السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أود أن أشكركم على جهودكم المبذولة.
أبلغ من العمر 17 عاما، أسرفت في ذنوبي، وفي كل مرة أذنب أعود إلى الله باكية ونادمة، ولكن مشكلتي أنني أذنب وأعود، حتى أنني استحييت من نفسي، وخجلت من ربي أن يغفر لي، ولكن في الثلث الأخير من الليل ذهبت لأصلي ركعتين وأناجي فيها ربي، وفتحت القرآن لعلي أجد علامة أن الله سيقبل توبتي، وفعلا ارتاح قلبي، واطمأننت عندما وجدت ما أريد.
سؤالي هو: كيف لي أن أبتعد عن طريق الضلالة والسوء؟ فقد نلت كفايتي من شهواتي، أريد أن أتخلص من كل سوء يبعدني عن الله، كيف لي أن أغرس التقوى في قلبي؟
وأشكركم حقا جزيل الشكر، وأرجو أن أجد جوابا منكم يريح نفسي.
حفظكم المولى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة، ويجب أن تكون توبتك نصوحا، والتي من شروطها: الإقلاع عن الذنوب، والندم على ما فعلت، والعزم على ألا تعودي إليها مرة أخرى.
مهما فعل العبد من ذنوب ولو تكررت منه مرات ومرات فإنه يجب عليه أن يتوب، فالله يتقبل توبة العبد ما دام يأتي منكسرا تائبا، يقول تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا علىٰ أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ۚ إن الله يغفر الذنوب جميعا ۚ إنه هو الغفور الرحيم)، قال ابن عباس: إن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) ونزل : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ).
وفي الحديث الصحيح: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل)، وفي آخر: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر وما لم تطلع الشمس من مغربها) والله تعالى يفرح بتوبة عبده.
فالله عز وجل يقبل توبة عبده وإن عاد للذنب مرة أخرى، ففي الحديث القدسي: (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربي اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربي اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء)، ولا يفهم من قوله: "فليفعل ما شاء" إباحة المعاصي والإثم، وإنما المعنى: مغفرة الذنب إذا استغفر وتاب.
اجتنبي كل ما يذكرك أو يعينك أو يوصلك لتلك المعاصي، سواء كان صديقا، أو خلوة، أو برامج تواصل، كما قال الله تعالى في حق الخمر والميسر وغيره: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) فقوله فاجتنبوه أي اجتنبوا كل السبل التي توصلكم إلى ذلك.
أشغلي وقتك بكل مفيد، والتحقي بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، وصاحبي الخيرات والصالحات، وأكثري من الأعمال الصالحة كصلاة النوافل، وصيام بعض الأيام الفاضلات، وتلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك من أسباب تقوية الإيمان.
كما أن من أسباب الوقوع في الذنوب والمعاصي ضعف الإيمان، وضعف مراقبة الله التي هي ثمرة لذلك الإيمان، فإن وثقت صلتك بالله فحافظت على الفرائض، وأكثرت من العمل الصالح -كما ذكرنا سابقا-؛ فستجلب لك الحياة الطيبة -بإذن الله-، كما وعد الله بذلك بقوله: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
أكثري من الدعاء بين يدي الله، وسليه أن يثبتك ويلهمك رشدك، وأكثري من الدعاء (يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك).
أسأل الله أن يمن علينا بالتوبة والاستقامة آمين.