مشكلتي حب الظهور والنسيان والإفراط في العصيان، ما نصيحتكم؟

0 296

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في الجامعة, مدمن على الإنترنت حتى لو كان ذلك يعني إضاعة أوقاتي, بل حتى أنني أرى الامتحانات الأسبوع القادم ولا أزال أضيع وقتي في الجلوس أمام الحاسوب!

والمصيبة أنني مدمن كذلك على المواقع الإباحية العفنة! وعلى العادة السرية منذ ما يقارب ثمان سنوات, وتبت إلى الله عز وجل مرات عديدة، ولكن ما فتئت أعود إلى هذه العادة الخبيثة, حتى قدم رمضان قبل أربع سنوات والتزمت، وظللت على التزامي -والحمد لله- لمدة سنة كاملة، ولكن بدأ إيماني بالنقصان حتى عدت إلى العادة الخبيثة مجددا, وأنا على يقين أن هذه العادة عادت مع عودة إدماني على الإنترنت, منذ ذلك الوقت وأنا أمارس العادة السرية عدة مرات شهريا, وفي كل مرة أتوب وأعود, أتوب وأعود.

مؤخرا بدأت أحس بأنني أفرطت في عصياني خصوصا وأنني بدأت أقصر حتى في صلواتي، والتي هي عماد ديني, وفي كل مرة أتذكر قول الله عز وجل في سورة مريم: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} وأعلم أن تقصيري في صلاتي هو السبب الأساسي لما أنا عليه، هو وهجري لكلام الله عز وجل.

ودائما أحتقر وأصف نفسي كلما رأيت شخصا لا يصلي، أو يرتكب معصية ما بأنني أحقر منه وأسوأ, فأنا في أعين الناس شخص ملتزم خصوصا وأنني من عائلة محافظة، وكنت أؤم بالناس في بعض الصلوات, ولكني أنتهك محارم الله في خلواتي, أنصح غيري بالمحافظة على الصلاة وأضيعها! أنصح غيري بشيء ولا آتيه! وأخشى على نفسي أن أكون ممن تندلق أقتاب بطنه يوم القيامة, حتى وإن فعلت خيرا أصارع نفسي؛ حتى لا أدع للرياء نصيبا من عملي, لا آبه لما يقوله الناس عني, دائما أردد هذه الجملة؛ حتى أطرد حب الظهور والرياء من نفسي, لكني أجده دائما يتابعني.

تبت -والحمد لله- توبة أدعو الله أن تكون توبة نصوحا لا أعود بعدها إلى ما كنت عليه, لكني أشعر وكأن الرغبة في أن يرى غيري محاسني، وحب الظهور ما زال يخالجني, أندم ندما شديدا على ما ضيعت من عمري, كيف أرى في مواقع التواصل من هم أصغر مني سنا لكنهم أدرى وأعلم مني, سواء تعلق الأمر بالعلم الشرعي أم باللغة العربية أم بالعلم الدنيوي, كل هذه السنين التي أمضيتها في المعاصي أحس وكأنها أثرت على ذكائي وذاكرتي, حتى أنني أصبحت أخشى على نفسي من الزهايمر المبكر؛ لكثرة نسياني لما درسته وما تعلمته, ثم تخلفي في دراستي بسبب إدماني.

أتمنى أن تعطوني حلا لمواجهة حب الظهور الذي أعاني منه، وإن كان ممكنا حلولا لاستدراك ما فاتني وخصوصا ما يتعلق بالذكاء والذاكرة, فضعف ذاكرتي أصبح يؤثر علي حتى في حياتي اليومية، وليس فقط في طلب العلم الشرعي والدنيوي.

جزاكم الله خيرا على خدمتكم لهذا الدين، وأتمنى منكم الدعاء لي؛ حتى يوفقني المولى عز وجل للثبات على هذا الدين إلى أن نلقى الله عز وجل غير فاتنين ولا مفتونين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يتوب عليك ويصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويرزقنا وإياك الإخلاص، ويحقق في طاعته الآمال.

لا شك أن إدراكك للخطأ والخطر هو أول وأهم خطوات الصعود في سلم العافية بحول وقوة التواب الذي بيده الخير وإليه المصير والعاقبة، والمتأمل لما كتبت يدرك أنك تملك الإرادة، والدليل هو التوقف لفترات طويلة عن المشاهدة للخنا والممارسة الخاطئة، فاستجمع عناصر القوة الكامنة في نفسك، واستعن بالله، وتوكل عليه، وكفى به وكيلا وشهيدا وحسيبا.

أما بالنسبة لحبك للظهور: فعلاجه يبدأ بالإخلاص لله، واليقين بأن الناس لا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة ولا نشورا، فكيف بغيرهم؟! واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا وخططوا وكادوا؛ ليضروك لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، وعليه؛ فالعاقل يجعل عمله لله، وخوفه من الله، والمخلص لا يهمه ذم الناس ولا يطغيه مدحهم. وإذا ظن الناس بك خيرا فارتفع لمستوى ظنهم، واحمد الله الذي ستر عيوبك عنهم.

أما بالنسبة لمسألة تذكر المعلومات والتفوق في مجال العلم، فإن مستواك سوف يتحسن -بحول الله وقوته- بعد توبتك وإقبالك على الله، وقد قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم".

وقد ردد التاريخ أبيات الإمام الشافعي -رحمة الله عليه-:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ×× فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأنبأني بأن العلم نور ×× ونور الله لا يـهـدى لــعــاصي

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وإذا ذكرك الشيطان بتقصيرك فتذكر مغفرة الغفور، وجدد التوبة، وأكثر من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يرفعك عنده درجات.

مواد ذات صلة

الاستشارات