أمي تعاملني بقسوة وتدعو علي، فكيف أتعامل معها؟

0 305

السؤال

السلام عليكم ورحمته الله وبركاته.

أشكر القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم أجمعين.

أطرح لكم هذه الاستشارة وأنا أعلم أنها لن تغير من معاملة أمي لي شيئا، لكنني أريد نصيحتكم كيف أتعامل معها؟ أنا فتاة لم أتزوج، أبلغ من العمر 28 سنة، لم يتقدم لخطبتي إلا شخص واحد منذ 4 سنوات، وأعلم أنني ما زلت صغيرة في العمر، والمستقبل أمامي، لذلك أصبر وأحتسب، وكلي ثقة بالله أنني سأنال ما أريد، لكن أمي -هداها الله- تعاملني بقسوة، وتدعو علي بعدم التوفيق، وتغضب علي لو أخطأت بدون قصد، وتتمنى لي التعاسة في حياتي، وتعايرني أنني كبرت بالعمر ولم يتقدم لخطبتي أحد.

معاملتها وأسلوبها معي يضايقني، رغم أنني لم أضرها بشيء، فما ذنبي أنني وصلت لهذا العمر ولم أتزوج؟ ولماذا تشعرني أنني ناقصة عن بقية البنات؟ أنا -ولله الحمد- متعلمة وجميلة بشهادة الجميع، لكن طبيعتي الحساسة تجعلني أتضايق من كلامها، وأبكي وأخاف أن الله يتقبل دعاءها علي، فما نصيحتكم لي؟

أرشدوني جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونسأل الله أن يهدي والدتك، وأن يصبرك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، وندعوك للتفاؤل والاستعانة بالكريم المتعال، فإن بيده تغير الحال، وبفضله سيأتيك من يسعدك ويحقق لك ومعك الآمال.

صبرك على والدتك مما تؤجرين عليه، وتفادي غضب الوالدة حتى لو كان بمجاراتها مطلب شرعي، طالما كان كلامها وتصرفها لا يصادم شرع الله، لأن الوالدة تظل والدة، ولها حق المحبة والطاعة بالمعروف، حتى لو كانت كافرة تأمرك بالكفر، إلا أنك لا تطيعينها إذا أمرتك بمعصية، قال تعالى: "وإن جاهداك على أن تشرك بي شيئا فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا، واتبع سبيل من أناب إلي، ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون"، فكيف إذا كانت الوالدة من أهل الإسلام؟

وأرجو أن تعلمي أن الله عدل كريم، وأن دعاء الوالدة لن يضرك إذا كان بغير حق، واعلمي أن بر الوالدين عبادة، والذي يجازي عليها هو الله، وإذا قمت بما عليك فلا تغتمي بعدم رضاء الوالدة، قال سبحانة بعد آيات البر في سورة الإسراء: "ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا"، وفي الآية عزاء لكل من أدى ما عليه، وأرى الله من نفسه الصدق.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة الدعاء لنفسك وللوالدة، وتسلحي بالصبر، فإن العاقبة لأهله، وإذا لم تصبري على الوالدة فعلى من سيكون الصبر؟ فالوالدة هي صاحبة الحق الأول على الإنسان بعد فضل الرب العظيم، ونتمنى أن تبتعدي عن كل ما يثير غضبها، واقتربي منها، وزيدي من برها، وبالغي في إكرامها، وتعوذي بالله من شيطان يدفعك للتشاؤم من تغير الأحوال، ويجتهد في أن يجلب لك الأحزان، وهم عدونا أن يحزن أهل الإيمان، فعامليه بنقيض قصده، وثقي بأن الكون ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، وسيأتيك قدرك الذي كتبه لك الله، فاشغلي نفسك بطاعة الله، وارفعي أكف الضراعة إلى الله، واشكريه على ما وهبك من النعم، فبالشكر ننال المزيد، وبالشكر تحفظ النعم ولا تبيد، وربنا هو الغني الكريم الحميد.

لقد أسعدنا تواصلك، ونسأل الله أن يسهل أمرك ويوفقك، ونكرر لك الوصية بالصبر على الوالدة، وإياك وأن تعامليها معاملة الند، وقابلي إساءتها بالإحسان، واقتربي منها، وقبلي رجليها، ولبي طلباتها ما دامت ممكنة، وكوني مستمعة جيدة لكلامها، ثم نفذي ما كان أرضى لله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات