السؤال
السلام عليكم
أنا بعمر 21 عاما، طالب جامعي في سنة التخرج، ومنذ شهر بدأ الأمر معي تدريجيا، شعور بالضيق والحزن والكآبة وفقدان الشهية ورغبة في البكاء!
فقدت المتعة في أمور كنت أستمتع بها، اختفت السعادة والبهجة من حياتي، لا أرى للحياة لونا، أتمنى الموت ألف ألف مرة في اليوم، لا أدري ما السبب؟!
كل وسائل الراحة متوفرة لي، ولم أشعر بهذا من قبل مما أثر على دراستي، فأنا أخوض غمار امتحانات نهائية، ولا أجد الرغبة في الدراسة من شدة ما أصابني من ضيق، ولا أدري ما السبب؟!
توجهت لوالدي قبل يومين، شاكيا له حالي، فقال: يجب أن يكون هناك سبب، لربما التفكير في المستقبل وطموحك في إكمال تعليمك في الخارج، قلت له ليس هذا السبب؛ مما أثر علي تفكيري في المستقبل، بل أصبح لدي هاجس وتوتر من المستقبل.
قال: ربما تفكيرك في مرض السكر الذي أصبت به في شهر 3 من هذا العام، أخبرته والله لم أفكر في المرض مذ أن أصابني، وطلبت والدي أريد الذهاب لطبيب نفسي لعله يعالجني، قال: أتحب أن يعطوك أترمدول، فتصير مجنونا؟
كل ما يراني والدي كئيبا وأبكي، يصرخ في قائلا: لا أعرف ما الذي ينقصك؟! فأنا بحاجة لحل أرجوكم، وجميل إن كان بدون دواء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها الفاضل الكريم: الذي بك -إن شاء الله تعالى- هو حالة عابرة، حالة مؤقتة، نعم أعراضك تحمل سمات ما يسمى بالقلق الاكتئابي، وإن شاء الله تعالى هو من الدرجة البسيطة، هذه النوبات في مثل عمرك قد تأتي دون أي أسباب ودون أي مقدمات، وفي بعض الأحيان قد يكون سببها سببا واهيا جدا، فالنفس البشرية ضعيفة بطبعها.
أنا أعتقد أنك بشيء من التصميم والعزيمة والإصرار والدعاء -إن شاء الله تعالى- سوف يزول ما بك، ولا بد أن تغير فكرك وتجعله فكرا إيجابيا سعيدا متفائلا، مهما كانت المشاعر سلبية يجب أن تسقط على نفسك المشاعر الإيجابية، والإنسان يستطيع تماما أن يبدل شعوره من سيئ إلى جيد.
أيها الفاضل الكريم: أنصحك الآن بالدخول في تمارين رياضية، أي نوع من الرياضة، أجبر نفسك على ذلك، وعليك بالنوم الليلي المبكر، والحرص على أذكار النوم، والتفاؤل، وتجنب النوم النهاري، وأن تكون تغذيتك متوازنة، مهما كانت الشهية مفقودة احرص أن تتناول كمية كافية متوازنة من الطعام، إذا الإصرار على التحسن سوف يجلب لك التحسن.
بالنسبة لوالدك الكريم – جزاه الله خيرا – قطعا هو يريد لك الخير، ويريد أن يشجعك، لكن يظهر لي أن منهجه لا يخلو من شيء من الاستعجال، يريدك أن تخرج من هذه الحالة بأي طريقة وكيفية، وربما اعتبرها نوعا من الهشاشة والضعف النفسي. اشرح له، ويمكن أن تطلعه حتى على إجابتنا هذه على رسالتك، بأن الذي بك هو قلق اكتئابي بسيط، وإن شاء الله تعالى عابر.
أنت لا تمثل ولا تدعي، ولا شيء من هذا القبيل، وإن شاء الله تعالى هذه الحالة سوف تزول، وإن عرضك والدك على الطبيب هذا أمر جيد - الطبيب النفسي – ليصف لك أحد محسنات المزاج، وأنت تحتاج لعقار بسيط جدا من نوع (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram) بجرعة بسيطة، خمسة مليجرام يوميا لمدة أربعة أيام، ثم تجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين أيضا، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
السبرالكس من الأدوية الجيدة والتي سوف تفيدك كثيرا، لكن الموضوع بالفعل يحتاج لشيء من النقاش مع والدك، نقاش بهدوء، نقاش بتؤدة، وأنا متأكد أنه سوف يقتنع، وحتى إن لم يوافق على أن تذهب إلى الطبيب النفسي سوف يوافق على أن تذهب إلى الطبيب العمومي ليكتب لك الدواء الذي أشرنا إليه، أو أي دواء مناسب، وأقنعه أنك لست من الذين يتناولون الـ (ترامادول Tramadol)، أنت لست من المدمنين، والطب النفسي يقدم خدمات ممتازة، وهنالك أدوية سليمة، أدوية فاعلة، أدوية غير إدمانية.
قطعا بالنسبة لمرض السكر يحتاج منك طبعا لتفهم هذا المرض وتجنب الأطعمة التي ترفع من مستوى السكر، وتمارس الرياضة، وتنام نوما مبكرا، أن تجعل نمط حياتك يتواءم مع هذا المرض، وأنا متأكد أنك سوف تنتصر عليه -بإذن الله تعالى-.
لا شك أن الحالة التي بك - وهي الإصابة بمرض السكر قبل ستة أو سبعة أشهر - لها تبعات سلبية، لكن من الواضح أنك سوف تتواءم وتتكيف التكيف الصحيح مع حالتك، لتعيش حياة صحية بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.