السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب، عمري 23 سنة، طالب جامعي، كنت متميزا في الدراسة، وحافظا لـ 20 جزءا من القرآن، وقد صليت بالناس عدة سنوات في صلاة التراويح، وكنت سعيدا في الحياة سعادة يغبطني عليها الآخرون، محبوب من الناس، دائم الابتسامة على الوجه، ناجح بشكل جيد على الأقل، اجتماعيا رغم بعض المتاعب الأسرية، لكن لست أدري ما الذي جرى لي؟
انقلبت السعادة شقاء واكتئابا، عانيت كثيرا من الرهاب الاجتماعي والقلق الدائم والوساوس المتكررة، وضعف بدني حتى أنني تمنيت الموت، إذا حدثت لي مشكلة صغيرة يصيبني القلق وأنطوي على نفسي، ولا أستطيع المواجهة، صاحب ذلك فشل دراسي، لم أعد أستطيع الدراسة، وكرهتها، وكرهت المجتمع والناس، وانطويت على نفسي، ولم أكن أستطيع الخروج من البيت إلا بصعوبة بالغة جدا، وعانيت الأمرين مع محيط لا يرحم.
رغم الماضي القريب المشرق ذهبت كل الأحلام والطموحات؛ حاولت الخروج مما أنا فيه بالدخول شيئا فشيئا في المجتمع، تخلصت قليلا من أعراض الرهاب، لكنني ما زلت أعاني من الوساوس الدائمة، والضعف في البدن، وعدم التوفيق في الدراسة.
الآن مداوم عند راق وصف حالتي بأنها سحر، ولكن رغم ذلك أشك أحيانا، وأحيانا أقول لن يؤثر علي السحر لهذه الدرجة، المهم أني مشتت الذهن قليلا، وأحتاج إلى من يرشدني.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكريا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا لا أظن أن الأمر سحر، لكن الإنسان إذا شك أن ما به سحر؛ يجب أن يرقي نفسه، وأن يتحوط، ويتحصن ويحرص على أذكار الصباح والمساء وتلاوة القرآن الكريم، وتكون قناعاتك قوية جدا أن الإنسان مكرم، وأن السحر إن وجد فإن الله سيبطله، وأنه {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}.
هذا هو المبدأ الرئيسي، وإن أردت أن تذهب إلى من يرقيك من الثقات من المشايخ فلا بأس في ذلك أبدا، لكن احذر من المشعوذين والدجالين.
أعراضك -أيها الفاضل الكريم- هي أعراض القلق والخوف والوسوسة، وهي متداخلة مع بعضها البعض، شيء من الرهاب -أي الخوف- وشيء من القلق، وشيء من الوسواس، فإذا هذه حالة بسيطة من حالات ما يعرف بقلق المخاوف الوسواسي، وهذا كثيرا ما يؤدي إلى حيرة وإلى نوع من الوهن النفسي والجسدي، واضطرابات في التركيز -وشيء من هذا القبيل- وهذا هو الذي يحدث لك الآن.
إذا تشخيص الحالة واضح وسهل جدا، أقول لك حسب معايير الطب النفسي.
الخطوة التي أريدك أن تخطوها هي: أن تذهب إلى الطبيب -الطبيب العمومي أو الطبيب الباطني أو أي طبيب تثق فيه أو الطبيب النفسي- ليقوم بفحصك جسديا، وتقوم بإجراء الفحوصات المختبرية، لا بد أن تتأكد من مستوى الدم لديك، قوته، هل يوجد فقر في الدم أم لا؟ تتأكد من وظائف الكبد والكلى، ومستوى السكر، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (ب12) وفيتامين (د)، هذه فحوصات أساسية ضرورية روتينية، وإن وجد أي خلل سوف يقوم الطبيب -إن شاء الله تعالى- بوصف الدواء المناسب لتصحيح أي نواقص، وإن وجدت الفحوصات كلها سليمة هذا سوف يعزز الإيجابيات لديك، سوف يساعدك لتطمئن في نفسك وهذا أمر جيد.
الخطوة التالية هي: أن تتجاهل الأعراض تماما، وأن تمارس الرياضة، وأن تنظم وقتك، وأن تشارك الناس في مناسباتهم: الأعراس، الأتراح، الجنائز، هذا كله يجب أن تكون حريصا عليه، وأن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تكون لك صداقات، وأن تحرص على أن تكون فعالا في أسرتك، وأن تضع خارطة طريق: ماذا تريد أن تكون بعد 5 سنوات من الآن؟ لا بد أن تكون لك خطة، سمها الخطة الخمسية -كما يتحدث أهل الاقتصاد- خلال هذه الـ 5 سنوات ضع مشاريعا، برامجا، خططا، أهدافا، آمالا، وضع الآليات والوسائل التي توصلك إلى إليها، هذه الطريقة الصحيحة -أيها الفاضل الكريم- لتتخلص من أعراضك هذه.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي؛ فدواء مثل الـ (زيروكسات Seroxat CR) والذي يسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine CR) وهو موجود في الجزائر ويسمى تجاريا (ديروكسات Deroxat CR) سيكون جيدا ومفيدا جدا لك، الطبيب سوف يصفه لك، دواء ممتاز لعلاج الخوف والقلق والوساوس، ولا يسبب الإدمان، الجرعة هي أن تبدأ بالزيروكسات CR بـ 12.5 مليجراما، استمر على هذه الجرعة البسيطة لمدة شهرين، بعد ذلك اجعلها 25 مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم 25 مليجراما يوميا لمدة 4 أشهر، ثم 25 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.