السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ سنة، وخلالها حدثت مشاكل كثيرة بيني وبين زوجي، وتطاول علي بالضرب والإهانة، وسامحته كثيرا، وكنت أبرر أنني أخطأت، ولكنني أعلم أن أخطائي لا تستحق الضرب والإهانة، وهو متعلق جدا بأهله، ويرى أن الزوجة تعوض ولكن الأهل لا، ويصل الأمر به مثلا أنه لا يخبرهم أنه أخذ الإجازة من أجلي.
أنا أعمل، ويريد مني أن أتكفل بنفسي ماديا في كل شيء، وأعلم أن هذا اقتراح أهله، لأنه كان رافضا مساعدتي له في أي وقت، وأثناء المشاكل يتحدث عني بسوء، وأحيانا يكذب فيما يقول عني.
وآخر مشكلة بيننا طردني من المنزل، وغير قفل الشقة، ولا أعرف ماذا أفعل؟ لا أريد الانفصال عنه، ولا أستطيع العيش بهذه الطريقة، فهو لا يرى للزوجة أهمية إلا إذا أرضت أهله، وهم يريدون أن أتحمل الإهانة، وأنفق على نفسي، وأقوم بخدمتهم.
أنا أعلم أنه يحبني، ولكنه أضعف من أن يواجه أهله، ماذا أفعل؟ هل يوجد حل غير الطلاق؟ أنا تركت منزلي منذ شهر، وخلال هذه الفترة لم يسأل عني، ولم يهتم بأخباري، أعلم أنه حنون، ولكن أهله لا يتركون له الفرصة أن يعطيني من حنانه، خاصة والدته وأخته، أفيدوني ماذا أفعل?
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Walaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقع الشبكة الإسلامية وردا على استشارتك أقول: ما أنت فيه أمر مقدر عليك من قبل أن يخلقك الله كما قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، هذه الحياة الدنيا كلها ابتلاء فالخير والشر كما قال تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة ۖ وإلينا ترجعون).
قد يكون سبب ما يصيب العبد ذنب ارتكبه ولم يستغفر الله منه، فلا بد من التفتيش في النفس واتهامها وعدم تزكيتها، فكلنا ذووا خطأ، يقول تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) وفي الأثر: (ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة).
ابقي على تواصل مع زوجك، وإن قطعك فلا تقاطعيه واجتهدي في الاقتراب منه أكثر ،واطلبي منه لقاء للتفاهم، ولا بأس من الاعتذار من زوجك على أي تقصير حصل منك، والقيام بخدمة أمه، والتقرب منها واعتبارها كأمك، واستفيدي من خبرتها وتجربتها في الحياة، فإنك إن اقتربت منها زالت الوحشة، وتبدل البغض إلى حب ومودة، وادفعي دوما بالتي هي أحسن، يقول تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ۚ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
اقترابك من زوجك وإشباع حاجته من الكلام العاطفي وابتدائه بذلك والقيام بخدمته والإحسان من استقباله وتوديعه وتهيئة سبل راحته في البيت والاهتمام بمظهره وإشباع حاجته الجنسية، سيجعلك تكسبين حبه وتأسرين قلبه -بإذن الله-.
لا بأس أن تعطيه جزءا من مرتبك مقابل أنه سمح لك بالعمل، فالمال يعوض -بإذن الله-، وإنما جعله الله لإقامة الحياة وهو وسيلة وليس غاية.
لا بد أن تعرفي مطالب زوجك، وأن تعملي جاهدة على تلبيتها، واستعيني بالله في أدائها، وعليك بالدعاء الذي علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة وزوجها علي -رضي الله عنهما- حين جاءت تطلب منه خادمة تعينها على أعمال البيت، فقال -عليه الصلاة والسلام- لهما: (ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين فهذا خير لكما من خادم، قال علي -رضي الله عنه-: فما تركت ذلك منذ سمعته، قيل له: ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين) فهذا الدعاء بفضل الله يعين على قضاء الأعمال.
أوصيك بالتضرع بين يدي الله بالدعاء أن يفرج الله همك ويكشف كربك، ولا تيأسي من روح الله، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، ومن أهم الأدعية دعاء المكروب: (اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت) ودعاء: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) ودعاء: (لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش الكريم لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم).
أكثري من الاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم -، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، يقول عليه الصلاة والسلام : (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
وثقي صلتك بالله، وأكثري من الأعمال الصالحة، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة كما وعد الله في كتابه الكريم بقوله: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
نسعد كثيرا في تواصلك في حال أن استجد أي جديد في قضيتك هذه، أو في أي قضية أخرى.
أسأل الله تعالى أن يصلح شأنك، ويرزقك السعادة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله الموفق.