السؤال
السلام عليكم
بدأت معاناتي قبل 4 سنين، كنت في المسجد يوم الجمعة أستمع للخطبة، وكان الخطيب يتحدث عن عذاب القبر والموت فشعرت بإحساس غريب لم أحس به من قبل، وكنت أنتظر طلوع روحي لدرجة الإحساس بذلك، وكنت أتمنى أن أخرج مسرعا من المسجد ولكن لم أستطع لازدحامه الشديد.
بعد انتهاء الصلاة ذهبت للبيت وكنت في حالة من الخوف، حتى هدأت بعد ساعات ثم رجعت الأمور طبيعية، وبعد يومين رجع لي الإحساس وبشدة، لدرجة أني خرجت أركض من البيت خوفا من الموت، واستمر معي هذا الحال وبدأت تتطور أموري، أحس بظلام في عيني وتعب شديد، وخمول وخوف وضيقة شديدة، لدرجة إرادة البكاء، ولا أستطيع، وزيادة في ضربات القلب، حتى إني قمت بفحص قلبي أكثر من مرة، ولله الحمد سليم.
استمر معي هذا الشعور طول اليوم، وتأتيني دقائق في اليوم وأحس نفسي شفيت، وتفتح عيناي من الظلام ويأتيني نشاط لدرجة إرادة الخروج والنزهة، وفجأة يرجع الشعور الأول، وعلى هذا الحال، ويذهب الوسواس بالموت، ويأتيني وسواس الأمراض --والعياذ بالله- وأذهب إلى المستشيفات وأقوم بالفحوصات والنتائج ولله الحمد سليمة.
لجأت للطب النفسي وأخذت حبوب زانكس وانتا برو وفافرين وباروكسات، وكنت أشعر بتحسن ولكنه بسيط، وترجع الأمور كما كانت وكسل شديد، وبعدها ذهبت لشيوخ منهم الراقي ومنهم من يقول: إنه روحاني، والله أعلم، وكل واحد يفتي، منهم من قال: سحر والذي قال: مس والذي قال: عين والذي قال: قرين، ولم أتحسن.
أنا محافظ على صلاتي وأذكاري، ومنذ سنة أشعر بألم في ظهري منطقة تحت الكتف، ذهبت لعدة دكاترة واستخدمت أدوية وكريمات ومساجات.
أرجو الإفادة منكم بعد الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله طاعاتكم.
لو رجعت إلى بعض الاستشارات النفسية التي ترد إلينا في الشبكة الإسلامية أو في المواقع الأخرى سوف تجد أن مثل حالتك هذه منتشرة وشائعة جدا، إذا أنت لست الوحيد الذي يعاني مما تتحسسه وتلتمسه من أعراض.
أيها الفاضل الكريم: وصفك دقيق جدا وجيد حقيقة، مما يجعلني أقول لك وأنا على درجة عالية جدا من اليقين، إن التشخيص هو أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، هنالك قلق، هنالك مخاوف، وهنالك وساوس، وهي مترابطة مع بعضها البعض، والمخاوف قد تتعدد: مخاوف من الأمراض، مخاوف من الموت، مخاوف من مقابلة الآخرين. وهكذا.
أيها الفاضل الكريم: حالتك هذه ليست خطيرة أبدا، لكن العلاج يجب ألا يكون معتمدا على الأدوية فقط، الأدوية تساعد وتساعد بصورة فعالة، خاصة إذا تناول الإنسان الدواء الصحيح وبالجرعة الصحيحة ومن الطبيب الصحيح وللمدة الصحيحة.
الآليات العلاجية الأخرى مهمة، أول آلية علاجية هو تغيير نفسك معرفيا أو فكريا، وأن توقف تحليل هذه الأعراض وهذه المخاوف، يعني لا تناقشها مع نفسك، لا توسوس حولها، تحقرها، تغلق الطريق أمامها، وهذا أمر مهم جدا، ولا تستجيب أبدا للنزعات التي تأتيك من هذه المخاوف، حين تأتي الفكرة حقرها، عش الحياة بقوة.
والأمر الثاني وهو مهم جدا جدا: أن تشغل نفسك بما هو مفيد، ألا تعطل حياتك، مهما كانت هذه الأعراض، الخوف من الموت: الموت حق نعم، هكذا تقول لنفسك، اذهب إلى زيارة المستشفيات، اذهب إلى زيارة الناس وشاركهم في مناسباتهم، اذهب إلى أصدقائك، احرص على صلاة الجماعة وكن دائما في الصف الأول في المساجد، كن مجيدا لعملك، كن واصلا لرحمك، مارس الرياضة... هكذا يا أخي الكريم تستطيع بالفعل أن تتخلص من هذه الحالة التي تعاني منها.
حتى يطمئن قلبك وتتوقف عن التنقل بين الأطباء أنصحك بأن تذهب إلى طبيب الأسرة، أن تذهب إلى الطبيب الذي تثق فيه، وتقابله مرة واحدة مثلا كل ثلاثة أشهر، هذا من أجل المراجعة العامة، تتأكد من مستوى الدم، وظائف الأعضاء الرئيسية لديك، وهذا في حد ذاته سوف يبعث فيك طمأنينة كبيرة جدا.
ممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك، الرياضة نحن نحتم عليها لأن الدليل العملي أو التطبيقي أثبت أن الرياضة تعالج القلق والمخاوف والوساوس، فاحرص على ذلك.
بالنسبة للأدوية: هي متقاربة ومتشابهة، لكن الدواء الذي نراه أفضل هو الزولفت، والذي يعرف باسم سيرترالين، دواء رائع، بشرط أن يصبر الإنسان عليه، وأن يتناوله لمدة أطول نسبيا، وبجرعة متوسطة. البداية يمكن أن تكون بنصف حبة مثلا، خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تكون الجرعة حبة كاملة (خمسين مليجراما) يوميا لمدة شهر، ثم تكون حبتين في اليوم – أي مائة مليجرام – وهذه أقل جرعة مفيدة، وهذه تستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك تخفضها إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أيضا، ثم تجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
ليس هنالك ما يمنع أن تدعم الزولفت بالعقار الآخر وهو الجنبريد، والذي يسمى علميا (سلبرايد)، وهو متوفر في المملكة، الجرعة هي خمسين مليجراما صباحا وخمسين مليجراما مساء لمدة شهر، ثم خمسين مليجراما صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أخي الفاضل: من الأفضل أن تتجنب تناول الزاناكس والأدوية المشابهة له، وقطعا إذا تواصلت مع طبيبك النفسي هذا أيضا سوف يكون فيه فائدة وخير كبير بالنسبة لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.