السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عزباء، في 26 من العمر، وأريد تفسير هذا الحلم من فضلكم.
"حلمت أني أنظر من النافذة لأرى أمامي سماء زرقاء بها غيوم بيضاء كثيرة، كانت هناك غيوم بيضاء جميلة كبيرة وكثيفة وثابتة في الأعلى، وهناك غيوم مختلفة الحجم ما بين الصغير والمتوسط قريبة مني، هذه الغيوم كانت تتحرك بسرعة أمامي، وكانت تتحول وتتشكل في صورة ملائكة كما نراهم في الصور القديمة على هيئة الطفل الصغير بأجنحته، ومرة على هيئة رجل طويل يرتدي جلبابا بأجنحته.. وهكذا، أي كانت ملائكة متشكلة من السحب البيضاء، وملامحهم هادئة مبتسمة، وكانوا قريبين مني، لدرجة أني لو مددت يدي لكنت لمستهم، وشعرت براحة وسعادة وأنا أنظر إليهم، وأعتقد أني ناديت أمي لتنظر معي.
وهذه ليست المرة الأولى التي أحلم بها بالسماء خلال شهر، ففي المرة الأولى: "حلمت أني في الغرفة مع طفلتين من أقاربنا، وكانت السماء صافية في البداية، إلا أني رأيت إعصارا رماديا آت من بعيد، ويقترب في سرعة، حتى أصبحت السماء ملبدة بالغيوم الرمادية، والإعصار يقترب من النافذة، فضممت الطفلتين لأحميهما بجسدي، حتى رأيت زجاج النافذة يتشقق من قوة الإعصار، عندها استيقظت".
وفي الثاني: "حلمت كذلك أن السماء ملبدة، وكانت تمطر أمطارا هادئة على الشارع، وأنا أتأملها".
وأخيرا حلمت بسحب متحولة إلى ملائكة.
حقيقة تعجبت، لأني حلمت بالملائكة، صحيح أني مسلمة، وإيماني قوي بالله، إلا أني وللأسف ضعيفة في أداء واجباتي الدينية، وأحاول كثيرا أن أؤدي فروضي، إلا أني أنقطع عنها.
بارك الله فيكم، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
خيرا رأيت وخيرا يكون.
- رؤية الملائكة في المنام عز، وقوة، وبشارة، ونصرة بعد ظلم، وشفاء بعد مرض، أو أمن بعد خوف، أو يسر بعد فقر، أو فرح بعد شدة.
- والمطر يدل على خير ورزق ورحمة.
- فمجموع الرؤى تدل على أرزاق، وفيها بركة وعصمة من الشر.
والرؤيا تسر المؤمن ولا تغره، فمع كونها بشرى، إلا أنها رسالة إلى العبد بالاستقامة، وصلاح الحال، والالتزام بما يحبه الله.
وهذا تلطف من الله بك أن يكون تذكيرك بالله ترغيبا من غير ترهيب، ولو شاء الله لكانت رسالة تخويف ورهبة، فله الحمد سبحانه، فإن رؤية الملائكة تكون لصالحي عباده، أو لمن يريد الله أن يشغلهم به، ويدعوهم إلى عبادته، فإن فهم العبد الرسالة، وإلا كانت حجة عليه.
والله إذا أحب عبدا شغله بما يحبه، في الحديث القدسي: "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه".
ورؤياك ترشد إلى أن هذه البشريات مرتبطة بطاعة الله، والمواظبة على أداء الواجبات، فتحافظين على الصلوات في وقتها، بل تكثرين من النوافل والأذكار والطاعات.
وأنت تقولين إن إيمانك قوي بالله، والقلب إذا تحقق بالإيمان التام لم يبق فيه محبة لغير ما يحبه الله، ولا كراهة لغير ما يكرهه الله، ومن كان كذلك لم تنبعث جوارحه إلا بطاعة الله، وإنما تنشأ الذنوب من محبة ما يكرهه الله، أو كراهة ما يحبه الله، وذلك ينشأ من تقديم هوى النفس على محبة الله تعالى وخشيته، فيقع العبد بسبب ذلك في التفريط في بعض الواجبات، وارتكاب بعض المحظورات، فإن من تحقق قلبه بتوحيد الله فلا يبقى له هم إلا في الله، وفيما يرضيه به، وقد قيل: من أصبح وهمه غير الله فليس من الله.
وقال بعض العارفين: من أخبرك أن لوليه هما في غيره فلا تصدقه، فقوة الإيمان لابد أن تنتج التزاما بالطاعة، ومواظبة عليها، وأفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس، وحملت عليه حملا، فاحملي نفسك على ما يرضي الله، ولا تتهاوني مع نفسك، وقولي لها: يا نفس خلقني الله على الإسلام، ولطف بي من غير طلب مني، فكيف لا أرضيه؟ وكل ما علمت فيه رضى لله، فاجعلي لنفسك فيه نصيبا.
يسر الله لك كل خير، وشغلك بما شغل به عباده الصالحين.