لا أستطيع الدفاع عن نفسي وأتأثر بما يقال عني.. ساعدوني

0 281

السؤال

السلام عليكم

أكتب إليكم؛ لأنني أعاني من مشكلة أرهقتني كثيرا، فأنا شخص عديم المسئولية تجاه نفسي، أو تجاه الآخرين، لا أستطيع تحمل مسؤولية نفسي، ولا أستطيع الصبر على تحقيق الإنجازات، أؤثر الراحة في كل شيء كبيرا أو صغيرا، ولا يمكنني تحمل مسؤولية نفسي في الواجبات والفروض التي علي.

أيضا أنا ضعيف الشخصية في مواجهة الناس، وكأن (الأنا) عندي تصبح ضعيفة أمام(الأنا) القوية للآخرين، وإذا كان لي حق في موقف ما أتنازل عنه خوفا من الدخول في مواجهة مع الآخرين، حتى لو كان شيئا كبيرا يخصني، فجأة أجد نفسي وكأن أصابني الجمود، وأتسمر في مكاني.

لا أبالغ إذا قلت إنني لا أستطيع الدفاع عن نفسي أمام الآخرين حتى لو اعتدى شخص بالضرب مثلا فأنا (جبان) جدا، أيضا الحديث أمام جمع كبير من الناس مثلا لو طلب مني إلقاء كلمة في قاعة الدراسة في الجامعة لا أستطيع، وأتلعثم ويحمر وجهي، رغم إن عدد الموجودين لا يتخطى بضع مئات، ولا أعرف كيف سأواجه المجتمع بقية حياتي وأنا بهذا الحال المخزي!

هذا الكلام ليس من فراغ، وإنما من واقع تجربتي ومعايشتي للناس، فأنا حقيقة إذا ظلمني شخص، أو تعدى على حقوقي لا أستطيع مواجهته إطلاقا، أو الدفاع عن حقي، وأؤثر السلامة دائما على حساب نفسي، حتى لو شخص سلبني حقي في شيء هام بالنسبة لي، فأنا أؤثر السلامة أيضا على مواجهته.

بصراحة لقد كرهت نفسي بسبب هذه المشكلة، بقي أن أقول: إنني شخصية حساسة جدا، أتأثر بأقل كلمة تقال في حقي، وقد تسبب لي هذه الكلمة
اكتئابا قد يطول لعدة أسابيع، وأنا أؤثر راحة الآخرين على راحتي، ولا أعرف ماذا أقول!

أرجو أن تساعدوني في مشكلتي هذه، وتوجهوني، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا بما تعاني منه، ومن الواضح أنه ليس بالأمر اليسير، أعانك الله وخفف عنك.

يميل بعض الناس وبسبب تربيتهم وبعض تجارب الحياة إلى شيء من الحساسية في شخصيتهم، ويبدو أنك واحد من هؤلاء، حيث تتأثر بالأحداث والكلام الذي يجري من حولك.

ونرى عادة هذا الشخص يفكر طويلا فيما جرى، أو فيما قيل له أو أمامه، ويرتبك أمام الآخرين، وقد ينفعل، ويحمر وجهه، وترتجف بعض عضلات وجهه مثلا -كما يحدث معك عندما تتحدث مع أو أمام الآخرين- وذلك من شدة الارتباك، وقد يصل الأمر لحد أن يخجل الشخص ويرتبك من الدفاع عن نفسه ولو تعدى عليه الآخرون وأخذوا حقوقه.

ولعل ما يمر بك هو أيضا نوع من الارتباك أو الرهاب الاجتماعي، بسبب هذه الحساسية الزائدة عنك، والرهاب الاجتماعي من أكثر أنواع الرهاب، وإن كان العادة أن يحدث الارتباك أمام الغرباء، وكما يحدث أمام من معك في الجامعة، ومن النادر أن يحصل أمام أفراد الأسرة.

وما يعينك على التكيف مع هذا الحال عدة أمور، ومنها: محاولة التفكير بأن للناس همومهم الخاصة فليس عندهم وقت ليضيعوه في تتبع أمورك، أو أمور غيرك، وكما يقال: عندهم ما يكفيهم. فيمكن لهذه الفكرة أن تبعد عنك شبح مراقبة الناس لك، فهم منشغلون عنك، وأنت لست مركزا اهتمامهم، مما يخفف من ارتباكك أمامهم!

الأمر الثاني الذي يمكن أن يعينك هو: أن تذكر أنك في 21 من العمر، وأن أمامك الوقت لتتجاوز هذا الحال، وخاصة إن بادرت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذا.

تذكر أن التجنب، كتجنب الحديث أمام المعلمين في الجامعة، لن يحل المشكلة، وإنما سيزيدها شدة، فحاول الاقتراب أكثر من الناس، وتحدث معهم وأمامهم.

ولا شك أن المحاولة الأولى ستكون صعبة بعض الشيء، إلا أنك ستلاحظ أن الأمر أبسط مما كنت تتوقع، وهكذا خطوة خطوة ستتعلم مثل هذه الجرأة، وبذلك تخرج مما أنت فيه.

وثالثا مما يعينك أيضا، وخاصة عندما تشعر بأن الارتباك قادم، هو: القيام ببعض تدريبات الاسترخاء، من مثال الجلوس في حالة استرخاء والقيام بالتنفس العميق والبطيء؛ فهذا سيساعدك على ذهاب أعراض الارتباك والارتعاش.

وفقك الله ويسر لك تجاوز ما أنت فيه، وما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزها، عاجلا أو آجلا، وإن شاء الله يكون الأمر عاجلا.

مواد ذات صلة

الاستشارات