السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طيبتي سببت لي مشاكل كثيرة، فدائما الناس يستغلون طيبتي ويعاملونني معاملة وحشية، دائما أسعى للخير ومساعدة المحتاج، ولا أحد يقدر هذه الخدمات، هناك بعض الناس يعاملونني معاملة سيئة، ويستغلون طيبتي، فهل أعاملهم بالمثل وأترك الطيبة والخدمات؟
لدي صديق دائما أعامله معاملة طيبة،ـ دائما أنصحه وأذكره بالواجبات وبالطاعات، ودائما أحاول مساعدته من نفسي، وأقول لوجه الله؛ ولأنه صديقي حتى ولو صدر منه أي شيء سيء علي، وأقول يمكن أنه لا يقصد، وأترك الأمر، لكنه بالعكس يحاول أن يجد أي شيء يعاتبني به، ويقول كلاما غير جيد، تعبت من معاملة هذه الأنواع من الناس.
ما نصيحتكم لي في التعامل مع هؤلاء الأشخاص؟ لأن طيبتي ومعاملتي الحسنة كانت سببا في التقليل من قيمتي أمام الناس، ومن كرامتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- في موقع الشبكة الإسلامية، ونسعد دائما بتواصلك وردا على استشارتك أقول:
- من نعمة الله عليك أنك تعامل الناس معاملة حسنة وتعينهم على قضاء حوائجهم وتنصحهم لما فيه خيرهم كما أمرنا ديننا قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوىٰ ۖ ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ۚ}، وقال: {ادع إلىٰ سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ۖ وجادلهم بالتي هي أحسن ۚ إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ۖ وهو أعلم بالمهتدين}، {وقولوا للناس حسنا}، {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ۚ ادفع بالتي هي أحسن}، وقال عليه الصلاة والسلام: (أحب الناس إلى الله أنفعهم).
- تذكر منزلة الأخلاق العظيمة في الإسلام يهن عليك ما تجده من الناس، ولذلك استحق صاحب الخلق أن يكون من أقرب الناس منزلة يوم القيامة من النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (إن من أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)، ويقول: (إن أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون، وأبغضكم إلى الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الملتمسون للبرآء العنت)، ومعنى: (الموطؤون أكنافا) الذين جوانبهم وطيئة لينة يتمكن فيها من يصاحبهم، ولا يتأذى بهم، فهم يفرحون بالحسنة ويتجاوزون عن السيئة ويعفون ويصفحون، ومعنى: (الذين يألفون ويؤلفون) يعني يأنسون بالناس ويأنس الناس بهم ويحبون صحبتهم ويتقربون منهم ومعنى: (الملتمسون للبرآء العنت) الذين يطلبون للبريء السالم المشقة والفساد، يريدون أن يلطخوا المطهرين السالمين بما عافاهم الله منه من الآثام والعيوب.
- من لوازم مخالطة الناس الأذى من بعضهم، ولا بد من الصبر عليهم وتعاملهم فذلك خير من انعزالهم يقول عليه الصلاة والسلام: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصر على أذاهم).
- تذكر الأجر العظيم من وراء مساعدة الناس، واحتسب ذلك عند الله وستجد نفسك لا تبالي بما تعاني منهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل).
- تذكر ما كان يحدث من أذى للنبي صلى الله عليه وسلم نتيجة دعوتهم ومحاولة إنقاذهم من النار وسخط الجبار، ومع هذا آذوه أشد الأذى في نفسه وأهله، ألم يضعوا فوق ظهره سلى الجزور وهو ساجد؟ ألم يرموه بالحجارة؟ ألم يقولوا عنه إنه ساحر ومجنون ويعلمه بشر؟ ألم يحاولوا قتله ومع هذا صبر ونحن لنا فيه أسوة حسنة كما قال ربنا تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}.
- الصبر عاقبته خير وقد أمرنا الله به قال تعالى: {واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}، وقال: {واصبر علىٰ ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا}، وقال: { إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}، وقال: {ولمن صبر وغفر إن ذٰلك لمن عزم الأمور}، وقال: {واصبر علىٰ ما أصابك ۖ إن ذٰلك من عزم الأمور}.
- من أرفع أنواع الخلق الحلم على الناس، فكن حليما يقول عليه الصلاة والسلام لأشج عبد القيس: (إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة).
- تعامل مع الناس بأخلاق الإسلام ولا تتعامل معهم بأخلاقهم فذلك هو منهاج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
- تعلم دائما أن تدفع الإساءة بالتي هي أحسن كما قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
- انظر إلى منزلتك عند الله، وليس عند الناس، وإياك أن تعطي نفسك الرسائل السلبية، فالعمل الصالح لا ينقص قيمة صاحبه وإن اكفهر الناس في وجهه.
- أخلص عملك لله تعالى فمن أخلص لم يبال بمدح الناس وقدحهم، بل إنه يجعل كل ذلك سواء، فانتظار مدح الناس قدح في الإخلاص.
أسأل الله تعالى أن يوفقك، ويكتب أجرك، ويرفع قدرك، ويزيدك من فضله العظيم.