السؤال
السلام عليكم
يا شيخ: أنا فتاة في الـ (23) من عمري، تقدم لي شاب لخطبتي، وأنا أرغب به، ولكن أهلي رفضوه بسبب جنسيته، ولأنه لا زال في الجامعة، وفي نفس الوقت تقدم لي شاب آخر متعلم، ومرتاح ماديا، ولكنني لا أرتاح بالجلوس معه، ولا أستطيع تقبله أبدا، وجلست معه أكثر من مرة بعد ضغط من أهلي وكل من حولي، كنت أستقبله، وبعد أن جلست معه وصارحته أنه من الممكن أن لا يتم الموضوع، أراد أن نتخذ الخطوة الأولى ونقرأ الفاتحة.
بعد إصرار منه وحزني عليه؛ قبلت، وبعد مرور الوقت لا زال إحساسي نفسه، لا يعجبني حديثه، ولا أتقبل وجوده معي، أشعر بالضيق، صليت استخارة كثيرا، ودعوت الله أن أتقبله؛ لكي أستطيع المضي في الموضوع، وبعدها طلب أن نقطع الموضوع، وقال: إنه لا يوجد نصيب. وانتهى الموضوع.
عاودوا الاتصال مرة أخرى ويريدون إتمام الموضوع، وأنه حزين، وصار سوء تفاهم، وكل من حولي يضغطون علي، ويقولون: إن الله سيعاقبك إن لم تقبلي، وسيرسل لي عريسا يعذبني، ويكون سيئا؛ لأني متكبرة. ولكن أنا لا أرفضه على الشكل؛ لأني أريد أجمل أو أغنى أو ما شابه، فأنا لا أستطيع تقبله مطلقا، وخائفة إن رفضت أن الله يعاقبني، مع العلم أن الموضوع له شهران، وأنا لست سعيدة مطلقا، وأدعو الله دائما وأصلي.
ساعدني -أرجوك-، هل يعقل أن يعاقبني الله؟ وهل يعقل أن أتزوج من شخص لا أرغبه أبدا من أجل أهلي وبحجة أنه جيد وسيسعدني وأتزوج وأنتظر العشرة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فردا على استشارتك أقول:
- الزواج رزق من الله تعالى، يسير وفق قضاء الله وقدره، كما تسير بقية أمور الكون، يقول تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} وقال نبينا عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).
- يجب عليك وعلى أهلك ألا تركزوا في نظركم إلى الصفات الثانوية، كالغنى، والمكانة، وما شابه ذلك، وليكن تركيزكم الأكبر على توفر الدين والخلق قبل كل شيء كما أوصانا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) فالدين والخلق هما صمام أمان للحياة الزوجية المطمئنة، وهما أمران متلازمان لا ينفكان أبدا، ولا يغني أحدهما عن الآخر، وهما بالنسبة للزوجين كمثل الجناحين للطائر، وصاحب الدين والخلق إن أحب المرأة أكرمها، وإن كرهها سرحها بإحسان، ولا بأس بعد ذلك من النظر في بقية الصفات، مع عدم التعسف والمثالية الزائدة فيها، فهي قضايا نسبية، فالجمال والغنى نسبي، فإن وجدت الجميل فغدا سترين من هو أجمل وأغنى، ومن ثم ستصيبك التعاسة والأسى والحزن؛ فكوني راضية قنوعة.
- لا تقدمي على الموافقة إلا وأنت راضية ومطمئنة، وأفضل الاختيار ما اختاره الله لك، فصلي صلاة الاستخارة، وهي ركعتان من دون الفريضة بحيث يكون قلبك غير ميال لأحد الخيارين (الموافقة أو الرفض) ثم ادعي بالدعاء المأثور، وتوكلي على الله، فإن تمت الأمور بيسر وسهولة فاعلمي أن الله قد اختاره زوجا لك، فحينئذ كوني مطمئنة، ولو لم تعجبك بعض الصفات فسيجعل الله في ذلك خيرا كثيرا، والكمال في البشر عزيز، وإن تعسرت الأمور، وأغلقت الأبواب؛ فاعلمي أن الله قد صرفه عنك، فاحمدي الله على كل حال.
- الإنسان قد يحب شيئا وفيه شر له؛ لأنه لا يعلم الغيب، وقد يكره شيئا وفيه خير له، فيصرف الله عنه ما يحب لما فيه من الشر، ويحقق له ما يكره لما فيه من الخير، وأمعني النظر في قوله تعالى: {وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
- إن رفضتم صاحب الدين والخلق فيخشى أن الله يعاقبك؛ لأن الحديث يقول: (إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
- رفض أهلك لذلك الشاب الذي من جنسية أخرى قد يكون وجيها؛ لأن الإجراءات القانونية للزواج معقدة، ويحتاج لموافقة بلده وبلدك، وقد يقتضي الأمر سفرك مع زوجك على بلده في حال إتمام الإجراءات القانونية، وذلك يسبب لوالديك الحزن بسبب بعدك عنهما، ومن حقهما عليك وبرك بهما أن يبقوا سعداء، فالله تعالى قد قرن برهما بتوحيده، فقال: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ۖ وبالوالدين إحسانا}.
- عليك بالتضرع بين يدي الله تعالى بالدعاء وأنت ساجدة، وفي أوقات الإجابة أن يرزقك الله الزوج الصالح الذي يسعدك، وأن يوفقك لكل خير، ويبعد عنك كل ضير.
أسأل الله تعالى أن يختار لك ما فيه الخير، والله الموفق.