السؤال
السلام عليكم.
كل عام وأنتم بخير.
أنا أعاني من ثنائي القطب من الدرجة الأولى، ويميل القطب أكثر شيء للاكتئاب، واضطراب الشخصية الحدية.
كما أن عندي مشكلة أتعتبتني نفسيا، وهي الفراغ الشديد والملل، والسبب هو عجزي عن فعل أي شيء، فأنا أتفرج على مقطع أو مقطعين في يوم، وأغسل الصحون في رمضان، وأقوم بفعل أشياء بسيطة جدا، حتى الأمور التي أحبها لا أستطيع أن أقوم بفعلها، ولا أجد رغبة بفعلها أو فعل أي شيء، لدرجة أني سئمت حياتي وأتمنى أن أموت.
حاول الأخصائيون بأن أعمل جدولا، ولكني لم أستطع الاستمرار، فأنا أشعر بأني لا أطيق روحي، وأنام كثيرا، وبمجرد أن أستيقظ أرجع للنوم مرة أخرى، وعندما أستيقظ أشعر بتعب في جسدي، وقد مضى على حالتي هذه 6 أشهر وأكثر، عجزت أن أجد من يساعدني ويخرجني من حالتي هذه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونرحب بك في الشبكة الإسلامية في هذه الأيام الطيبة، وأبدأ بنصيحة بسيطة جدا وهي: ألا تفكري في قتل نفسك؛ فهذا أمر بشع وشنيع، والله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}.
أعرف أن الذين يعانون من الاضطراب الشخصية الحدية تأتيهم هذه الفورات الفكرية المعرفية السلبية في بعض الأحيان، وهذه يمكن تجاوزها بشيء من الصبر والمعقولية في التفكير، وتذكري أنك مسلمة، وأن لديك أسرة، وأن تفقدي حياتك أو تأخذيها عنوة هذا أمر غليظ جدا من حيث حرمته، وفي ذات الوقت مآل قاس جدا عليك وعلى أهلك، فلا تفكري في هذا الأمر، وأنا متأكد أن حياتك فيها أشياء إيجابية، وفيها أشياء طيبة، لكن الفكر السلبي جعلك تتجاوزينها تماما ولا تستوعبيها، ففكري فيما هو طيب في حياتك، وحاولي أن تنميه.
قطعا بهذين التشخيصين –وهو الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية والشخصية الحدية– أنت في حاجة أن تكوني تحت الإشراف الطبي النفسي من فريق علاجي تثقين فيه، محتاجة لأخصائي نفسي، ومحتاجة لطبيب استشاري نفسي، والحمد لله تعالى الآن اضطراب الشخصية الحدية ليس كما كان يعتقد فيما مضى أنه تشخيص سيئ، وأن الذين يعانون من هذه الحالة لا تتحسن أحوالهم، لا، اتضح أنهم بمرور الأيام يتحسنون خاصة العنصر النسائي، هذه بشرى عظيمة أود أن أزفها إليك.
حالة الملل والضجر والشعور بالخواء والفراغ هي التي تؤدي إلى شعورك السلبي، لأن هذه إحدى سمات الشخصية الحدية، لكن الإنسان يمكن أن يواجه ذلك من خلال استثمار وقته، من خلال الإصرار على أن يكون فعالا، وأن تبني نسيجا اجتماعيا طيبا، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، وسوف تجدين -إن شاء الله تعالى- من سيأخذ بيدك، انخرطي في عمل تطوعي، في عمل ثقافي، فكري في دراسات إضافية... وهذا كله -إن شاء الله تعالى- يقويك من الناحية النفسية.
بالنسبة للعلاجات الدوائية: لا شك أنها مهمة جدا، وطبيبك المعالج سوف يقرر لك أي نوع من الأدوية يجب أن تتناوليها، بصفة عامة: مثل حالتك هذه تتطلب عقار (لامكتال) كمثبت للمزاج، وعقار (سوركويل) والذي يعرف علميا باسم (كواتبين) بجرعات طيبة ومحترمة، أعتقد أنه سوف يتم مساعدتك تماما من الناحية المزاجية، وكذلك فيما يتعلق باضطراب الشخصية.
الآن توجد دراسات كثيرة جدا تشير أن عقار (توباماكس) والذي يعرف علميا باسم (توبارميت) دواء ممتاز لعلاج اضطراب الشخصية الحدية، هو في الأصل دواء مضاد للصرع، ومثبت للمزاج، وهو من المثبتات الضعيفة للمزاج، لكن وجد أن له خاصية إيجابية جدا في مساعدة مرضى الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية الذي يتسم بوجود شخصية حدية مضطربة.
فهذه كلها أفكار يمكن أن تطرحيها للطبيب المعالج، وإن شاء الله تعالى تجدين الإجابات الجيدة، وأنا متفائل جدا أن حالتك سوف تستجيب إن شاء الله تعالى للعلاج بصورة جيدة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.