السؤال
السلام عليكم
أعاني من الاكتئاب منذ طفولتي، ولم أبدأ العلاج إلا منذ سنتين فقط، وجربت الايفكسور والريميرون والايبيرازول والسيرلفيت والاستاتومين، وكل تلك الأدوية، بلا تحسن، رغم أن من وصفها لي أطباء متخصصون.
أريد وصف دواء فعالا لحالتي، لأني مريض منذ 20 عاما بلا علاج، وأريد أقوى علاج للاكتئاب وجرعته!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونحن نرحب بك في إسلام ويب.
أخي الكريم: لا بد أن تقف مع نفسك وقفة تأمل وتدبر، وتنظر لماذا لم تتحسن أخي الكريم؟
هل هنالك إشكالية في التشخيص؟ هل الذي تعاني منه ليس اكتئابا حقيقيا؟ هل يوجد لديك عدم القدرة على التواؤم والتكيف الاجتماعي؟
هل هنالك عوامل وظروف حياتية سلبية كان من المفترض أن تسعى لمعالجتها ولم تعالجها مما أدى إلى تراكماتها وتثبيت النواة الاكتئابية القلقية؟ إذا – يا أخي الكريم – هنالك أمور كثيرة يجب أن تراجعها.
الأمر الآخر: أنا دائما أحب أن يفحص الناس أنفسهم طبيا، لأن الاكتئاب – أخي الكريم – ربما يؤدي إلى الكثير من الاضطرابات في مستوى الدم، خاصة وظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (ب12) وفيتامين (د)، هذه كلها فحوصات أساسية، يضاف إليها معرفة قوة الدم، ووظائف الكبد والكلى، ومستوى الدهنيات وهرمون البروستات.
أخي الكريم: أن تجري فحصا طبيا وتقوم ببعض الفحوصات المخبرية الروتينية التي ذكرتها لك أعتقد أن ذلك أمر جيد ومهم، ومجرد معرفة أن هذه الفحوصات طبيعية هذا في حد ذاته يؤدي إلى منفعة نفسية كبيرة جدا.
أخي الكريم: علاج الاكتئاب إذا افترضنا أنك بالفعل تعاني من اكتئاب نفسي، ولا أريدك أبدا أن تعتقد أنك تعاني من اكتئاب منذ الطفولة؛ لأن إدراكك في ذلك الوقت لا أعتقد أنه كان مكتملا، ومن المهم جدا أن نعرف أن الاكتئاب لا يعالج فقط عن طريق الأدوية، الأدوية لا تمثل أكثر من ثلاثين بالمائة، أربعين بالمائة في أحسن الظروف.
أما بقية العلاجات فهي حقيقة السعي والإصرار على التغيير من داخل الذات، يعني أن يغير الإنسان نفسه بنفسه، لأن الله تعالى {لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
أخي الكريم: حين تراجع نفسك سوف تجد أنه لديك إمكانات وطاقات ومقدرات لم تستغلها، وسوف تكتشف أيضا أن أفكارك السلبية يجب أن تحقرها، ويجب أن تستبدلها بما هو إيجابي، وسوف تكتشف – أخي الكريم – أنك عطلت نفسك اجتماعيا، فمن خلال الدفع الاجتماعي المستمر والتواصل الاجتماعي والمساندة الاجتماعية وصلة الرحم والإحسان إلى الآخرين، ومشاركة الناس مناسباتهم، وأن تمارس أي نوع من الرياضة هذه – أخي الكريم – كلها علاجات وعلاجات مهمة جدا، وأعتقد لو دعمت الدواء بهذه العلاجات سوف تكون النتائج رائعة جدا.
أما الاعتماد على الدواء وحده لا أعتقد أن الدواء يغير الإنسان، نعم ربما يلطف المزاج نسبيا، أو يؤدي إلى شيء من الاسترخاء، وهذا قطعا مطلوب، لكن يجب أن تكتمل الصورة العلاجية والتعافي من خلال الأخذ بالعلاجات الأخرى.
أخي الكريم: مصر الحمد لله عامرة بالأطباء النفسيين المتميزين، أعتقد أن تواصلك مع أحدهم سوف يكون جيدا ومفيدا لك.
أنا حقيقة أود أن أقترح عليك عقارا يعرف علميا باسم (ترازدون Trazodone) ويعرف تجاريا باسم (مولباكسين Molipaxin) دواء ممتاز، ودواء فاعل، بالرغم أنه قديم نسبيا، لكنه من مضادات الاكتئاب الممتازة جدا، فيمكن أن تطرح اقتراحي هذا على الأخ الطبيب المعالج، وتستعمل الدواء بجرعة صحيحة، وتصبر عليه، وتدعمه بما ذكرته لك من إجراءات علاجية نفسية سلوكية واجتماعية مكملة.
أخي الكريم: الحرص على الصلاة مهم جدا، والصلاة في جماعة تواصل اجتماعي عظيم جدا، والصلاة حافظة لا شك في ذلك، الصلاة باعثة على الطمأنينة، وذكر الله على الدوام باعث على الطمأنينة، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وقال: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.
أخي الكريم: أنا أنصحك وأنصح نفسي بالحفظ على الصلاة وعلى ذكر الله عز وجل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.