السؤال
أنا طالب في المرحلة الثانوية، أعاني من تكبري في بعض الأحيان، وكثرة الاستهزاء ببعض الزملاء المقربين وغيرهم! ولي طريقة غريبة معهم: هي أنني دكتاتور في تعاملي في بعض الأحيان! سواء كان الكلام جدا أم مزاحا،
وكثيرا لا يصدقونني في كلامي، ويعتقدون أنه للمرح والمزاح، وليس جدا، وأكون في الحقيقة جادا، فماذا أفعل؟ كل هذا في معظم الأحيان.
أحس أنني مكروه من الناس بسبب تكبري، ولي صديق حميم يحبه الناس جدا ـ سواء يعرفونه أم لا ـ ويفضلونه علي، وكل أسرار زملائنا معه، حتى أصبحت أغار منه، وربما أكرهه،
مع العلم أنني أوسم منه.
الإجابــة
يسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
أخي محمود، حفظك الله ورعاك، أعلم أن المؤمن يألف ويؤلف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس)، فيكون الحرص على إكرام الناس باعتبارهم أسوياء، والسوي من الناس إذا أكرمته، عرف المعروف، والشاذ من يتمرد كما قال الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
والتكبر ـ أخي محمود ـ من صفة الضعفاء العاجزين الذين لا يستطعون أن يقدموا منفعة للآخرين، وقد نهى الله تعالى نبيه عن فظاظة القلب والترفع عن الغير فقال تعالى: ((ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك))[آل عمران:159] ولكنه صلى الله عليه وسلم كان لينا، سهلا، متواضعا، لا يميز بين أصحابه، حتى إذا جاء أحد من الغرباء كان يقول أيكم محمد ـ أي لا يميزه من بين أصحابه ـ وهذا ـ أخي محمود ـ هو قدوتنا ومعلمنا ومربينا فلنقتد به! وهو الذي قال صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أحسنهم أخلاقا) وحسن الخلق لا يأتي من التكبر أو الغطرسة أو تسفيه الغير.
واعلم ـ أخي محمود ـ أن كسب محبة الناس ليست بالجمال أو المال أو الجاه، فقد تتوفر لديك كل هذه الأساسيات، ولكن مع ذلك لا أحد يحبك أو يقبلك، وإذا رأيت منهم ابتسامة فربما تكون مجاملة فقط، ولكن بالأخلاق الحسنة، بالكلمة الطيبة، بالابتسامة العريضة، بالإحسان إليهم، بهذه كلها ستكسب قلوبهم ومحبتهم واحترامهم لك، كما قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
وهناك أمور يكرهها الناس حاول أن تتجنبها، وأمور يحبها الناس حاول أن تلتزم بها، فأما الأمور التي يكرهها الناس فهي:
1- النصيحة في العلن، يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم، ولكن من الأفضل أن تأخذه على انفراد؛ فذلك أدعى للقبول.
2- لا تعطهم أوامر من عندك مباشرة، فأنتم كلكم سواء، ولكن إذا جاء الأمر بلطف، فذلك أدعى للقبول.
3- لا تركز على السلبيات فقط دون الحسنات.
4 - حاول ألا تعامل زملائك باستعلاء واحتقار، والتواضع هنا واجب.
أما في ما يخص القضايا التي يحبونها:
1- يحبون من يقدرهم، ويحترمهم، ولا يحقرهم، وقد أوصانا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعدم احتقار والتكبر على غيرنا.
2- يحبون من يصحح أخطاءهم، لكن دون جرح مشاعرهم.
3- يحبون من يناديهم بأحب الأسماء إليهم، وهذا له أثر كبير.
وهناك قضايا أخرى لا يتسع المكان لذكرها، وخاصة فن التعامل مع الآخرين، وكيف تكسب قلوبهم، وكلما تواضعت لغيرك، رفع قدرك وشأنك، واحترمك.
وبالله التوفيق.