تضايقني اتكالية بعض الأشخاص وأسلوبي وشخصيتي الانتقادية!

0 267

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو نصحي، فأنا لا أحتمل الأشخاص الاتكاليين، ما يضايقني هو عدم قدرتي على التعامل معهم بشكل طبيعي، وتظهر علي مظاهر عدم الارتياح وعدم استطاعتي تقبل أطباعهم، هناك مجموعة من الأشخاص المقربين مني وأحتاج إلى معرفة الطريقة المثلى للتعامل معهم، فأنا لا أرغب بجرحهم وإزعاجهم فكيف السبيل؟ أعلم بأنني لا أستطيع تغيرهم ولكن ما أفضل وسيلة لتقبلهم؟

أشعر بالغضب عندما أراهم لا يستطيعون اتخاذ القرارات، ولا يتمكنون من التقدم خطوة واحدة، وعندما يتفادون أي مواجهة حتى ولو كان الحق معهم، فهم يطلبون من الأشخاص الآخرين بأن يقرروا عنهم، رغم هذا لا أشعر بأنهم راضون عمن حولهم، لا أدري ربما أنني أبالغ، ولكنني أحاول تجنبهم بصورة دائمة.

هذه الفئة تعلم بأنني أكره هذا الأسلوب ولكنهم يطلبون مني أن أقرر عنهم أو أن أقوم بواجباتهم، أرجو منكم التركيز على طبعي، وكيف يمكنني التكيف معهم دون الحكم عليهم وإزعاجهم، فأسلوبي انتقادي، ولا أدري كيف أتخلص من هذه الخصلة، أريد التخلص من أسلوبي الانتقادي ساعدوني، وأتمنى أن تفصلوا لي مشاعرهم في مثل تلك المواقف.

مشكلتي ليست مع الاتكاليين فقط، فأنا لا يعجبني العجب وأنتقد كل الأنواع والشخصيات حتى نفسي، ولا أكتفي بالانتقاد لفظا بل يظهر ذلك في أسلوبي وطريقتي بالتعامل معهم، أكره أسلوبي وأريد التخلص منه، هل توجد كتب معينة يمكنني الاستعانة بها؟ أفيدوني ولكم خالص تقديري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ المحبة في الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونحيي فيك الهمة والرغبة في التميز والنجاح، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والنجاح وصلاح الحال والفلاح.

لا شك أن مداراة الناس مطلب شرعي، والمؤمنة التي تخالط وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر، والمرأة المسلمة لها ما يحكمها من القواعد في تعاملها مع الرجال الأجانب، والناس مختلفون في قدراتهم وملكاتهم وفي همهم وهممهم، وعلو الهمة والرغبة في التقدم منحة من الوهاب، والناس كإبل مائة لا نكاد نجد فيها راحلة، فاقبلي من الناس ما يستطيعون عليه، والنمل يعذر في مقدار ما حمل، وأصابع اليد الواحدة تختلف، وقد قال الشعبي: "الناس بخير ما تباينوا فإذا تساووا أهلكوا".

وإذا أردت إسداء النصح لأي إنسان فلا بد من الإشادة بإيجابياته قبل الإشارة إلى الجوانب التي ترغبين في تنميتها وتطويرها عندهم.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وعليك بحسن الخلق مع الكبير والصغير، ولا تواجهي الناس بالأمور التي يكرهونها، وعليك بالرفق فإنه ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، واعلمي أن كل إنسان يحتاج إلى التشجيع، والأمر كما قال الشاعر:

يهوى الثناء مبرز ومقصر حب الثناء طبيعة الإنسان

وقد أسعدنا تواصلك ونكرر لك الشكر، وهوني على نفسك، واستمري في التميز واحرصي على تطوير العمل، ووزعي الأدوار والمهام، ولا تيأسي فإن الاستفادة قد تتأخر لكنها بحول الله وقوته سوف تتحقق.

وفقك الله وسدد خطاك وحفظك وأيدك وتولاك.

++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة: د. أحمد الفرجابي..........مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
تليها إجابة: د. محمد عبد العليم..........استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
+++++++++++++++++++++++++++
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

سؤالك طيب، وسؤال جميل جدا، وأجاب عليه الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي بصورة واضحة وجلية ورصينة جدا، فأرجو أن تأخذي ما قاله لك، ومن جانبي أقول لك:

الناس لديهم طباع ولديهم شخصيات، ويوجد أكثر من عشرين نوعا من الشخصية، وأنا أتفق معك أن هنالك ما يعرف بالشخصية الاتكالية، أو الشخصية الاعتمادية، وهي تعتبر شخصية قصورية، وهؤلاء بالفعل يسببون إشكالا كبيرا لمن حولهم.

إدراكك لأن هذا النوع من الناس موجود، هذا في حد ذاته يعتبر حلا لمشكلتك، وأن تحاولي أن تقبليهم كما هم لا كما تريدين.

وأود أن ألفت نظرك إلى أمر مهم جدا، وهو: ما هي سمات شخصيتك أنت؟ الذي يظهر لي أن شخصيتك أيضا لديها إشكالية، وهي أنك شخص مثابر وذو قدرة اندفاعية، وربما يكون لديك أيضا بعض الجوانب القلقية.

ميزاتك ميزات عظيمة وطيبة، لكنها تجعلك تجدين من الصعوبة قبول الآخرين، خاصة من الاتكاليين، فأنت مطالبة بأن تخففي قليلا من اندفاعيتك، وهم مطالبون بأن يحسنوا قليلا من اعتمادهم على الآخرين، وهذا يأتي من خلال ألا نكافئهم، ومن الضروري جدا تجاهل الكثير من مطالبهم، هذا علاج وعلاج مهم، لكنه يتطلب منك الصبر.

والأمر الآخر هو: لماذا لا تسعين أن تكوني دائما يدا عليا؟! هذا أمر عظيم، لكن لا تقضي للناس كل حاجة يريدونها، لأن ذلك يولد فيهم الاتكال، ويسبب لهم الضرر أكثر من النفع.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الموازنة النفسية السلوكية مطلوبة، وأنا أؤمن إيمانا قاطعا في مثل هذه الحالات بأن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، وهذا ليس موقفا سلبيا، أو موقفا هروبيا، إنما هو موقف واقعي.

ويا أيتها الفاضلة الكريمة: يجب أن نعزز بعضنا البعض فيما نتفق فيه، ونعذر بعضنا البعض فيما نختلف فيه.

أنا أريدك أيضا أن توجهي طاقاتك إلى أمور تفيدك جدا، مثلا: أن تنخرطي في عمل أو جمعية تساعد الفقراء والمحتاجين، أو جمعية للأيتام مثلا، هذا سوف يشبع رغباتك الداخلية ومثابراتك الإيجابية المنطلقة، ويقلل تماما من انزعاجك حول تصرفات القصورين والاعتماديين من الناس.

فإذا من خلال هذه المعادلة تستطيعين -إن شاء الله تعالى- أن تخففي من الضغوط على نفسك، ويجب أن تعبري عن ذاتك، هذا مهم جدا، لا تسكتي، ولا تحتقني، عبري عن ذاتك أولا بأول، وفي حدود الذوق.

ممارسة أي نوع من الرياضة أيضا سيكون مفيدا لك، وأن تحسني إدارة وقتك، فجري طاقاتك هذه، ففي ذلك خير كثير لك.

اقرئي عن الذكاء الوجداني أو الذكاء العاطفي، لأن الذكاء الوجداني يعلمنا كيف نقبل ذواتنا ونتعامل معها إيجابيا، ونقبل الآخرين ونتعامل معهم إيجابيا، ومن الكتب الطيبة والجميلة التي يمكن أن تقرئيها، الكتاب الذي كتبه (دانيل جولمان) في عام 1995 يعتبر مرجعا أساسيا، وتوجد كتب أخرى كثيرة، هنالك أيضا كتاب كتبه الدكتور (صالح الرشيدي) من الكويت، يسمى (التعامل مع الذات).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات