السؤال
ما فوائد الرقية الشرعية للإنسان عند سماعها؟ وهل يواصل الرقية طول العمر؟ وإذا انقطع عنها هل ترجع الأمراض الروحية والنفسية والعضوية وغيرها؟
ما فوائد الرقية الشرعية للإنسان عند سماعها؟ وهل يواصل الرقية طول العمر؟ وإذا انقطع عنها هل ترجع الأمراض الروحية والنفسية والعضوية وغيرها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المستغفرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فوائد الرقى:
لا ينكر عاقل فوائد الرقى والتعويذات، فإن ﻧﺴﺒﺔ ﻃﺐ اﻷﻃﺒﺎء ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻄﺐ اﻟﻨﺒﻮﻱ، ﻛﻨﺴﺒﺔ ﻃﺐ اﻟﻄﺮﻗﻴﺔ ﻭاﻟﻌﺠﺎﺋﺰ إﻟﻰ ﻃﺒﻬﻢ، ﻛﻤﺎ اﻋﺘﺮﻑ ﺑﻪ ﺣﺬاﻗﻬﻢ ﻭﺃﺋﻤﺘﻬﻢ، ﻭﻗﻮﻯ اﻟﻌﻮﺫ ﻭاﻟﺮﻗﻰ، ﻭاﻟﺪﻋﻮاﺕ، ﻓﻮﻕ ﻗﻮﻯ اﻷﺩﻭﻳﺔ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺒﻄﻞ ﻗﻮﻯ اﻟﺴﻤﻮﻡ اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ.
قال ابن القيم: "اعلم أن الأدوية الطبيعية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يقع وقوعا مضرا، وإن كان مؤذيا، والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصول الداء، فالتعوذات والأذكار إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب، وإما أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها، بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه، فاﻟﺮﻗﻰ ﻭاﻟﻌﻮﺫ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﺤﻔﻆ اﻟﺼﺤﺔ، ﻭﻹﺯاﻟﺔ اﻟﻤﺮﺽ:
ﺃﻣﺎ اﻷﻭﻝ -يعني حفظ الصحة-:
ﻓﻜﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ- ﺇﺫ ﺃﻭﻯ ﺇﻟﻰ ﻓﺮاﺷﻪ ﻧﻔﺚ ﻓﻲ ﻛﻔﻴﻪ: ﻗﻞ ﻫﻮ اﻟﻠﻪ ﺃﺣﺪ ﻭاﻟﻤﻌﻮﺫﺗﻴﻦ. ﺛﻢ ﻳﻤﺴﺢ ﺑﻬﻤﺎ ﻭﺟﻬﻪ، ﻭﻣﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﺟﺴﺪﻩ.
ﻭﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻮﺫﺓ ﺃﺑﻲ اﻟﺪﺭﺩاء اﻟﻤﺮﻓﻮﻉ: (اﻟﻠﻬﻢ ﺃﻧﺖ ﺭﺑﻲ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻚ ﺗﻮﻛﻠﺖ ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏ اﻟﻌﺮﺵ اﻟﻌﻈﻴﻢ)، ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ، ﻭﻓﻴﻪ: (ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺃﻭﻝ ﻧﻬﺎﺭﻩ ﻟﻢ ﺗﺼﺒﻪ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﺴﻲ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺁﺧﺮ ﻧﻬﺎﺭﻩ ﻟﻢ ﺗﺼﺒﻪ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ).
ﻭﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ: (ﻣﻦ ﻗﺮﺃ اﻵﻳﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺁﺧﺮ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﺒﻘﺮﺓ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻛﻔﺘﺎﻩ)، ﻭﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ-: (ﻣﻦ ﻧﺰﻝ ﻣﻨﺰﻻ ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ اﻟﻠﻪ اﻟﺘﺎﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺷﺮ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ؛ ﻟﻢ ﻳﻀﺮﻩ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺗﺤﻞ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺫﻟﻚ). ﻭﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻦ ﺃﺑﻲ ﺩاﻭﺩ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ- ﻛﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ: (ﻳﺎ ﺃﺭﺽ، ﺭﺑﻲ ﻭﺭﺑﻚ اﻟﻠﻪ، ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﺮﻙ ﻭﺷﺮ ﻣﺎ ﻓﻴﻚ، ﻭﺷﺮ ﻣﺎ ﻳﺪﺏ ﻋﻠﻴﻚ، ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺪ ﻭﺃﺳﻮﺩ، ﻭﻣﻦ اﻟﺤﻴﺔ ﻭاﻟﻌﻘﺮﺏ، ﻭﻣﻦ ﺳﺎﻛﻦ اﻟﺒﻠﺪ، ﻭﻣﻦ ﻭاﻟﺪ ﻭﻣﺎ ﻭﻟﺪ).
ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ -يعني إزالة المرض:
ﻓﻜﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﺎﺗﺤﺔ، ﻭاﻟﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﺮﺏ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ". زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 169).
وقول ابن القيم: "كما تقدم ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﺎﺗﺤﺔ، ﻭاﻟﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﺮﺏ" فيشير إلى ما فعله الصحابة في رقية اللديغ، وذكره "في هديه -صلى الله عليه وسلم- في رقية اللديغ بالفاتحة" قال: (فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما أنشط من عقال).
ويشير إلى ما ذكره في هديه -صلى الله عليه وسلم- في علاج لدغة العقرب بالرقية، قال: روى ابن أبي شيبة في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي، إذ سجد فلدغته عقرب في أصبعه، فانصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: (لعن الله العقرب ما تدع نبيا ولا غيره) قال: ثم دعا بإناء فيه ماء وملح، فجعل يضع موضع اللدغة في الماء والملح، ويقرأ: {قل هو الله أحد} والمعوذتين حتى سكنت.
إن الأدوية الطبيعية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يقع وقوعا مضرا، وإن كان مؤذيا، ففي كلام ابن القيم، بل وكلام علماء الأمة قاطبة أن الرقى والتعويذات تمنع وقوع الداء وتزيله إذا وقع، وهذا أقصى ما يراد من العلاجات في الدنيا، وهذه فوائدها، وليس وراء ذلك مطلب.
أما مواصلة الرقى، فقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يواظب عليها، وأعلمنا أن كل ذكر له مدة معلومة للحفظ، فبعض الأذكار يحفظ من الصباح للمساء، ومن المساء للصباح، وبعضها يحفظ في المنزل الذي ينزله الإنسان، وبعضها يحفظ اليوم كله، وبعضها يحفظ ثلاثة أيام، فينبغي الحفاظ على الأذكار الحافظة؛ لدفع الشر وحفظ النفس.
وقاك الله كل مكروه وسوء، وحفظك من كل ذي شر.