أثر سوء التربية على النشء وسبل معالجتها

0 563

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفاضل!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبين يدي فضيلتكم أعراض لأمراض ملازمة لشباب مسلم بمنطقتنا، نرجو من فضيلتكم مدنا ببرامج عملية للعلاج.
وصف طبوغرافي للحي:
هو حي في وسط الخرطوم العاصمة، ليس بالحي الشعبي المحض ولا الأرستقراطي، يقع بين حيين: أحدهما حي راقي جدا والآخر شعبي.

الحالة الاقتصادية لمعظم ساكنيه فوق الوسط، عدد منازل الحي تقريبا 350 منزلا، بالحي مسجد، ونادي، وبه مدرستان ابتدائيتان للبنات ومدرسة للأولاد، بالقرب من الحي مدرسة ثانوية للبنات.

الفئة المعنية بهذا التصور:
مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 16-20 سنة، بعضهم في المدارس الثانوية والبعض في السنوات الأولى للجامعة (مع العلم أن الجامعات مختلطة)، بكل الإفرازات المتوقعة للمراهقة المتأخرة.

أوصاف مختصرة للأعراض:

1- التهاون في أداء الصلوات وعدم الاكتراث حتى بصلاة الجمعة.

2- العقوق الظاهر للوالدين (حتى أن بعضهم يتشاجر مع والديه علنا أمام الناس في الشارع)، وعدم احترام الكبار، والشعور بالاستقلالية والنضج.

3- سب الدين والتلفظ بألفاظ بذيئة جدا.

4- التسكع في الشوارع ومعاكسة الفتيات وانتظارهن في أطراف الشوارع.

5- الحديث الطويل بالهاتف مع البنات (يستمر أحيانا لأكثر من ثلاث ساعات!!)، مع تبادل رسائل غاية في الفحش، وصور فاضحة فيما بينهم.

6- التردد على أماكن مشبوهة والضلوع في تجارات مشبوهة على صغر سنهم.
7- لبس السلاسل والأسورة والتشبه الشديد بالكفار في الزي وطريقة المشي والحلاقة والألفاظ.

8- استعمال الآلات الحادة في الشجار، والمزاح.

9- السرقة من الأهل (الوالدين والضيوف).

10- ضبط حبوب مخدرة وعوازل ذكرية في ملابس بعضهم.

أسباب مشتركة فاقمت الأزمة:

1- العطالة والفراغ شبه الدائم:
لقلة الرغبة في الدراسة ومن ثم تدني المستوى الدراسي، قلة السيطرة عليهم من قبل ذويهم، ممارسة ألعاب لا توفر صحة بدنية جيدة (كالبليارد، ألعاب الكمبيوتر)، عدم الاشتغال بأعمال نافعة في الإجازات.

2/ الخلل الواضح في الدور الرقابي لأولياء الأمور:
بعضهم قد توفي آباؤهم، وصعب أمر التربية على الأمهات، وبعض الآباء وجوده وعدمه سواء، الجهل الواضح بالدور التربوي للوالدين والأسرة، قلة تدين الآباء والأمهات أصالة، ظن بعض الآباء أن هذه المرحلة لابد للطفل من دخولها (وخليهم يعيشوا شبابهم) كما يقول بعض الآباء.

3- قلة انتشار الدعوة في الوسط الشبابي وندرة القدوة الصالحة، (إذ يعد الشباب المستقيم بعدد الأصابع، وحتى هؤلاء فقليلو الخبرة حول هذه المسائل).

الفرص المتاحة:

1- وجود المسجد وإمكانية توجيه خطب الجمع والدروس حول هذا الموضوع.

2- إمكانية عقد أنشطة دينية في المدارس الابتدائية والثانوية بالحي.

3- إمكانية استخدام النادي (وهو مجاور للمسجد) في نشاطات تعبوية (ندوات، محاضرات، معارض ..الخ).

هذا هو الوضع باختصار شيخنا الفاضل.
وقد أردنا الشروع في حل هذه الإشكاليات بصورة مؤسسة وممتنة، توكلا على الله، ثم استهداء بخبراتكم التربوية، ونؤكد على رغبتنا في تلقي برامج عملية من فضيلتكم لتسهم في العلاج بإذن الله.

نفع الله بكم الأمة وجعلكم ذخرا لهذا الدين.
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاصم .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يجزيك عن الإسلام والمسلمين خيره، وأن يكثر من أمثالك، وأن يجعلك من الصالحين المصلحين، وأن ينفع بك أهلك وبلدك وأمتك كلها.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فيسرني أن أبدي لك إعجابي وتقديري لهذا العرض الرائع للمشكلة، وأسأله جل جلاله أن يوفقك إلى كل خير، وأن يعينك على الاستفادة من هذا التميز في شتى مناحي حياتك، فهو طرح جدير فعلا بالاهتمام، وينم عن عقلية متزنة ومرتبة.

وأما عن لب المشكلة، فأرى والله أعلم أن أساسها هو سوء التربية في مرحلة الطفولة المبكرة والمتأخرة، فهؤلاء الشباب كلهم ضحايا -مع الأسف الشديد- تربية غير سوية، وإهمال واضح من قبل ذويهم وأسرهم، وهذا مما يجعل العلاج صعبا، ولا تصلح معه جهود أو نصائح أو إرشادات شخص مثلي أو مثلك، وإنما لابد أن تتبنى مشروع الإصلاح هيئة أو مؤسسة سودانية ذات علاقة بالشباب والنواحي الاجتماعي، على أن يتوفر بها كوادر تربوية متخصصة؛ حتى تستطيع أن تعيد هؤلاء الشباب إلى وضعهم الطبيعي، حتى يكونوا أدوات بناء ونهضة في المجتمع، وليسوا عوامل هدم أو تدمير أو إزعاج للمجتمع، مع الوضع في الاعتبار استغلال الإمكانات المتاحة، مثل المسجد والنادي والمدارس الموجودة بالحي، حيث أنها أماكن مناسبة جدا للقيام بجميع الأنشطة التي أشرت إليها في رسالتك.

فأرجو أن تتكرم بعرض المشكلة على إحدى مؤسسات التربية لديكم، مثل كلية التربية أو إحدى المؤسسات الشبابية الرسمية أو الأهلية، أو إحدى الجمعيات الدعوية ذات الطابع الشبابي والاجتماعي؛ لأن العلاج يحتاج إلى وقت وجهد ورجال، ولا يكفي معه توجيه النصائح المجردة، وإنما لابد من المعايشة الواقعية، وإنشاء المعسكرات التأهيلية، حتى يحدث الاحتكاك المباشر بين الشباب والكوادر الموجهة، مما يكون له أكثر الأثر في الاستفادة من محور القدوة الحسنة، والذي يؤثر أثرا يفوق الخيال والوصف.

فأتمنى أخي عاصم أن تساهم في حل هذه المشكلة بالبحث عن الجهات ذات العلاقة لديكم، والاستعانة بها، مع عدم إغفال الجانب الديني بحال من الأحوال، فإن الدين وحده هو الكفيل بحل هذه المشكلة والقضاء عليها، شريطة وجود شخصيات مقبولة ومحبوبة من الشباب، وأنا واثق من قدرتك وقدرتكم جميعا على ذلك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات