أعراض القولون العصبي تهدد حياتي المهنية، فكيف الخلاص منها؟

0 196

السؤال

السلام عليكم.

دكتوري العزيز جزاك الله خيرا لما تنفع به العباد، جعله ربي في ميزان حسناتك، ورفعك قدرا ودرجة وعلما في الدنيا والآخرة.

أنا فتاة عمري 30 سنة، غير متزوجة، طولي 160 سم، ووزني 60 كلغ، تخرجت مؤخرا ونلت درجة الماجستير بتقدير امتياز -ولله الحمد-، طموحة ومثابرة وواثقة من نفسي، رغم تعرضي للكثير من العثرات والظروف الشخصية -ولله الحمد-، تعرضت منذ 4 سنوات تقريبا لظرف سيء، أحسست بعدها بأعراض غريبة لم أفهم سببها إلا مؤخرا، وهي أعراض القولون العصبي.

بدأت أحس بتسارع في دقات القلب، وبنج في اللسان، وتنميل في الرجل اليمنى، والشعور بالبرودة، ومغص ووخزات في الجهة اليسرى من البطن، وانتفاخ وغازات، رغم توقفي عن تناول البقوليات، فتطور الأمر إلى قلق وتوتر، وأحيانا الشعور بالاكتئاب بلا سبب واضح، فبدأت أتهرب من حضور المناسبات، رغم أنني اجتماعية ومرحة، وأحب الحياة والناس.

مؤخرا بدأت أنتف شعر رأسي، وصرت أخاف من التجمعات والسفر، وأخاف من الحشرات بطريقة مرعبة، وأخاف الجلوس في غرفتي لوحدي، حيث تأتيني تخيلات بأن أحدا يمشي حولي، أو سيدخل علي.

أنا -ولله الحمد- مواظبة على الصلاة وقراءة القرآن، وحنونة وحساسة جدا، وأحب مساعدة الناس، وقد حصلت على وظيفة مهمة، وهي أول وظيفة أعمل بها، وتتطلب مني أن أكون قيادية، وأقوم بالاجتماعات وتوجيه الموظفين، ولا أريد أن أخفق، أو أنسحب من المنصب بسبب القولون؛ لأنني أفكر بهذا الأمر، أريد أن أبدأ حياتي المهنية وأنا واثقة من نفسي، وعلى أتم الاستعداد للمهام الوظيفية، بدون خوف أو انسحاب.

أتمنى أن تساعدني، علما بأنني لم آخذ أي علاج دوائي للقولون إلا طارد الغازات، وأجريت غسيل القولون مرة واحدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أسعدني جدا - أيتها الفاضلة الكريمة - محافظتك ومواظبتك على الصلاة وتلاوة القرآن، وشخصك الحنون والطيب، هذا أعجبني كثيرا وشرح صدري، وقطعا من هم على شاكلتك -إن شاء الله- لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. هذا أولا.

ثانيا: أبارك لك الوظيفة التي حصلت عليها، وأسأل الله تعالى أن يجعلها لك فيها خيرا.

من خلال تفحصي لرسالتك - أيتها الفاضلة الكريمة - وجدت أنك بالفعل شخص حساس، شخص مثابر، أفادك القلق في النجاح، هذه الإنجازات - الحصول على الماجستير، الحصول على وظيفة ممتازة - هذا كله نتج بعد فضل الله تعالى من طاقة القلق الإيجابية التي هي متوفرة لديك، لكن في ذات الوقت لديك الجانب السلبي في القلق، مما سبب لك الصعوبات النفسية والجسدية خاصة المتمركزة حول الجهاز الهضمي وأعراض القولون العصبي (Irritable Bowel) وبقية الأعراض الأخرى.

الأمر تطور عندك قليلا، وأخذ منحى ظهور المخاوف، أصبحت المخاوف أيضا تحاصرك من هنا وهناك، والمخاوف أصلا ناتجة من نواة قلقية صلبة، ويظهر الخوف نتيجة لتجارب سلبية قد يكون تعرض لها الإنسان دون أن يعيها أو يدركها، خاصة فيما يتعلق بالقلق الاجتماعي.

إذا - أيتها الفاضلة الكريمة - خلاصة الأمر: أنت شخص ناجح -إن شاء الله تعالى- أنعم الله تعالى عليك بالكثير والكثير، وكل الذي بك هو نوع من أعراض قلق المخاوف الذي نتج عنه شيء من الاكتئاب النفسي الثانوي والبسيط، والقلق والمخاوف زادت أيضا من أعراضك الجسدية، والتي أحب أن أسميها (نفسوجسدية) (سيكوسوماتية Psychosomatic) وهكذا دخلت في هذه الحلقة المفرغة (قلق - توتر - أعراض جسدية، والأعراض الجسدية تؤدي إلى المزيد من القلق والتوتر - والاكتئاب) وهكذا.

أولا: أريدك أن تفكري بطريقة إيجابية، فأنت - الحمد لله تعالى - حياتك كلها إيجابيات، حقري فكرة الخوف من الآخرين، خاصة في الاجتماعات، حباك الله تعالى بهذه الوظيفة، وأنا أؤكد لك أن لا أحد يراقبك في أثناء الاجتماعات، أبدا، وإن أحسست بشيء من التلعثم أو تسارع في ضربات القلب أو شيء من الرجفة، هذه مشاعر خاصة بك أنت، وتظهر في شكل مبالغ فيه، ولا أحد يشاهدها، كما أنك لن تفقدي أبدا السيطرة على أي موقف، أطمئنك تماما.

وأريدك أن تركزي على التمارين الاسترخائية، فيها خير كثير جدا. استرخاء النفس واسترخاء العضلات يؤدي إلى هدوء نفسي، يؤدي إلى زوال الأعراض النفسوجسدية.

ممارسة شيء من الرياضة خاصة رياضة المشي وجدناه مفيدا، ومفيدا جدا، فاجعلي ذلك جزءا من حياتك.

أيتها الفاضلة الكريمة: حتى تطمئني تماما ويزول عنك قلق المخاوف - خاصة المخاوف البسيطة ذات الطابع الاجتماعي - أعتقد أن تناول عقار (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline) سيكون مفيدا لك، دواء سليم، غير إدماني، غير تعودي، وأنت تحتاجين له بجرعة صغيرة جدا، وهي نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) يتم تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة ليلا - قوة الحبة خمسين مليجراما - استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي بعد ذلك الجرعة من أجل التوقف التدريجي عن الدواء، واجعلي الجرعة خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

يضاف للزولفت دواء بسيط جدا يعرف تجاريا باسم (إندرال Inderal) ويعرف علميا باسم (بروبرانلول Propranlol)، وجرعته المطلوبة في حالتك عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقفين عن تناوله.

وإن أردت أن تستشيري طبيبا نفسيا فهذا أيضا أمر رائع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات