ما هي نسبة الشفاء من الأمراض النفسية؟

0 203

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله أن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة دكتور محمد عبد العليم، وأشهد الله أني أحبك في الله، وأسأل الله أن يجمعنا بذلك الحب تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وبعد:

أنا أعاني من القلق والتوتر وانفصام وجداني، فهل رياضة كمال الأجسام مفيدة لذلك؟ لأني لا أستطيع ممارسة رياضة أخرى، لأن الأدوية النفسية التي آخذها تجعلني أهبط بسرعة، حتى أنني كنت أمارس رياضة عنيفة وهي الكونغ فو فما استطعت أن أكمل ذلك اليوم، وكاد أن يغمى علي.

ثانيا: هل الأوميجا 3 مفيدة للأمراض النفسية والذاكرة؟ وما هي الأشياء التي تزيد من هرمون ترميم الدماغ الذي يعرف بـ BDNF؟ وما هي نسبة الشفاء من الأمراض النفسية؟ وهل مرض الفصام مزمن؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا - أخي الكريم - وأشكرك على كلماتك الطيبة هذه، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا، وأحبك الله الذي أحببتنا فيه، {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.

أنا سعيد قطعا برسالتك، وبالنسبة لحالة القلق والتوتر التي تعاني منها، أرجو أن تحول ذلك إلى قلق وتوتر إيجابي، فالطاقات النفسية يمكن أن توجه -أيها الفاضل الكريم-، فعليك أن تنظم وقتك، وأن يكون لك آمال وتطلعات ومشاريع مستقبلية، وأن تكون شخصا تسعى دائما لتطوير ذاتك ولمنفعة غيرك، هذا قطعا سوف يحول طاقاتك السلبية إلى طاقات إيجابية.

موضوع الانفصام الوجداني؛ هذا التشخيص قطعا هو تشخيص فني، يجب أن يتم عن طريق طبيب نفسي مقتدر، وأنا لا أرى أنك تعاني من أي فصام، ولا أرى أنك تعاني من اضطراب وجداني، لكن قطعا لا أمتلك كل الحقائق، ولا أمتلك مجموعة أعراضك التي تعاني منها، وليس بيدي قطعا في الوقت الحاضر الأسس التي تم من خلالها هذا التشخيص.

عموما متابعتك مع طبيبك أنا أوصي به تماما، وأن تعيش حياة طبيعية وعادية ومتفائلة هذا أيضا أوصي به تماما.

والمسميات أو التشخيصات أو المتلازمات النفسية -كما يسميها البعض- ليس من الضروري أبدا أن نهتم بأسمائها أو سماتها.

أنا أعرف كثيرا -أيها الفاضل الكريم- ممن يعانون من مرض الفصام ويعيشون حياة طبيعية جدا، في وظائفهم، في بيوتهم، وفي زيجاتهم، وعلى مستوى تواصلهم الاجتماعي، وعلى مستوى عباداتهم.

فالمهم إذا هو الأخذ برأي الطبيب المقتدر، ومواصلة العلاج، والمتابعة، وفي ذات الوقت أن يفعل الإنسان نفسه. هذا هو الذي أنصحك به تماما.

أما بالنسبة للرياضة؛ فإذا كانت رياضة كمال الأجسام تعطيك الإشباع النفسي والفائدة الجسدية فلا مانع أبدا أن تمارسها -أيها الفاضل الكريم-، لكن حاول أن تتجنب حقيقة المكونات أو المكملات الغذائية التي يستعملها البعض، هذا لا أنصحك به كثيرا.

بالنسبة سؤالك حول الـ (أومجا 3 Omega) دار حولها الكثير من الجدل حقيقة، وجدت في أحد المقالات التي نشرتها إحدى شركات الأدوية أن الأوميجا 3 كأنها تعالج كل شيء، لكن قطعا هذا الكلام مردود عليه ولا نعتقد أن هذا صحيحا.

الذي نستطيع أن نقوله حول الأوميجا 3، والذي يستند لبعض الثوابت العلمية هي أنها تجدد طاقات الإنسان نسبيا، تؤدي إلى نشاط جسدي، وتؤدي إلى نوع من تحسين التركيز، وليس لتحسين الذاكرة، والبعض يقول أنها أيضا تحسن من مزاجه.

فيا أخي الكريم: ليس منها خطورة، لكن أيضا الإنسان لا يكثر منها، لأن الأوميجا 3 ترفع أيضا من سيولة الدم في بعض الأحيان، خاصة الأشخاص الذين يتناولون الأسبرين أو مسيلات الدم الأخرى، يجب ألا يستعملوا الأوميجا 3 إلا تحت إشراف طبي.

بالنسبة لموضوع المكون الدماغي المهم جدا والذي يعرف بـ (BDNF): الثابت أن الـ (بي دي إن إف) يتحسن إفرازه من خلال ممارسة الرياضة، وكذلك الصيام.

آخر الأبحاث الأوروبية تتحدث عما سموه بالانقطاع عن تناول الطعام والشراب لفترات لا تقل عن 6 إلى 10 ساعات يوميا وبصورة متقطعة، هذا هو الصيام -أيها الفاضل الكريم- وهكذا يوما بعد يوم نكتشف فوائد عظيمة لهذه العبادة الجليلة.

أما نسبة الشفاء -أخي الكريم- من الأمراض النفسية:

أولا: الأمراض النفسية متعددة ومتباينة، منها البسيط ومنها الشديد، هنالك ما هو مرض عقلي ذهاني، وشخصية الإنسان تعتبر عاملا أساسيا في درجة الشفاء التي سيصل إليها، والظروف المهيئة والمرسبة، وظروف استمرارية المرض أيضا من العوامل، لا بد أن ندركها جيدا حين نتكلم عن مآلات أو نتائج الأمراض النفسية من حيث الشفاء من عدمه.

كما أن الشفاء هو مفهوم نسبي، بمعنى أن المريض إذا تكيف مع وضعه وقام بوظائفه الحياتية بصورة معقولة، هذا نعتبره نوعا من الشفاء، حتى وإن كان الإنسان يتناول علاجه، ما دامت الحالة ذات طابع وسمات انتكاسية، فمنع الانتكاسة أيضا هو وسيلة من الوسائل التي توصلنا إلى الشفاء.

إذا هنالك تباين كبير جدا، لكن الشيء الواضح والمؤكد والمبشر أن مآلات الأمراض النفسية قد تحسنت، يعني أن نسبة الشفاء من هذه الأمراض قد ارتفعت ولا شك في ذلك.

الأدوية النفسية الحديثة، وسبل العلاج الحديثة، كل هذا أدى إلى الكثير من النتائج الإيجابية والباهرة، وإن كانت هنالك سلبيات أيضا قد دخلت: مشاكل الحياة، التفكك الاجتماعي، هبوط المنظومة القيمية عند بعض الناس، انتشار المخدرات... هذا كله أيضا له تأثيرات سلبية على الأمراض النفسية.

مرض الفصام -أيها الفاضل الكريم- قد يكون مرضا مزمنا، وقد يكون مرضا عابرا، وقد يكون مرضا وسطيا، بمعنى أن المرض يستمر لكن بأعراض أخف وأقل ولا يعيق الإنسان. حوالي 20-30% من مرضى الفصام يكون مرضهم مزمنا، وربما مطبقا -أي شديدا- و20-30% من مرضى الفصام يتم شفاؤهم شفاء تاما من هذا المرض، وتبقى البقية الباقية، وهي تقريبا 40-50% تساورهم الأعراض من وقت إلى آخر، وتظهر سمات المرض، لكن تجدهم في حالة طيبة ومعقولة من حيث دورهم الحياتي ووظائفهم الاجتماعية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات