اختبارتي قريبة ولكني أشعر بفشل وانحطاط عزيمتي وكسلي.. ساعدوني

0 245

السؤال

السلام عليكم

خرجت إلى تركيا منذ سنتين بسبب الحرب، والآن أنا أستعد لدخول الجامعة، لكن للأسف أيضا فقد أضعت سنتين دون دراسة، والآن عمري 20 سنة.

مشكلتي أنني تائه جدا ودائما مشوش الذهن، لا أعرف ما أريد، ولا أعرف حياتي إلى أين مآلها؟ أشعر أني فارغ جدا من الداخل فلا شيء يدفعني إلى الأمام، وهمتي دائما ضعيفة، لا أعرف ماذا أفعل ولا أعرف لماذا أدرس، ودائما ما أفكر في وضعي، وفي حزني الذي جنيت به على نفسي وصنعته من تفكيري، حتى بت أشعر أنه بتأثير نفسي على نفسي، وصرت أحس بفراغ عقلي وضعف مخيلتي، وقلة إبداعي في أي شيء كان.

الشيء الذي يضايقني كثيرا هو تحمل أهلي مصاريفي، وأنا أضيع كل هذه النعم، فالآن دراستي للتحضير الجامعي سيئة، وبقي شهر فقط على امتحاني، ولا أعرف ماذا أفعل وأشعر أني مضطر لإضاعة سنة، أو سنين أخرى.

أعرف أن تغير حالي يبدأ من تغيير نفسي، لكني عجزت في ذلك، ودائما ما أضعف أمام أي شيء حتى أصبحت أخاف من التغيير إذ أني أتوقع فشلي.

شاهدت الكثير من المحاضرات، ودائما أرى نفسي ألجأ لها لأخفف يأسي ولأرضى بما أنا به.

لدي مشكلة لا أدري إذا كانت لها علاقة بما أنا به، وهي شدة تعلقي بالأشخاص والأشياء، فأصبحت لا أرتاح مع أي شخص سوى صديقي الذي أحبه أو غيره ممن أود لهم هذا الشعور، لكن سرعان ما أكتشف أنه ما من أحد باق، والكل يريد اللحاق بعمله، أو مصلحته التي تهمه.

أنا الآن أشعر بوحدة مطلقة، فلا أصدقائي بجانبي، ولا أهلي بقربي.

من شدة تفكيري في هذا الأمر وإحساسي بالوحدة لجأت لمحادثة فتاة حتى أملأ فراغي الداخلي لكن -ولله الحمد- أدركت سوء هذا الأمر، وأنها لن تكون الدواء الشافي لمعاناتي هذه فابتعدت عنها.

أتمنى وأرجو الله، ثم أرجوكم أن ترشدوني إلى طريق أتبعه، وأجد حلا لضعف نفسي، وقلة حيلتي، وهوان قراري، فقد مللت من نفسي، وصرت أشعر بفشلي وانحطاط عزيمتي وكسلي المفجع الذي لم يثمر علي سوى الفشل.

شكرا على مجهودكم، جعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا بالرغم من صعوبة هذا الأمر، فليس سهلا أن يتحدث الإنسان عن التجارب المؤلمة التي يمر بها، أعانك الله وخفف عنك.

ربما أول خطة تحتاجها هي محاولة وضع النقاط على الحروف، كما يقولون، أي أن تعرف أن ما أنت فيه ليس بسبب الفشل أو انحطاط عزيمتك، أو كسلك المفجع كما قلت..، وإنما ما تعيشه، ويعيشه الكثير من السوريين الذين ذاقوا مرارة الحرب والدمار، واضطرتهم الظروف للخروج من بلدهم واللجوء لبلد آخر... كل هذه المعاناة ليس بخلل في هؤلاء الناس، وإنما هي ردة فعل إنسانية طبيعية لأحداث غير طبيعية وليس العكس، فما هو غير طبيعي ليس شعورك السلبي، وأنك أضعت سنتين من عمرك... وإنما الشيء السلبي هو القتل والتدمير والتهجير الذي عشته ويعيشه السوريون، فرج الله عنهم جميعا.

ونتيجة هذا الكلام أن ترفق بنفسك وتعذرها على الحال الذي أنت عليه فهو ليس من صنعك، ولست تحاسب عليه، وإنما هي الظروف والأحداث، ولا ننس أيضا الغربة وصعوباتها وتحدياتها...

وكلنا يعلم معاناة الآلاف من السوريين الذين فقدوا التعليم من مدارس وجامعات، وبعضهم ربما تتاح لهم فرصة العودة للدراسة، والكثير منهم قد لا تتاح لهم هذه الفرصة مجددا.

وسوريا المستقبل لا شك تحتاج لأجيال متعلمة تستطيع إعمار وبناء سورية، ليس فقط من جديد، وإنما ليكون أفضل مما كانت عليه، تذكر اليابان وألمانيا حيث دمرتا في الحروب، وانظر حالها الآن! وكل هذا بسبب الإنسان، فصحيح أنه دمرت الأبنية والمدن، إلا أن بناء الإنسان هو الأساس، فالحجر يمكن أن يبنى من جديد، طالما أن الإنسان بخير.

وبعد هذا الفهم للظروف التي تعيشها، حاول الاستفادة من النعم الكثيرة التي وهبك الله إياها مع الأهل والأسرة، ومن وجود فرصة العودة للدراسة الجامعية، ومما أعطاك من الفهم الواضح من سؤالك، ومن الخلق والذي أيضا واضح من خلال ما بين سطور رسالتك، حفظك الله وسدد لك طريق النجاح والتوفيق.

مارس دراستك ونشاطاتك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها، وخاصة نمط الحياة الصحي، من العبادة والتغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بنمط الحياة، وأعط نفسك بعض الوقت لتبدأ بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك، ولا تنس أن أفضل تقدير للنفس هو ما ينبع من الداخل وليس من إطراء الآخرين لنا.

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الصعوبات من تلقاء نفسها وأنت تتجاوز المرحلة الحرجة هذه، وخاصة من خلال الاختلاط بالناس والحديث معهم، ولكن إذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض، ولم تشعر بالتغيير الذي تتمنى فقد يفيد مراجعة أخصائي نفسي سواء في الجامعة أو غيرها، ممن يمكن أن يقدم لك الإرشاد النفسي المطلوب، وإن كنت أعتقد بأنك ستتمكن من السير قدما في حياتك من دون الرجوع للأخصائي النفسي.

وفقك الله ويسر لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات