السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الله يحفظكم على إعانة الناس في أمورهم الدينية والدنيوية.
أنا شاب عمري 20 سنة، أدرس في الثانوية كانت لدي قدرات جيدة في دراستي، وكنت أتحصل على أعلى العلامات، وملتزم بدراستي، لكن بعد نجاحي إلى الثانوية تأثر مستواي كثيرا، وأصبحت شبه عاجز عن التفوق مثل أصدقائي الذين كنت أنا متفوق عليهم، وأصبحت الأفكار السلبية تنتابني وأقارن نفسي بالآخرين، كنت دائما أبحث عن أسباب هذا التراجع المستمر، ولم أجد حلا.
عالجت الوسواس القهري الذي أصبت به من قبل، ولا أعرف كيف أصبت به المهم -الحمد لله- الآن وصلت إلى البكالوريا، وبعد اجتيازي له رسبت فتحطمت كثيرا، وعانيت بسببه رغم أني كنت متأكدا أني سأنجح، وهي المرة الأولى التي أرسب بها، بعدها فقدت ثقتي بنفسي، وأصبح ينتابني خوف لا أعرف مصدره، ولم أعد الإنسان المتفوق الذي كان، رغم أن لدي طموحات أريد الوصول إليها بإذن الله، لكني لا أعرف المخرج.
ذهبت إلى الطبيب النفسي مرتين، وأعطى لي هذا الدواء (ISOPERIDOL)، و(Préziva) (Anafranil)، وأنا أتناوله، لكني أحس بضعف التركيز والاستيعاب.
المهم أني أتبع ارشادات الطبيب، وأريد المساعدة من الله، ثم منك، وعذرا على الإطالة، وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Azzeddine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على ثقتك في استشارات إسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم: تدارست رسالتك هذه، والذي أؤكده لك أن مقدراتك الأصلية موجودة، فأنت كنت متميزا، وكنت تتحصل على أعلى العلامات في المرحلة الثانوية، بعد ذلك حدث هذا التدهور الذي طرأ على حالتك، وربما يكون مرتبطا بتغيرات في الظروف الحياتية، والتغيرات الجسدية الهرمونية والنفسية والفسيولوجية.
الاكتئاب النفسي يأتي للكثير من الشباب واليافعين، وربما تكون أصبت بشيء من هذا الاكتئاب، مما قلل من طموحاتك وتركيزك ودافعيتك.
الذي أريد أن أصل إليه أن هذه العلة التي أصابتك وأدت إلى كل هذا التدهور هي علة مكتسبة، وجوهرك الأساسي متميز، ومقدراتك الأساسية موجودة، وأنت الآن في حالة سكون وخمول وركون، نسبة لحالتك النفسية، وقرارك بأن تذهب إلى الطبيب وتقابله ويعطيك العلاج اللازم، هذا قرار سليم وأنا أؤيده جدا، والأدوية التي كتبها لك الطبيب قطعا هي أدوية ممتازة.
التحسن البطيء دائما أفضل من التحسن السريع؛ لأنه يؤدي إلى نتائج إيجابية على المدى البعيد، أما التحسن السريع فغالبا ما يتدهور الإنسان أيضا سريعا، أو أن التحسن لا يستمر.
بجانب العلاج الدوائي: أنت مطالب بأن تأخذ بالمسارات العلاجية الأخرى، وأهمها العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavior Therapy)، والذي يتمثل في الثقة بالنفس، والتفكير الإيجابي، وأن تضع لنفسك برنامجا تدير من خلاله وقتك: وقت للراحة، ووقت للقراءة، ووقت للمذاكرة، ووقت للعبادة، ووقت للترفيه عن النفس، وتخصص وقتا للتواصل الاجتماعي ... وهكذا.
وفي ذات الوقت فكريا يجب أن تحقر الوسواس، لا تناقشه، لا تفصله، لا تحاوره، لا تسترسل معه، انته وأغلق عليه الباب من خلال التحقير، كأنك تضعه تحت أسفل قدمك، هذا يا أخي الكريم علاج نصت عليه السنة المطهرة، من خلال قوله: (فليستعذ بالله ولينته)، وهو علاج ناجع جدا، قد جربه الموفقون فانتفعوا به تماما.
على النطاق الاجتماعي: أكثر من التواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة نعتبرها أمرا ممتازا، الصلاة مع الجماعة، زيارة الأصدقاء، زيارة الجيران وتفقدهم، زيارة المرضى في المستشفيات، مشاركة الناس في مناسباتهم... هذا كله يطور من مهاراتك الاجتماعية، ويكسبك ثقة عظيمة في نفسك.
إذا: هذا هو العلاج الاجتماعي، ثم العلاج الإسلامي، وهو قطعا مهم، وقد ذكرت لك صلاة الجماعة، لأن صلاة الجماعة تؤدي إلى نوع من التواؤم النفسي الداخلي، وتجعل الإنسان يحس بأمان وتتطور مهاراته الاجتماعية، وذلك بجانب الأجر العظيم -إن شاء الله تعالى-.
الأذكار، الدعاء، أن يكون لك ورد قرآني يومي، وأن تتعلم كيف تقرأ القرآن، هذا أمر مهم وعظيم، وبر الوالدين قطعا يمهد للإنسان حياة طيبة وهانئة.
فأرجو أن تأخذ بما ذكرته لك، وتأخذ بهذه المحاور الأربعة - العلاج النفسي، والعلاج الدوائي، والعلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي - التي ذكرتها لك.
وأنصحك بالنوم الليلي المبكر، وتجنب النوم النهاري، فالنوم الليلي المبكر يجعلك تستيقظ في وقت مبكر، وتؤدي صلاتك، ويكون تركيزك في أحسن حالاته، وهنا يمكنك أن تدرس بعض المواد التي تجد صعوبة في استيعابها في أثناء النهار.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.