السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي هي أنني أكره الكلام والعلاقات مع الناس، والاجتماع معهم وتكوين العلاقات، ولم أر أقاربي منذ سنة كاملة، وفي الجامعة لا أتحدث مع أحد، وحتى لو أراد أحد التحدث معي أتهرب وأنهي الكلام بسرعة، وفي القاعة لا أحب أن يجلس أحد بجانبي، وسؤالي عن اسمي، وفي أي مستوى، فأنا أجلس وحيدة، وأفضل هذا وأكون مرتاحة أكثر، وإذا أراد أحد التواصل معي في مواقع التواصل أرفض وأتعذر، لا أجلس ولا أرتاح إلا مع أهلي في البيت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مشكلة التطبع الاجتماعي إذا لم يضع الإنسان كوابح لنفسه في بعض الأحيان قد يستمرئ الوضع الخاطئ ويستمر عليه، يعني أن التطبع الاجتماعي يصنع ويبنى ويكون، فهو ليست عملية تلقائية أو آلية، والإنسان بطبعه ميال لأن يكون مخلوقا اجتماعيا، هذا لا شك فيه، ومن يحس بأن هنالك خللا في مستوى تواصله الاجتماعي أو تطبعه يجب أن يعدل ذلك من خلال تطوير مهارات اجتماعية جديدة.
أنصحك - أيتها الفاضلة الكريمة - أن تقرئي عن (الذكاء العاطفي) أو (الذكاء الوجداني)، ومن أفضل وأشهر الكتب هو الكتاب الذي كتبه (دانيال جولمان Daniel Goleman's) سنة 1995، وهو مؤسس لهذا العلم، هذا علم مهم جدا، الذكاء الوجداني يعتبر ليس أقل من الذكاء الأكاديمي، والذكاء الوجداني هو الذي يجعل الإنسان يتعامل مع نفسه إيجابيا ويقبلها إيجابيا، ويسعى لتطويرها، وكذلك يتعامل مع الآخرين بصورة إيجابية.
فأرجو أن تزودي نفسك بالمفاهيم الأساسية لهذا العلم الراقي جدا، وتسعي لتطبيق ما هو ممكن، على الأقل أساسياته، هذا هو الذي أنصحك به.
الأمر الآخر: لا بد أن تقومي ببرامج يومية للتفاعل مع الناس، واعلمي أن ذلك من مكارم الأخلاق، وأن ديننا يحثنا على ذلك، ولا يمكن للإنسان أن يفرض على نفسه سياجا اجتماعيا، هذا أمر خاطئ جدا، وأنصحك بأن تبدئي بدايات بسيطة:
أحسني التعامل مع أهل بيتك، كوني متواصلة معهم، كوني صاحبة مبادرات إيجابية تسعى دائما لتطوير الأسرة، بعد ذلك تخيري واحدة من الفتيات - من زميلاتك في الدراسة، من الفتيات الصالحات - وابدئي معها علاقة تدريجية، ثم بعد ذلك تلقائيا سوف تجدين أن شبكتك الاجتماعية قد تطورت وقد أصبحت أفضل كثيرا، وكل مفاهيمك التي تسيطر عليك الآن قد انتهت تماما.
أنا أنصحك أيضا بأن تنخرطي في أي عمل اجتماعي أو خيري، إذا كان ذلك على مستوى جامعتك، أو على مستوى الحي الذي تسكنين فيه، أو أي جمعية نسائية؛ وستجدين في ذلك إشباعا نفسيا عظيما، يطور من كفاءتك الاجتماعية.
انضمي أيضا لأحد مراكز تحفيظ القرآن؛ فالذهاب لهذه المراكز بمعدل مرة أو مرتين في الأسبوع فيه خير كثير، وعلم غزير، وأجر وفير -إن شاء الله تعالى- فاجعلي لنفسك نصيبا من هذا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.