوفيت شروط التوبة، وأسأل الله تعالى أن يغفر لك.
ذهابك لمقابلة الطبيب أمر جيد، وخلاصة حالتك أنها نوع من قلق المخاوف الوسواسي الذي نتج من نوبة هلع وفزع.
الـ (زاناكس Xanax) والذي يعرف علميا باسم (البرازولام Alprazolam) دواء جيد جدا، لكنه دواء مؤقت، ولا ننصح بالاستمرار عليه لفترة طويلة، لأنه بالفعل قد يؤدي إلى الإدمان. لا تتناوله أكثر من أربعة إلى ستة أسابيع بالكثير.
والتشويش الذي تحس به الآن وعدم التركيز لا علاقة له أبدا بالزاناكس، الزاناكس على العكس يساعد في تحسين التركيز.
الذي أراه الآن هو أن تتجاهل هذه الأعراض تماما، وأن تمارس الرياضة، وأن تمارس تمارين استرخائية، وأعتقد أنك محتاج لدواء غير الزاناكس وغير المغنسيوم Magnesium، الدواء مثل الـ (سيبرالكس Cipralex) سيكون فاعلا ومفيدا، وسيكون حتما أفضل من العلاج الذي تتناوله الآن.
شاور طبيبك حول السبرالكس، فإن وافق فابدأ في تناوله مباشرة، مع الالتزام التام بالجرعة، وأنت لا تحتاج لجرعة كبيرة. ابدأ بخمسة مليجرام (نصف حبة)، تناولها يوميا لمدة أسبوع، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميا، وهذه جرعة بسيطة، وسوف تكون كافية في حالتك، استمر عليها يوميا -أي العشرة مليجرام- لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
اجتهد في دراستك، وإن شاء الله تعالى لن يكون هنالك أي تأثير سلبي عليك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء والعافية، وأسأل الله تعالى أن يجعلك من المتفوقين والمتميزين.