السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب عمري (20) سنة، وأنا صاحب الاستشارة رقم (2280759)، ذهبت إلى طبيب نفسي، فشخص حالتي أنها اكتئاب حاد ورهاب اجتماعي وقلق، فوصف لي دواء زولفت، فبدأت بجرعة (50) مليغراما لمدة (4) أسابيع، ثم رفعتها إلى (100) مغ، والآن مرت أكثر من (9) أسابيع، لكن لم ألاحظ تحسنا كبيرا في حالتي، وهناك فقط تحسن طفيف من ناحية الرهاب، ولكن دائما أشعر بضعف الثقة في النفس وبالنقص، وباليأس من الحياة، أفقد الحماس بسرعة، وأعاني من الكسل وانعدام الرغبة في فعل أي شيء حتى الصلاة!
تدهور وضعي في الدراسة، وضعفت إرادتي، وأصبحت كثير الغياب عن الحصص الدراسية بسبب حالتي، وبسبب الشعور بأنني مريض، وأنني سأبقى هكذا، ودائم التفكير في الفشل، علما أنني أدرس تخصصا جامعيا لا أرغب فيه، وحاولت في السابق تغيير التخصص لكنني فشلت في النجاح، وهذا ما سبب عزلتي لمدة كبيرة، وبداية تدهور حالتي منذ سنتين.
عندي مناظرة في آخر السنة، ولكن لا أستطيع الدراسة والتركيز، أعاني من الوحدة، وأيضا من تأنيب الضمير بسبب أخطاء الماضي، وأعاني من سيطرة التفكير السلبي والتردد في أخذ القرار، والرغبة في الهروب من الواقع، وأحب ممارسة الرياضة، لكن ليس عندي أي رغبة وإرادة بسبب حالتي.
لم أعد أذهب للطبيب بسبب عدم تحقيق الفائدة، وزيادة تدهور حالتي، وأريد منكم أن تعطوني تشخيصا لحالتي، وأيضا طريقة ومراحل العلاج:
- هل يجب الزيادة في جرعة الدواء؟
- هل يجب تتبع حالتي عن طريق معالج نفسي أم أستطيع العلاج بمفردي؟
أرجو أن تكون الإجابة مفصلة، وشكرا لكم على المجهود.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: أنت في هذا العمر النضر، هذا العمر الجميل، لديك طاقات عظيمة: طاقات نفسية، طاقات جسدية، طاقات فكرية، لا بد أن تستفيد منها، ولا بد أن تغير من ذاتك، ولا أحد يستطيع أن يغيرك أبدا، لا بد أن تكون شخصا تنافسيا في هذه الحياة، تحدد موقفك من الآن: ما تريد أن تكون؟ يجب أن تكون متفوقا في دراستك، أن تكون زوجا راشدا في المستقبل القريب، أن تكون شخصا بارا بوالديه، وأن تكون نافعا لنفسك ولغيرك، هذه يجب أن تكون هي شعاراتك وأفكارك وأهدافك وقناعاتك، والسعي نحوها ليس بالصعب أبدا.
الدواء لن يغيرك أبدا، ولا أعتقد أنك تحتاج لتغيير الدواء، الـ (زولفت Zoloft) من الأدوية الراقية جدا، والدواء يساهم بنسبة عشرين إلى خمسة وعشرين بالمائة فقط في مثل حالتك هذه، بقية الأمر يتطلب تغييرك الفكري، هل أنت بالفعل تريد أن تتغير أن تكون إيجابيا؟ الإجابة نعم، إذا الوسائل فيك أنت وعندك أنت، قيم نفسك بصورة صحيحة، وابدأ في تطبيق برامج حياتية واضحة، الأمر لا يتحمل التسويف أو الغموض، لا.
تحسن إدارة الوقت، النوم مثلا: نومك يجب أن يكون بين الصلاتين –العشاء والفجر– تستيقظ لصلاة الفجر، بعد ذلك تبدأ في الدراسة مباشرة لمدة ساعة ونصف، هذا الزمن من الوقت يرتفع فيه مستوى استيعابك بشكل غير معقول، ودون مبالغة هذه الساعة والنصف تعادل أربع ساعات في بقية اليوم، بعد ذلك تذهب إلى مرفقك الدراسي، تعود، ترتاح قليلا، ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، تبدأ في الدراسة، تخرج اجتماعيا، تساهم بشيء داخل المنزل... وهكذا، هذه هي الحياة، الحياة ليس أبدا اعتمادا على الأدوية.
وهذه التشخيصات -أيها الفاضل الكريم– (اكتئاب حاد ورهاب اجتماعي) أنا لدي فيها شكوك كثيرة جدا في بعض الأحيان، أنا لست ضد العلم، ولا أقلل من المعايير التشخيصية، لكن بعض الناس ألبسوا أنفسهم ثيابا سلبية، سمعوا مرة من مختص أو غير مختص أنك تعاني من هذا وتعاني من هذا، وبعد ذلك استكانوا واستسلموا، لا، التغيير منك -أيها الفاضل الكريم-.
وعليك بالصحبة الطيبة، الإنسان يحتاج لمن يأخذ بيده، عليك بالرياضة، أن تكون ممارستك لها ممارسة يومية، عليك بالقراءة والاطلاع، وعليك ببر والديك، فهو يعطيك خيري الدنيا والآخرة.
هذا هو الذي تحتاج له، وإن شئت أن تذهب إلى معالج نفسي أو خلافه ليس ما يمنع، لكن لا تزد من جرعة الدواء، وأتصور أنك فقط تستمر عليه لمدة ثلاثة أشهر بجرعة مائة مليجراما، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة شهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
حدد برامجك الحياتية، حدد أهدافك: أهداف آنية، أهداف متوسطة المدى، أي ينجزها الإنسان في خلال ستة أشهر، وأهداف بعيدة المدى، ومن خلال ذلك التحديد تستطيع أن تدير وقتك، وتستطيع أن تنجز، وتستطيع أن تكون رائعا، وتستطيع مكافأة نفسك. اجعل لحياتك معنى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.