كيف أتغلب على خوفي والماضي الذي عشته؟ وهل أحتاج لطبيب نفسي؟

0 224

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أود شكركم على موقعكم الذي أتاح لي عرض مشكلتي التي سببت لي الكثير من الألم، بدأت مشكلتي منذ صغري، فقد عشت بين أسرة مفككة، وأب يعنف زوجته أمام أطفالها عندما بدأت أكبر، وأصبحت في سن المدرسة قررت الابتعاد عن المنزل، فانتقلت إلى منزل جدتي (أمي الحقيقة)، بعد أن طلبت منها ذلك، ولم يرفض والداي ذلك، اعتنت بي وعلمتني، وكأني ابنتها مضت بي الأيام إلى أن توفيت جدتي، وقتها أصبت بصدمة وعشت حالة نفسية صعبة.

رجعت لمنزل أهلي وعاد لرأسي الصداع من مشاكلهم عند بلوغي 12 من عمري تلقيت الصدمة الثانية التي كانت من خالي الذي هو بسن أبي تحرش بي، ولم يكتف بذلك مرة واحدة، بل زاد من جرعات الألم واللوعة عدة مرات، لم أستطع إخبار أحد، ولكني في المرة الأخيرة هددته بوالدي، وأني سأخبره فخاف، وأعتذر لي، ولكني لم أسامحه، ولن أسامحه، مر على هذه الحادثة 8 سنوات.

أنا أظهر بمظهر القوية والقاسية، لا أبكي مهما تألمت، ولكني في داخلي ضعيفة وهشة، تمر علي فترات أكره نفسي فيها وأكره من حولي، ولكني أواجه هذا الإحساس بالدعاء وقراءة القرآن.

في الفترة الأخيرة تقدم لخطبتي شباب كثر، ولكني أرفضهم والسبب خوفي من الارتباط والمسؤولية، سؤالي هو: كيف أتغلب على خوفي وماضي؟ وهل أحتاج لطبيب نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا على هذا الموقع، ومعذرة على التأخر بالجواب بسبب المرض.

وأعانك الله على ما تمرين به، من التجارب المؤلمة للطفولة، وخاصة أنك ربما تشعرين بأنه لا يوجد من يفهم ويقدر الحال التي أنت فيها، والأصعب من ذلك أنك تجدين صعوبة في الحديث عن الأمر، وحتى إلى أقرب الناس لك.

مما لا شك فيه أن ما تشعرين به، وكثير من تصرفاتك إنما هي نتيجة "طبيعية" متوقعة للتجربة التي مررت بها في طفولتك من سوء المعاملة العاطفية والنفسية، ومن بعدها التحرش والاعتداء الجنسي من قبل خالك، وخاصة إنك كنت في سن الطفولة، وكان المعتدي شخص من الأسرة، وممن كان من المفترض أن يقوم على حمايتك، وهذا ما يحصل مع الأسف في كثير من حالات الاعتداء الجنسي داخل الأسرة!

وتظهر عادة عند من يتعرض للتحرش الجنسي العديد من الأعراض، ومن أهمها حالة التشوش التي أنت فيها، والكثير من الأعراض التي وردت في سؤالك من ضعف الثقة بالنفس، والخوف من المستقبل والزواج، والبكاء وكره النفس... وأكيد غيرها من الأعراض.

من المفيد أن أذكرك بأن ما حصل معك ليس خطئك، وليس ذنبك، وإنما هو ذنب خالك الذي فعل ما فعل، ومن الواضح أنك تشعرين أيضا بشيء من الغضب تجاهه وتجاه الأسرة؛ لأنه كان المفروض فيها أن يقوم بحمايتك مما جرى، وضمان تأمين سلامتك، ومن حقك أيضا أن لا تسامحي هذا الخال، وهذا الأمر يقرره أنت وليس أحد آخر.

وكثير من الفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب أو الاعتداء يحاولن نسيان ما حدث، إلا أن الذكرى تعود للذهن بين الحين والآخر، وكثير منهن يحاولن أن يعشن حياة طبيعية، إلا أن بعضهن يجدن صعوبات كثيرة مما يضطرهن لطلب العلاج، وهو بمراجعة أخصائية نفسية أو طبيبة نفسية، ممن يمكنك الحديث المفصل معها، وهي بالتالي ستأخذ كامل القصة وبالتفاصيل، ومن ثم وضع الخطة العلاجية، وتقابلك من خلال عدد من الجلسات العلاجية النفسية، التي ستعينك على تحقيق ما تريدين من أن تعودي لحال شبيه بما كنت عليه، ولطبيعتك الطيبة والبريئة، ولا شك أنك ستشعرين بالكثير من الراحة من خلال الفضفضة مع هذه الأخصائية النفسية.

نعم أنا أعلم صعوبة توفير هذا النوع من العلاج في بلادنا حيث يتجنب الكثيرون رؤية هذه المشكلة، ومتخيلين أن بلادنا خالية من مثل هذه الجرائم، وهذا بالطبع غير صحيح، فهذه جريمة موجودة في كل المجتمعات ويعاقب عليها الشرع والقانون.

أرجو أن يكون في كلامنا هذا ما يخفف عنك، ولو قليلا، وأدعو الله تعالى أن يحفظك من كل سوء، ويسدد طريقك للفلاح والنجاح والحياة الآمنة المستقرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات