السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.
في البدء لا أعرف من أين أبدأ، فأنا وكأني كنت غافلا طوال السنين الماضية، فبين ليلة وضحاها وجدت نفسي الآن عمري 24 سنة، لم أرث من الحياة أي شيء إلى الآن.
الإرث ليس من الناحية المادية، فلم أرث معرفة وأصدقاء ولا مهنة، تركت الجامعة وفصلت منها بسبب الغياب في الفترة، تلك اشتد علي الوسواس القهري، لا أستطيع مغادرة المنزل بسب خوفي من النجاسة أو خوفي من ضياع وقت الصلاة، فكانت الصلاة الواحدة في ظرف ساعتين إلى أن تركت الصلاة.
الآن أنا بلا صديق، ولا حبيب، ولا معرفة، فيومي ممل ومكرر لدرجة، أنني يمكن أنا أظل في مكان ولا أحد يسأل عني.
يومي أقضيه كله ما بين العمل، وعند العودة من العمل أصبح أسير التلفزيون، لا أخرج مع الأصدقاء مثل الآخرين؛ لأني ببساطة ليس لدي أصدقاء.
أنا من الممكن أنا أجزم بأني أغرب شخص في هذا العالم، حياتي مكررة ومحفوظة، وأخاف وأقلق من المستقبل، والله لا أعرف ماذا أفعل؟ كيف سأتزوج؟ وكيف سوف أعيش معها أو تتعايش معي؟ هل هذا فراغ عاطفي أم أنه جنون؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا، ولا شك أن ما وصفته يشكل صورة محزنة وصعبة على أي إنسان، أعانك الله وخفف عنك.
السؤال الهام هنا، لماذا أنت بهذا الحال، وما هي الظروف التي مررت بها، والتي جعلتك تصل لهذا الحال؟
هل هو فقط الوسواس القهري المتعلق بالنجاسة وغيرها، أم أنه حتى الوسواس القهري هو نتيجة لظروف صعبة أسرية واجتماعية وتربوية أوصلتك لهذا الحال؟
يا ترى وخلال كل هذه المعاناة، وخلال كل هذه السنين، هل راجعت طبيبا نفسيا أو حتى أخصائيا نفسيا أم تركت الأمر على حاله ولم تستشر أحدا كل هذه المدة؟
أقول ومن خلال خبرتي في التعامل مع مثل هذه الحالات أنه لا بد أن يكون هناك ظروف معينة أسرية وغيرها أوصلتك لهذا الحال، وليس بسبب ضعف الشخصية أو خلل فيك، فكثير مما نحمل من مواقف وأفكار وعادات وتوجهات، إنما هي شيء مكتسب متعلم، وغالبا من خلال الظروف الاجتماعية التي نعيشها.
والأمر الثاني والذي أنا متأكد منه، بعون الله، إن الإنسان قد تصعب عليه حياته، ويشعر وكأنه لا يعيش الحياة الطبيعية، وعندها لا بد له من استشارة من هو أعلم منه، وصاحب خبرة في الحياة، ومن منا يا ترى لا يحتاج لاستشارة الآخرين بين الحين والآخر؟
أرجو أن لا تعاني بصمت وبمفردك، وقد آن الأوان لتستشير من يمكن أن يتفهم الوضع الذي أنت فيه، ومن ثم يتفق معك على الطريق الأسلم للخروج من هذا الحال.
ولا شك أن كتابتك لنا هي خطوة جيدة، وبداية حسنة، إلا أنها لا تكفي في مثل حالك، فالاستشارة الإلكترونية عن بعد، تبقى استشارة إلكترونية عن بعد، ومن الصعب تغيير نمط الحياة وبشكل كامل دون معرفة تفاصيل كثيرة عن حياتك في محاولة أولا فهم لماذا أنت على هذا الحال؟ وثانيا لوضع التوصيف المناسب أو التشخيص الدقيق، لنعرف مدى تأثير الوسواس القهري عليك، ومن ثم الحل والعلاج.
لا يوجد عادة سبب يمنعك من تغيير الحال الذي أنت عليه، والعمل على إصلاح هذا الحال، والقيام بما تتمنى من الزواج والعمل والتعلم، ولو تطلب الأمر بعض الوقت، ولكن لا بد من اتباع الخطوات التي ذكرتها في الأعلى، فأرجو أن لا تتأخر في أخذ موعد مع الطبيب أو الأخصائي النفسي للقيام بالذي ذكرته لك.
وفقك الله ويسر لك الخير والفلاح، -وإن شاء الله- نسمع أخبارك الطيبة.