السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أود أن أخبركم عن حال أخ لي: إن لي أخا يدرس في الجامعة، منذ أن دخل الجامعة وحاله تزداد سوءا، ولم ير على وجهه خير، حتى عاد هذا الأمر على بقية الأمور الحياتية وليس الجامعة فقط.
هو شخص حسن الأخلاق، ولا يهمل أموره، ويصلي ويقرأ القرآن، وكان متفوقا في دراسته، وكنا نثق به جيدا ولم نشك به قط، كان يحرز علامات جيدة جدا بمذاكرته يوم الامتحان أو قبله بأيام قليلة، وكان هذا هو المعلوم والمشهور عنه.
كما تعلمون فإن الدنيا دار بلاء، فلم يدم الحال هكذا، حتى أصبحت درجاته في تدني وانحدار شديد، بالرغم من أنه لم يهمل أمره وفعل ما كان يعتاد فعله، كان الأمر فجائيا فعلا.
هو يدرس الهندسة الميكانيكية، ونحن نعلم أنه ليس تخصصا سهلا، وأنه كلما تقدم في المواد زاد الأمر صعوبة، مع أنه يفهم دروسه، وهو يحب تخصصه ويفهمه، ويحب تطبيقاته، بل منذ صغره يحب ألعاب الألغاز والتراكيب، وكان يقوم بتجميع ألعاب مفككة بسرعة تدهش البالغين، أما الآن فقد أصبح يدرس أكثر وأكثر ليعوض الفارق، وقد كان في السابق يدرس يوم الامتحان أو قبله بقليل مواد التخصص ويحرز تقدما. أصبحت النتيجة واحدة سواء درس أم لم يدرس، بالرغم من أنه يفهم دروسه، ويعلم الجميع أنه شخص يوثق به.
أصبحنا نسمعه يدعو بأن يصلح الله بينه وبين دراسته، ويرد له أمره بأحسن ما كان.
بالنسبة لنا: لم تعد المشكلة الأكبر هي الدراسة، بل أمر ثقته بنفسه، حيث تحطم تماما وأصبح يائسا، ونراه مكتئبا دوما، ويقول لنا لا جدوى من الأمر، أصبح فاقدا للثقة، وأصبح يخاف من الامتحانات، وبدأ يكره الذهاب للجامعة وحتى ذكر اسمها.
أفيدونا في موضوع -أخي- جزاكم الله خيرا، وكيف يمكن أن يعود كالسابق؟ وما هي الحلول الممكنة؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا بد أن تجلسوا مع أخيكم وتشعروه بقربكم منه، وبإحساسكم بما يعانيه، مع طمأنته أنها حالة عابرة وستزول بإذن الله، وأنه لا بد من اجتياز هذه المرحلة بعد معرفة الأسباب أو ما يعانيه، فإذا عرف السبب بطل العجب وأمكن إصلاح العطب بإذن المولى سبحانه.
والذي أتصوره أن هذا التراجع في تحصيله العلمي قد يعود لأمور من أهمها: المعاصي والذنوب التي تصيب القلب بالران، كما قال تعالى: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)، فإذا أصيب القلب بالران جعله لا يحفظ شيئا، ومعلوم أن الذنوب تسبب ضعف تقوى الله تعالى، والله تعالى جعل التقوى من أسباب التحصيل العلمي، فقال سبحانه: (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم)، وأخشى أن يكون ممن يمارس العادة السرية، والتي تسبب شرود الذهن والسرحان وقلة التركيز، فإن كان كذلك؛ فانصحوه بتركها، ويمكنكم الرجوع إلى شبكة الإنترنت لمعرفة مضار هذه العادة القبيحة، وجعله يقرأ ذلك، فهنالك أبحاث كثيرة ومفيدة.
ومن أسباب التراجع في التحصيل العلمي: أن يكون قلبه منشغلا ببعض الأمور المؤرقة والمقلقة والمشوشة للذهن، فالتحصيل العلمي يحتاج إلى الهدوء وراحة البال كما هو معروف.
ومنها: أن يكون قد أصيب بعين أو حسد، ولذلك عليكم بالرقية؛ فإنها تنفع مما نزل ومما لم ينزل.
وهذه وصيتنا له بأن يوثق صلته بالله من خلال أداء الفروض والإكثار من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن، والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، مع التضرع إلى الله تعالى بالدعاء أن يكفيه ما أهمه ويشرح صدره ويزيده علما، وعليه بهذه الأدعية: (اللهم علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني وزدني علما)، (اللهم إني أسألك علما نافعا)، وقد كان بعض أهل العلم إذا أغلقت عليه مسألة؛ دعا بهذا الدعاء: (يا مفهم سليمان فهمني ويا معلم إبراهيم علمني).
وينبغي عليه أن يذاكر دروسه أولا بأول ولا يتركها تتراكم حتى إذا بقي على الامتحانات أيام جاء ليذاكر جميع دروسه، فإنه في هذه الحال لا يمكن أن يستوعب كل دروسه، بل إن كثيرا من المعلومات التي كان قد حفظها من معلميه ستكون قد نسيها، فحياة العلم مذاكرته.
ولا بد أن يعطي جسمه حقه من الراحة، ويعتني بغذائه، فهذه من الأسباب التي تعينه على التحصيل العلمي والعودة لأحسن مما كان عليه بإذن الله تعالى.
هذا وأسأل الله تعالى أن يذهب عنه ما يجد، وأن يرزقه العلم النافع والعمل الصالح، إنه سميع مجيب.