ما معنى الدنيا في نظر الإسلام؟ وكيف أحافظ على أوقاتي؟

0 329

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد أن أعرف ما معنى الدنيا التي نعيشها في نظر الإسلام؟ ولماذا هي صعبة هكذا؟ ولماذا الفراغ يملأ قلبي لهذه الدرجة ويملأ أوقاتي؟ وماذا أفعل لأحافظ على أوقاتي، وأستغلها استغلالا جيدا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويسعدك ويصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير، وأن يطيل في طاعته الآجال، وأن يحقق بفضله الآمال.

فإن الدنيا هي مزرعة الآخرة، وهى الممر لدار القرار، والإسلام دين الجمال والتوسط والتوازن والكمال، ولذلك قال الكبير المتعال: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك} وكان أكثر دعاء النبي: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وجاء رجل إلى مجلس الفاروق عمر -رضي الله عنه- ثم تكلم عن الدنيا فوضعها، فقام رجل كان يجلس إلى جوار الفاروق، وقال: "صدق الرجل فيما قال، إلا في حديثه عن الدنيا؛ فإنها مطيتنا إلى الآخرة، ومزرعتنا إلى الآخرة". وقد فهم الصحابة قيمة الدنيا، وأعطوها حجمها المناسب، ولم تتمكن الدنيا من الدخول إلى قلوبهم العامرة بحب الله، وظلت الدنيا في أيديهم فقدموها، فنالوا بها رضوان الله، وفيهم من كان يدفعها بالراحتين والصدر.

ومن حكمة الله أنه جعل الدنيا مكانا للكدر، والإنسان فيها كادح، وشتت الله شمل من جعلها هما له؛ حيث جعله يركض ويلهث مع أنه لن ينال إلا ما كتب له، وقد صدق من قال فيها:

جبلت على كدر وأنت تريدها ** صفوا من الأقذاء والأكدار
ومـكلف الأيـام فـوق طباعها ** متطلب في الماء جذوة نار

ومن هنا فنحن ننصحك باغتنام الأوقات؛ لأن الوقت هو الحياة، والدنيا ساعة فلنجعلها لربنا طاعة، والنفس طماعة، فهيا نعلمها القناعة، وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض أصحابه: "إنما أنت أيام مجموعة، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك". وقال ابن القيم: "إذا رأيت المرء يضيع من أوقاته، فاعلم أنه يعجل بوفاته". فاغتنم لحظات الفراغ، واغتنم أيام الفتوة والشباب، وتذكر ما قالته حفصة بنت سيرين: "يا معشر الشباب، عليكم بالعمل، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب".

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونشكر لك هذه الاستشارة التي نتمنى أن تعقبها صحوة وانتباهة، ونسأل الله أن يشغلنا بما يرضيه، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وفقك الله، وحفظك، وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات