السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة متزوجة منذ سنة وشهرين ولدي طفلة، زوجي إنسان محترم ولطيف، يحبني وأحبه، ولكنه إنسان مزاجي الطبع معي ومع من حوله، ويأخذ أدوية الاكتئاب والقلق مثل: Wellbutrin 300m, نيوروبيون, ساليباكس، وأدوية للنوم، وقبل الزواج كان يعاني من الخوف من الزواج، ويراجع طبيبا نفسيا.
قبل ولادتي بابنتي كان يتركني أنام في بيت أهلي كل أسبوع، ويخلي مسؤوليته الكاملة عني، وبعد ولادتي رفضت هذا الأمر، فأصبحت لا أنام إلا في بيتي، فأصبح ينام في غرفة التلفاز، ويتأخر إلى الساعة 3 أو 4 صباحا، ثم يأتي لغرفتي يومين في الأسبوع.
تحدثت معاه عن أسباب ذلك ولكن دون جدوى، وقال لي: هذا الوضع أفضل لك من نومك في بيت أهلك، ويريد شراء سرير بمفرده، ويريد إخلاء مسؤليته عني وعن ابنته، ويقول لي: أنت مسؤلة عن ابنتك، وأهلك مسؤولين عنك.
أشعر بالإهانة الشديدة من ذلك الفعل، ولا أدري ماذا أفعل، وما هي الطريقة المناسبة للتعامل معه؟
أشيروا علي بنصحكم وتوجيهكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noura حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يؤلف بينك وبين زوجك، ويحقق الآمال.
أسعدنا اعترافك بأن زوجك محترم، وأنه يحبك وتحبينه، وهذه قاعدة للنجاح -بحول وقوة ربنا الفتاح-، وننصحك بأن تعبري له عن حبك بوضوح، لأنه لا يستفيد من الحب السري المكتوم، وعندها سوف يبادلك المشاعر.
أما بالنسبة لمزاجيته المزعجة، فننصحك بالتكيف معها والتأقلم، خاصة بعد أن ذكرت أنه يتعامل بمزاجية مع كل من حوله، واعلمي أن الزوجة تملك من المؤثرات والمؤهلات ما تستطيع به التأثير على الرجل، ونتمنى أن تحرصي على تسليط الأضواء على إيجابياته، وتعرفي على المفاتيح الموصلة لقلبه، وافهمي نفسيته ونمط شخصيته، وأرجو أن تدركي أن الفرق كبير بين من تقول لزوجها عندما يتأخر عليها: أنت لا تهتم بنا، وبين التي تقول: البيت ينور بوجودك، ونفرح بقربك، وهذا ما فعلته أمنا عائشة -رضي الله عنها-، عندما استأذنها رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ليخرج من فراشها ليصلى لله، ولم تقل له لماذا في ليلتى؟ ولكنها قالت: (يا رسول الله إنى لأحب قربك، ولكنني أؤثر هواك).
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، وأرجو أن تتعاملي معه بهدوء، ولا تقفي طويلا عند كلماته، واجتهدي في ربطه بطفلته، وقولي له: هي تحبك وتشبهك وتشتاق لك، واتركي له مساحة إذا حاول الابتعاد، لأن الرجل يجدد عواطفه بالبعد قليلا.
وارجو ان تستفيدي من توجيهات دكتورنا الفاضل، ونسأل الله لنا ولكما التوفيق والسداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
تليها إجابة الدكتور: محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرجو أن تأخذي بما ذكره لك الدكتور أحمد الفرجابي، كيف تعاملت أمنا عائشة -رضي الله تعالى عنها- عندما استأذنه رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- ليخرج من فراشها ليصلي لله، هذه روعة في التعامل، وقدوة حسنة يجب علينا أن نأخذ بها.
زوجك الكريم تميزه إيجابيات وظهرت منه بعض السلبيات، فيجب أن تتوقفي قليلا مع نفسك، ولا تضعي كل اللوم عليه، وابحثي في ذاتك بدقة، هل هنالك أي مساهمات سلبية من جانبك، شعورية كانت أو لا شعورية، جعلت زوجك يتخذ هذه المواقف التي يتحدث عنها؟ لا بد أن تكون هنالك مساهمات سلبية، حتى ولو بسيطة من شخصك الكريم.
أنا لا أريد أن أنتقدك أو أنتقصك، لكنني أود أن أنبهك لحقيقة سوف تفيدك كثيرا، وانتهجي منهج التقرب إلى زوجك، ولا تكوني انتقادية له أبدا، حتى قوله أنه يريد سريرا لوحده -أو شيء من هذا القبيل-، لا تجعلي من هذا موضوعا، حتى ولو قام بشراء هذا السرير، لا تجعلي ذلك الأمر مرتكز التحرك الأسري والزواجي، فهنالك أشياء أطيب وألطف، تحدثي عن حبه، تحدثي عن قربه، وفي ذات الوقت، أبدي له مشاعر إيجابية أنك تقدرين موقفه جدا فيما يتعلق بما يتناوله من علاج للقلق أو الاكتئاب الذي كان يعاني منه، دون أن تنتقصيه، ودون أن تبدي انزعاجك من تناوله للعلاج، شجعيه إن كان هناك حاجة لذلك.
ويمكن أن تقترحي عليه بعض البرامج التي تربط الأسرة، مثلا: أن تجلسي أنت وهو وتتدارسون جزء من القرآن الكريم، حتى ولو مرة في الأسبوع، أن تخرجا معا إلى حديقة أو متنزه، أو مكان للتسوق، واجعلي هذا برنامجا ثابتا، وإذا سمعت بأحد من أسرتك أو من أسرته مريضا مثلا، اقترحي عليه الذهاب سويا للزيارة، كمناسبات الأفراح، الأعراس، واقترحي عليه أن تذهبا معا، وهكذا، بهذه الطريقة أعتقد أنك تستطيعين أن تقدمي الكثير لنفسك، ولزواجك، ولزوجك.
بارك الله فيك وجزاك خيرا، وبالله التوفيق والسداد.