السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة لكم.
مشكلتي -يا دكتور- كما هو موضح في العنوان هي القلق والتوتر والاكتئاب، فأصبحت حياتي مرهونة بحالتي النفسية، فهي تؤثر على كل مجريات حياتي.
بدايتها كانت منذ صغري، ثم ظهرت جلية عند بداية التفكير في الزواج، فبسبب كثرة التفكير والتوتر أصبت بحالة اكتئاب شديدة، لم أستطع أن أتخلص منها بسهولة، وكدت أن أفسخ خطوبتي لولا أن يسر الله لي، فذهبت إلى طبيب نفسي، ووصف لي دواء سيبرالكس 10 جرام، -والحمد لله- تعديت تلك المرحلة، وأنهيت موضوع الزواج بسلام، لكن مشكلتي لم تنته فأصبح التوتر والقلق يلازمني في كل أمور حياتي، حتى أنني أخشى أن أقوم بأي نقلة جديدة في حياتي، حتى لا أكثر من التفكير، فأصاب بالتوتر والاكتئاب.
حصلت لي مشكلة في عملي قبل فترة وبسببها تعبت نفسيتي، ولم أستطع أن أنام ولا أن آكل، وانخفض وزني بشكل ملحوظ، وأصبحت أشعر بتنميل وبرودة في الأطراف، ورجفة في القولون، وأصبحت كثير البكاء، فحاولت أن أعود للسيبراليكس لعلي أن أرتاح عليه، وأخذت نصف حبة لمدة أربعة أيام، ولم أستطع أن أكمل؛ لأني شعرت بزيادة في الأعراض، فأوقفت الدواء، ولم أهدأ إلا بعد أن خفت المشكلة في العمل، مع العلم أنها مشكلة عادية، وتواجه الجميع في أعمالهم، لكن المشكلة في طبيعة نفسيتي.
أخشى من أن أواجه مشكلة كبيرة، أو فقد عزيز، فكيف لي أن أتحملها؟ وأنا لم أتحمل صغار المشاكل، أرى الجميع يتحملون ويستطيعون التأقلم مع أي مصيبة، أو أي تغيير في حياتهم إلا أن الخوف والقلق والاكتئاب يلازمونني في كل صغيرة وكبيرة.
أشعر أن لدي قابلية للاكتئاب بشكل سريع، فهل يوجد علاج لحالتي؟ وأشعر بتغير ملموس عليه، أو هل يوجد دواء أستطيع أن أتناوله حتى لو لم أكن مكتئبا؟ لكن يمكن أن يحسن من طريقة تفكيري وإدارتي للمشاكل، هل يمكن أن تؤثر هذه الحالة على قواي العقلية مستقبلا؟ هل ممكن أن تتأثر أعصابي مستقبلا بسبب كثرة التوتر؟
شكرا جزيلا، وبارك الله فيكم، واعذروني على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، وهذه مشاركتك الثانية معنا، والذي استخلصته بعد أن تدارست رسالتك هذه - والتي هي واضحة بذاتها - أستطيع أن أقول أن لديك نوعا من القلق التوقعي، القلق الاستباقي الافتراضي، وهذا يؤدي إلى تعكر في مزاجك، مما يشعرك بأنك مكتئب.
فيا أخي الكريم: هذا هو تشخيص حالتك، وهذه نراها من الحالات البسيطة، وحقيقة مثل هذه الأعراض يتغلب عليها الإنسان من خلال التفكير الإيجابي، يجب أن تكون لديك الفلترة والقدرة على تمييز الفكر السلبي من الفكر الإيجابي، ورفض ما هو سلبي تماما، وأن تتشبع بما هو إيجابي، وهذا ليس خداعا للنفس – أخي الكريم – أبدا.
وكن معبرا عن ذاتك، ولا تحتقن؛ لأن الكتمان والسكوت يؤدي إلى ما يمكن أن نسميه بالضجر الداخلي الناتج من القلق.
أريدك ألا تكون متشائما، اجعل التفاؤل دائما هو شعارك، ويا أخي الكريم: النوم الليلي المبكر، وممارسة الرياضة، والحرص على الصلاة في وقتها، وتلاوة شيء من القرآن، وأذكار الصباح والمساء، أعتقد أنها رزمة علاجية عظيمة جدا لأصحاب القلق التوقعي، ونوبات عسر المزاج الاكتئابية المتقطعة.
أنا لا أرى أنك في حاجة لمضادات الاكتئاب؛ لأن التوتر والقلق – كما ذكرت لك – هو الأكثر وضوحا وظهورا في حالتك، وأعتقد أن تناول أحد الأدوية المضادة للقلق سيكون أفضل لك من مضادات الاكتئاب، خاصة أن مضادات القلق لا تتطلب تناولها انضباطا شديدا، أي أنه لا توجد جرعة تمهيدية أو جرعة بداية، ثم جرعة علاج، ثم جرعة توقف تدريجي.
الدواء الذي أراه يفيدك من مضادات القلق هو عقار يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride)، والمملكة بها عقار ممتاز اسمه (جنبريد genprid)، منتج رائع جدا، ينتج في السعودية، وفي ذات الوقت هو زهيد الثمن وفاعل جدا، له بعض الآثار الجانبية البسيطة مثل ارتفاع هرمون الذكورة عند الرجال والنساء، لكن بجرعات صغيرة ليس له أثر سلبي على الرجل.
الجرعة هي خمسون مليجراما (كبسولة واحدة) تتناولها ليلا لمدة أسبوع، ثم اجعلها كبسولة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم كبسولة صباحا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله، وليس هنالك ما يمنع أن تتناوله في المستقبل إذا شعرت بأي نوع من القلق، مثلا كبسولة واحدة إلى كبسولتين لمدة أسبوع إلى أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله، هذا – أخي الكريم – أفضل لك كثيرا من مضادات الاكتئاب التي لديها ضوابط بروتوكولية معية لاستعمالها، وفي ذات الوقت لا أراك في حاجة لها أبدا.
أخي الكريم: قواك العقلية سليمة -إن شاء الله تعالى- في الحاضر وفي المستقبل، وعليك بالدعاء، وعليك بالتفاؤل، وسل الله تعالى أن يحفظك، وأن يجعلك من الناجحين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.