السؤال
السلام عليكم
عمري 28 سنة، ولدت طفلتي قبل 6 أشهر، وبعد مرور شهرين من النفاس، أصبحت أعاني من الخوف والقلق والعصبية، وأغضب لأي سبب بسيط، سواء من أولادي أو غيرهم، وبدأت أشعر بالصداع من الجهة اليسرى من الرأس، وحول العين، فلا أستطيع أن أفتح عيني، وأذني تؤلمني.
ذهبت إلى طبيب العيون، وقالي لي: عينك سليمة، فذهبت إلى طبيبة مخ وأعصاب، فطلبت صورة رنين للرأس -والحمد لله- كانت النتيجة سليمة، وقالت لي: افحصي أذنك، فذهبت إلى طبيب أنف وحنجرة، فقال: أذنك سليمة، وعملت فحصا للأنف، وكان كل شيء سليما.
وطلب مني أن أفحص الرقبة، ووجد أنها متشنجة، وبعد ذلك بدأت الآلام من كل اتجاه، وأصبحت في الجهة الأخرى من الرأس، والفكين، والأسنان، فذهبت إلى أخصائي وجه وفكين، فطلب أن أفحص، وكان كل شيء سليما أيضا، وعملت عدة تحاليل للغدة، والكالسيوم، والروماتيزم، وعدة تحاليل، فكانت جميعها سليمة. والآن أصبح الألم في اليد، والرجل اليسرى! أرجوكم ماذا أفعل؟
ذهبت إلى طبيب الأسنان وقال لي: إنها حالة نفسية، وذهبت إلى طبيب مختص في العضلات والأعصاب، وطلب تخطيطا للدماغ، وكانت النتيجة سليمة، وقال لي: إنها حالة نفسية بعد النفاس، وما زال الألم مستمرا، ذهبت إلى طبيب آخر، وطلب تحاليل للالتهابات الداخلية، ورنينا مغناطيسيا على الرقبة والعمود الفقري، لم أقم بعمله، تعبت من الأدوية، والأطباء، وخسارة الأموال، ومعظم أهلي يقولون لي: إنها أمراض نفسية، ولكن أنا أتألم، وأخشى أن يكون هناك مرض خطيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
من الواضح جدا أن أعراض القلق والخوف التي أصابتك في فترة النفاس نتجت عنها انقباضات وتشنجات عضلية أدت إلى ما تحسين به من آلام، وكذلك الصداع، فالأمر قطعا مرتبط بالحالة النفسية، وربما تكون هنالك أيضا بوادر اكتئاب ثانوي بدرجة بسيطة.
وأنت بالفعل ذهبت إلى عدة أطباء، وهنالك قطعا تكلفة مالية حصلت، نقول لك: الآن أنت يجب أن تكوني في وضع المطمئن من حيث الحالة العضوية، فما قمت به من مقابلة للأطباء المختلفين وما تم من إجراء فحوصات مختلفة، وكانت كلها سليمة، هذا يجب أن يكون دافعا لك ومشجعا على أنه لا يوجد لديك أي علة عضوية، وحتى الحالة النفسية أنا أراها حالة بسيطة، كل الذي تحتاجين له هو تناول أحد مضادات القلق ومحسنات المزاج ومزيلات الخوف.
عقار (سيرترالين Sertraline) دواء جيد، وهو سليم بالنسبة للرضاعة إذا كنت لا زلت مرضعة، وجرعة السيرترالين هي خمسة وعشرين مليجراما كجرعة بداية، الحبة بها خمسين مليجراما، تناولي نصفها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة شهرين، وإذا تلمست وشعرت بتحسن حقيقي استمري على الدواء لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - ليلا لمدة شهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
أما إذا لم تحسي بتحسن بعد مضي شهرين وأنت على حبة واحدة من السيرترالين فهنا يجب أن ترفعي الجرعة لتكون حبتين ليلا - أي مائة مليجرام - وهذه قطعا جرعة علاجية كافية، وهذه ليست الجرعة القصوى، لأن السيرترالين يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، لكن لا أراك أبدا في حاجة لمثل هذه الجرعة.
فإذا كانت الحاجة لحبتين -كما ذكرت لك- هذه استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
ومن الضروري والمهم جدا أن تمارسي تمارين استرخائية، تمارين التنفس المتدرج، وكذلك قبض العضلات وشدها ثم إطلاقها واسترخائها، هذه تعود عليك بفائدة عظيمة جدا، خاصة فيما يتعلق بالآلام التي في الجهة اليسرى من الرأس وحول العينين وكذلك الصداع، ولا بد أن تمارسي بعض التمارين الرياضية.
ولا بد أن تكوني إنسانة متفائلة في فكرك، تتذكري وتتحسسي وتستشعري النعم العظيمة التي أنعم الله تعالى بها عليك، ولا تكثري من زيارات الأطباء أبدا، لا أراك في حاجة لكل هذا التردد على الأطباء.
وقطعا إن ذهبت وقابلت طبيبا للأمراض النفسية هذا سيكون أمرا طيبا وجيدا، وأنا أقر ذلك تماما، وإن وصف لك الطبيب نفس الدواء الذي وصفته لك فاستمري عليه، وإن وصف لك دواء آخر فيجب أن تتناولي الدواء الذي وصفه لك الطبيب، لأنه قطعا في وضع أفضل، واستطاع أن يقيم حالتك تقييما مباشرا.
الحالة بسيطة، وإن شاء الله تعالى سوف تكونين على خير، لا أرى أي داعي لأي فحوصات جديدة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.