السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب جامعي، وأحاول بقدر المستطاع النجاح، ولكن لم أستطع، ومن الدراسة والنتائج أحس نفسي زائدا على الدنيا، وأحس أني فاشل، ولا أستطيع عمل أي شيء.
أرجو النصيحة منكم.
السلام عليكم.
أنا طالب جامعي، وأحاول بقدر المستطاع النجاح، ولكن لم أستطع، ومن الدراسة والنتائج أحس نفسي زائدا على الدنيا، وأحس أني فاشل، ولا أستطيع عمل أي شيء.
أرجو النصيحة منكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdullah حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فردا على استشارتك أقول:
- هنالك عوامل كثيرة قد تكون هي السبب لما تعانيه، وأذكر لك بعضها فيما يأتي:
أ- قد يكون هنالك أناس من أصدقائك أو المحيطين بك من يثبطك ويجعلك دائما في تراجع.
ب – عدم وجود هدف في حياتك تسعى لتحقيقه، وجعل حياتك تسير بشكل عشوائي، أو تجعل لغيرك السبيل لتحريك حياتك.
ت – كثرة المشاغل في حياتك تكون على حساب تحصيلك العلمي.
ث – وجود مشاكل أسرية تؤثر على حياتك وتحصيلك العلمي.
- قد تكون ثمت ذنوب أثرت على حياتك، وما منا إلا وله ذنوبه، وما علينا جميعا سوى التفتيش في أنفسنا ومحاسبتها ومكاشفتها، فإن وجدنا ذنوبا ومعاص فلنتب إلى الله منها، ولنتق الله في أنفسنا؛ فإن تقوى الله مفتاح للعلم ولكل خير، قال تعالى: {واتقوا الله ۖ ويعلمكم الله ۗوالله بكل شيء عليم} ورحم الله الإمام الشافعي إذ ينسب إليه أنه قال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ** ونور الله لا يــهــدى لعاصــــــــي.
- قو صلتك بأسرتك، واكسب ودهم، وتعاون معهم، واطلب منهم الدعم المعنوي قبل المادي، فكلما توطدت علاقتك مع أسرتك صارت ثقتك بنفسك أقوى، وصار عندك الطموح لتحقيق منجزات أكثر، ولذلك ابدأ من الأسرة، وانطلق للخارج، وليس العكس.
- قم بتنظيم حياتك، وثق في نفسك، فأنت عندك من القدرات والإمكانات الشيء الكثير، وقد يكون ما لديك أفضل وأحسن مما عند الآخرين، فاستنهض قدراتك الكامنة، واجعل همتك عالية.
- توازن في حياتك، فأنت الآن غارق في جزئيات معينة وثانوية على حساب قضايا كلية وجوهرية، وهذا الإغراق قد يحصل لأناس فضلاء، ففي الحديث الصحيح أن عبد الله بن عمرو بن العاص لما زوجه والده أعرض عن زوجته، ولم يقترب منها، فشكت به إلى والده، فشكى به والده إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستدعاه، وسأله عن السبب، فأخبره أنه يصوم النهار ويقوم الليل، فعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف يكون متوازنا في حياته، وتعليمه لذلك الأمر إنما هو تعليم للأمة كلها، فقال: (إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه).
- ضع لنفسك أهدافا، واعزم على تحقيقها بعد وضع الخطط للوصول إليها، سواء كانت هذه الأهداف في أسرتك، أو دراستك، أو غير ذلك، ولا تجعل عجلة الحياة تسيرك رغما عنك، بل استعن بالله، واستخدم الوسائل والأسباب، وسيرها أنت، ثم في النهاية لا يكون إلا ما قدره الله، وكن متوكلا لا متواكلا.
- اقرأ في سير وتراجم الناجحين، وخذ من حياتهم الدروس والعبر، واستفد من خبراتهم وتجاربهم، فذلك سيشحذ همتك، ويجعلك تقتدي بهم، وتحاول الوصول إلى ما وصلوا إليه.
- صاحب الصالحين وأصحاب الهمم العالية والنجاحات تستفد منهم، واترك الكسالى والمثبطين الذين يجرونك للخلف، ويدفعونك نحو الفشل؛ فالصديق الصالح يدلك على الخير، ويعينك عليه، والصديق يؤثر سلبا أو إيجابا، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) وقال: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال: (الصاحب ساحب) و(الطيور على أشكالها تقع).
- وثق صلتك بالله تعالى، وحافظ على أداء الفرائض، وأكثر من الأعمال الصالحة المتنوعة تنل الحياة الطيبة، قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
- عليك بالدعاء؛ فإنه السلاح النافع لكل أمر، فالهج به وأنت ساجد، وفي أوقات الإجابة، واطلب من بيده مقاليد الأمور أن يوفقك ويسددك، وكن على ثقة بأن الله سيجيب دعواتك، فالله الذي أمرنا بالدعاء وعدنا بالإجابة فقال سبحانه: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ۚ إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}.
- لا تجعل حياتك رتيبة، بل قم بتغيير أسلوب حياتك بشكل جذري إلى الأفضل في جميع المجالات.
- أنت عندك من القدرات والإمكانات الشيء الكثير، وقد يكون ما لديك أفضل وأحسن مما عند الآخرين، فاكتشف نقاط ضعفك ونقاط قوتك، ثم اعمل على تقوية نقاط القوة، واجتهد في تلافي نقاط الضعف، فإنك إن جاهدت نفسك وفقك الله، قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ۚ وإن الله لمع المحسنين}.
- أنت قد تفوقت ونجحت في مراحل دراستك السابقة، فلا يمكن أن تكون فاشلا في حياتك فيما بعدها، لكن لعل التخصص الذي سجلت فيه غير مناسب، ولعل انتقالك إلى تخصص آخر يكون لديك الرغبة فيه يعينك على تحقيق هدفك، ويكون مفتاحا للنجاح بإذن الله تعالى، فبعض التجارب الفاشلة قد تكون بداية الحقيقة لحياة مليئة بالنجاحات، فاجتهد في تحويل ما تسميه بالفشل من عصا تجلد بها ذاتك إلى عصا تصنع منها سلما ترتقي به نحو النجاح.
أسأل الله لك التوفيق والنجاح في حياتك؛ إنه سميع مجيب.