السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.
أنا شاب أبلغ من العمر ستا وعشرين سنة، أدرس حاليا بكلية اللغة الفرنسية -السنة الثالثة- وهنا تكمن المشكلة: فخلال هذه السنة ندرس مقياس المسرح (اليوناني، الروماني والفرنسي)، وهاته المسرحيات مليئة بالأساطير التي تروج للوثنية، وفي المسرحيات إباحية في الألفاظ.
والأدهى والأمر أنه يطلب من الطلبة أن يؤدوا جزءا من مسرحية حيث يتم تقييم هذا الأداء وإدخاله في النقطة الإجمالية للطالب مع الامتحان الكتابي، والذي يمتنع عن الأداء يعطى صفرا.
فأنا في حيرة أعجز أن أصفها لكم، فأنا بين نارين: هل أتم الدراسة في هذه الكلية مع ما فيها من سلبيات ومخالفات لتعاليم الإسلام؟ وهل آثم بذلك؟ أم أتوقف عن الدراسة وهذا لن يروق لأمي التي تود أن أحصل على شهادة الليسانس؟
كما أن هناك عامل السن، فمعظم أصدقائي قد أنهوا دراستهم الجامعية (لم أتحصل على بكالوريا - الثانوية العامة - في سن مبكرة).
أطلب منكم النصيحة، فأفيدوني بها في أقرب وقت ممكن من فضلكم.
وفقكم الله لما يحب ويرضى وجزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد المالك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يعينك على البر بأمك، والإحسان إليها، وأن يهديك صراطه المستقيم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فمما لا شك فيه أن التعليم أصبح ضرورة حياتية، ومسألة مصيرية، ولم يعد مجرد ثقافة أو معرفة، وإنما أصبح مصدرا للأرزاق في كثير من بلاد العالم إن لم يكن في كل الدنيا، والإسلام حث على التعليم، وشجع على التعلم، وحارب الجهل والأمية، بل حثنا خاصة على تعلم لغات غيرنا حتى ندعوهم، ونعرف ما يقولون علينا، ورسولك صلى الله عليه وسلم أعلن الحرب على الأمية من أول المرحلة المدنية، خاصة بعد غزوة بدر الكبرى، فطلب من بعض الصحابة أمثال زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه أن يتعلم لغة اليهود وهكذا، وكفى بالعلم فضلا أنه من أسماء الله وصفاته، إلا أن القاعدة الشرعية تقرر لنا أن الغاية لا تبرر الوسيلة، فما دامت الغاية مشروعة فلابد أن تكون الوسيلة كذلك مشروعة، وبالنسبة لك هذه الأمور التي ذكرتها تتنافى تماما مع الإسلام وأدبه وخلقه، وهذا أمر لا يقره الإسلام بحال من الأحوال، خاصة ما يتعلق بالعقيدة.
لذا أقول لك ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- بخصوص موقف والدتك: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وقوله: (إنما الطاعة في المعروف)، ويقول الحق -جل وعلا-: (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ))[لقمان:15]، فطاعة أمك في معصية الله حرام شرعا ولا تجوز، وإنما عليك أن تبين لها وجهة نظرك وحكم الشرع، وليكن ذلك بأدب وتلطف وتواضع، وعدم عقوق لها، أو رفع صوت عليها أو غير ذلك، مما لا يجوز مع الوالدين خاصة الوالدة، وحاول أن تبحث عن كلية أخرى ليست فيها تلك السلبيات، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فاشرح الأمر لوالدتك، واسأل الله أن يشرح صدرها للاقتناع بكلامك، واترك هذا التخصص، وابحث عن غيره مما لا يخالف شرع الله، واعلم أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق.