السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي للجميع، وبعد؛ عمري 30 عاما، تعبت من نفسي كثيرا، أحيانا أرى نفسي طبيعيا، وأحيانا أدرك أن ما أعانيه ورطة وخللا نفسيا يحتاج لعلاج، وأتمنى منكم مساعدتي في تشخيص ما أعانيه، فقد نشأت بين مشاكل عائلية، وعشت بعيدا عن والدتي.
كانت لدي مشكلة صحية دامت أكثر من 20 سنة، ثم اضطررت لجراحة، وتحسنت -ولله الحمد-، من قبل سنتين كنت شخصا شبه طبيعي، محافظا على صلاتي، وإيجابيا وهادئ الطبع، وراضيا بالحياة مهما كانت سيئة، ومتفائلا.
بدأت أعاني من أعراض بدأت بعدما حان اتخاذ قرار هل أكمل الجامعة أم أبحث عن عمل؟ واخترت الجامعة بحماس، وانطلقت أول سنة رغم صعوبة الحال، وحين موعد الاختبارات بدأت الهمة تنحدر حتى أقنعت نفسي بأنه لا جدوى من الدراسة، ولن أحصل على شيء بعدما أتخرج، مجرد عمر يمضي، وتعب، وخسائر، وانسحبت وجلست بالبيت، وأصبحت شخصا يائسا، وبدأت معي هذه الأعراض.
لا أستطيع إكمال الدراسة رغم حبي للتعليم، صار منهجي الهروب من كل المناسبات والمجتمعات؛ خوفا من سؤال الناس لماذا أنت بهذا العمر ولا زلت عاطلا، صرت أقضي وقتي على أشياء فاضية، مثل النت، والخروج مع بعض الأصدقاء المشابهين لوضعي، كل مدة يكون اهتمامي بشيء معين، أو هواية معينة، لكن سرعان ما أجدني قد استبدلتها، وأحدث نفسي بين الحين والآخر: لماذا لا أكون كالآخرين يسعون لأنفسهم ويحققون أحلامهم؟!
أسكت هذه الأفكار بأن الرزق مقسوم، ومقدر علي أن أكون كذلك، أقوم بفعل الأشياء اليدوية ولا أكملها، في كل شيء أتحمس له لا بد وأن أعزف عنه بنصف الطريق، وأدعه في مهب الريح، أسخر من كل شيء، انعدمت قيمة الحياة.
كلما أفكر في صعوبة الحياة وضعف حالتي المادية أنا وعائلتي؛ تأتيني مشاعر حزن وشفقة فضيعة فوق العقول، أود أن أنهي حياتي ولم أمتلك الجرأة؛ بسبب إيماني أن هذا ليس الحل، ولكن كلما يحصل لي موقف يشعرني بأن ليس في يدي أدنى قدرة، فأعاود التفكير بالانتحار.
انعزلت عن العالم، وصرت وحيدا، في الغالب أحاول أن أمرر الوقت بأي طريقة دون أن أختلط بالبشر، وأشعر كأني مشوش الفكر، ولا أعلم ما الذي يجب علي فعله، أو ما الشيء المناسب لي!
صعوبة القيام بالمهام اليومية: كسل وخمول، ومعنوية هابطة، وتأجيل لكل شيء، والندم على ذلك بوقت قريب، ما عندي أي رغبة في حضور أي مناسبة، لحظات يأتيني الحماس لنفسي ومستقبلي، ولحظات العكس. عند النوم لا أحب أن أستيقظ، وبعد الاستيقاظ أشعر وكأن هذه الدنيا جمعت على صدري ضيقا واكتئابا فضيعا، لا أستطيع محادثة أحد، وتبقى لنصف ساعه ثم تبدأ تخف بالتدريج.
انتشر مع بعض الأصدقاء علاج للصرع، له مفعول مريح ومهدئ، اسمه (ليريكا) جربته وشعرت بأن الحياة يمكن الاستمتاع بها، ولكن بعد انتهاء مفعوله أعود كما كنت، وقررت الاستمرار عليه تقريبا ستة أشهر فعاد الحماس للدراسة، أحببت الحياة، وصرت شخصا شبه طبيعي بتصرفاتي وتعاملي مع الحياة، ولكن لدي علم بأنه ليس الدواء المناسب، فقررت تركه.
فجأة أول يومين مررت بمشاعر تميل للحزن والسوداوية، وعدت كما كنت بلا همة، ولا أدنى حماس، وانعدام الأمل والصبر، وجربت البروزاك، وفي أول يوم شعرت بشعور غريب جدا، رأيت الأمور بطريقة افتقدتها أيام ما قبل العاشرة من عمري، وثاني يوم كذلك جمعت بين البروزاك واليريكا؛ بسبب افتقادي لما تخلفه من إحساس جيد، ثم تخليت عن البروزاك شهرا، ورجعت أستعمله، لكن لم تأت تلك اللذة الطفولية إن صح التعبير، تركته واستمررت على الليريكا.
اعذروني للإطالة، فهذا ما أمتلكه من تعبير.
شكرا إن كان هناك من مر من هنا، والله لطيف بالعباد.