الاكتئاب الثانوي جعلني أحاول الانتحار... فهل من نصيحة؟

0 234

السؤال

السلام عليكم

عندي مشكلتان: الأولى أني أعاني من إحساس الخوف والوحدة بصفة دائمة، يزيد لدرجة جعلتني أحاول الانتحار، والآن أنا في حالة صعبة جدا بسبب هذا الإحساس، إحساس فظيع، مزيج من القلق والرهبة والخوف، شيء فظيع جدا، وصل الأمر أني أعاني من كوابيس، وأخشى محاولة الانتحار مرة أخرى.

المشكلة الثانية: أنا منذ طفولتي لا توجد عندي أي دافعية للدراسة، أو العمل، أو تحقيق أي نجاح في حياتي، فمهما عانيت لا أتحرك ولا أستمر في أي عمل، وأزهق وأمل بسرعة، حتى الرغبات الطبيعية كالزواج لا رغبة لي فيها، فأنا لم أكمل دراستي، ولم أستمر في أي عمل، ولم أتزوج، وفي نفس الوقت زملائي أصبحوا مهندسين وأطباء، وسافروا وتزوجوا، ونجحوا في حياتهم، حتى إحساس الغيرة منهم لا يوجد عندي، أحس نفسي بليدا وبلا مشاعر.

أنا كشفت قبل هذا كثيرا، والتشخيص كان اكتئابا، وأخذت أدوية اكتئاب كثيرا، لكن لا تحسن.

أريد تشخيص المشكلتين والعلاج لهما، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: لا أرى أولا ما يدعوك أن تسمي نفسك بالشاذ، فالإنسان يتخير لنفسه أطيب وأحسن الأسماء، حتى نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن يقول الإنسان على نفسه: (خبثت نفسي) وإن كان لا بد فليقل: (لقست نفسي)، حيث قال: (لا يقولن أحدكم خبثت نفسي، ولكن ليقل لقست نفسي) ولقست بمعنى خبثت، لكن كره لفظ الخبث.

ثانيا: الأفكار السلبية حين نجلبها على أنفسنا يمكن أن تكون طبعا وتطبعا ونسير على نهجها، ولا يسعى في تغييرها، فيا أخي الكريم: أرجو ألا تطلق على نفسك (خالد الشاذ) ولتطلق على نفسك (خالد التائب إلى الله).

وبالنسبة لمشكلتك أنا حاولت أن أتدارسها بكل عمق، وأقدر مشاعرك تماما، وأقول لك –أخي الكريم– أنه لديك ضعف في الدافعية، أو أنك تفتقر الدافعية، وأيضا شخصيتك تحمل جوانب القصور –هذا مع احترامي الشديد جدا لك– لا أراه قصورا بيولوجيا أو قصورا نفسيا، إنما قصورا ذاتية، بمعنى أنك حاولت أن تسير على الجوانب السهلة في الحياة، ولم تشعر بحقيقة التحدي الحقيقي مع الذات، وهو الذي يؤدي إلى بناء النفس بصورة صحيحة.

أيها الفاضل الكريم: ما تعاني منه من اكتئاب من وجهة نظري هو اكتئاب ثانوي وليس اكتئابا أساسيا، الأساس هو أن تغير فكرك، أن تكون أكثر ثقة في نفسك، أن تعرف أنك مثل خلق الله الآخرين، ليس هنالك من هو أفضل منك، الله تعالى حباك بمقدرات كثيرة جدا، طاقات مكتومة، طاقات مختبئة، ولا أحد يستطيع أن يغيرك، أنت الذي تغير نفسك، لأن الله {لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، حتى تتغير.

أخي الكريم:

• لا تأس على ما فاتك أبدا.

• لا تخف من المستقبل.

• ضع خارطة الآن، وابدأ بالإنجازات، يجب أن تكون لك أهداف آنية – أي أهداف وقتية –تحقق في خلال أربع وعشرين ساعة– وتكون لك أهداف متوسطة المدى، وهذه تحقق خلال ستة أشهر، ويكون لك أهداف بعيدة المدى، وهذا هو برنامج العمر.

الأهداف قصيرة المدى كثيرة جدا، وأي إنجاز منها يكون جميلا: اذهب وقم بزيارة مريض في المستشفى مثلا، هذا إنجاز، إنجاز عظيم جدا، سوف يشعرك بشعور إيجابي داخلي إذا أنجزته.

الأهداف والإنجازات في خلال الستة أشهر أو ما نسميه بالبرنامج المتوسط المدى: أن تحفظ جزأين من القرآن مثلا، أن تجد لنفسك عملا، أي عمل، هذا إنجاز وإنجاز كبير جدا، وبعد ذلك سوف تحس أن الأهداف بعيدة المدى، أو ما نسميه ببرنامج العمر أصبح سهلا جدا، يأتي الزواج، يأتي الاستقرار وكل شيء يأتي.

أخي الكريم: عليك ببر الوالدين فهو يفتح للإنسان خيري الدنيا والآخرة، وعليك بالنوم المبكر، يؤدي إلى ترميم الجسد وخلايا الدماغ، النوم ما بين الصلاتين –أي بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الفجر– تستيقظ لتصلي وتبدأ يومك بذكر الله تعالى، هذا فيه خير كثير وكثير جدا.

عليك أخي الكريم: أن تتصدق بشيء ولو قليلا شهريا، حتى التصدق بجنيه واحد فيه لك خير كثير، فرب درهم سبق ألف درهم، ورب تمرة تتصدق بها تدخل الجنة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).

عليك أخي الكريم أن تمارس أي نوع من الرياضة البسيطة، رياضة المشي مرة أو مرتين في الأسبوع، وعليك أن تذهب إلى الأسواق مرة أو مرتين في الأسبوع، شارك الناس مناسباتهم... أمور بسيطة جدا، سوف تجعلك -أيها الفاضل الكريم– تحس بأن قيمتك الذاتية قد ارتفعت وأن التغير قد بدأ من ذاتك، ولا بد أن تجري وبجدية تامة إدارة لوقتك، ضع برامج يومية، تنفذ من خلالها ما ذكرناه من برامج.

هذا هو الذي أراه، الأدوية في حالتك ثانوية جدا، لا مانع من أن تتناول عقار مثل الـ (بروزاك Prozac) مثلا، والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) ويسمى تجاريا أيضا (فلوزاك Flozac) والجرعة في حالتك هي كبسولة واحدة يوميا لمدة عام مثلا.

وللفائدة راجع تحريم الانتحار والتفكير فيه: (262983 - 110695 - 262353 - 230518).

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات