السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا فتاة أعاني من مرض اضطراب ثنائي القطب، ومن مظاهر هذا المرض، أن يمر المصاب بفترة اكتئاب حاد، ينعزل فيها عن العالم الخارجي، وعن كل مظاهر الحياة، ويصبح المريض يفكر جديا في الموت، وتستمر هذه الحالة النفسية لوقت طويل، وهذا المرض النفسي ناتج عن خلل في الإفرازات الدماغية.
والدتي ومن يحيط بي بشكل خاص، يرون أن سبب سقوطي في شباك هذا المرض أساسه نقص في الإيمان، علما بأنني إنسانة مؤمنة -بإذن الله-، وأحاول -بعون الله تعالى- أن أكون ملتزمة قدر المستطاع، لكن آراء من حولي تزيد من حدة اكتئابي، وعزلتي وتفكيري في الانتحار، لأنهم يقنعونني بأن هذا المرض لا يصيب المؤمنين، بل يصيب الكفار وذوي القلوب الفارغة فقط، علما بأنني أعيش في أوروبا، وطبيبي النفسي غير مسلم، ولا أجد شخصا يفهمني، فهل هذا المرض هو ابتلاء وامتحان ليغفر الله ذنوبي، أم أنه نقص في الإيمان، ودلالة على سخط الله تعالى؟
أرجو المساعدة من فضلكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة: أولا أريد أن أؤكد لك أمرا مهما، وهو أن هذه الحالة التي تحدثت عنها يمكن علاجها -بإذن الله تعالى- بصورة ممتازة وفاعلة، ونتائج العلاج دائما مبشرة، بشرط أن تكون هنالك متابعة مع طبيب والتزام بالعلاج.
النقطة الثانية: أنا أختلف تماما مع من قال لك أن السبب في مرضك هو نقص في الإيمان، لا، هذا مرض يصيب البر والفاجر، والصالح والطالح، والكافر والمسلم، والغني والفقير، والأسود والأبيض، هذه أمراض لا تفرق أبدا، لكن قطعا المسلم يواجه هذا الأمر كابتلاء ويسعى في الدواء؛ لأن ديننا العظيم يحثنا على أن ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، وأمر بالتداوي فقال: (تداووا عباد الله)، فمن يقول أن هذا المرض يأتي لمن هم مضطربي الإيمان هذا أمر ليس صحيحا، ولا أوافق عليه أبدا، وقد شاهدت من يحملون كتاب الله بين جنباتهم، تأتيهم لحظات من الضجر والكدر، لكن بالصبر، وبتناول العلاج يأتي -إن شاء الله تعالى- الفرج، فقدمي نفسك للعلاج، واصبري، واحتسبي، وكوني إيجابية في حياتك، ولا تتركي أي مجال للشكوك والظن، وما يكسر همتك ويضعفها.
أسباب المرض في الغالب، هي ناتج من نوع من عدم التوازن في بعض الإفرازات الدماغية لمواد تسمى (الموصلات العصبية)، فأرجو أن تكوني قوية الشكيمة والعزيمة، وأن تحطمي هذا المرض تماما، وواصلي مع طبيبك حتى وإن كان غير مسلم، فأنا متأكد أنه سيعطيك التوجيه التام والعلاج الصحيح، وفي ذات الوقت تواصلي مع مجتمعك المسلم، فالإنسان يحتاج للتعاضد ويحتاج للمساندة ولا شك في ذلك.
أرجو أن تكون قد اتضحت الصورة، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.