أعاني كثيراً من الوساوس وبالذات في الدراسة، ما الحل؟

0 134

السؤال

السلام عليكم
أشكر جميع العاملين بهذا الموقع الخيري، جزاكم الله خيرا.

أعاني كثيرا من الوساوس، وبالذات في الدراسة، أصابتني هذا العام اضطرابات نفسية شديدة، نتيجة للتعامل مع أصدقائي، اضطرابات لم أشعر بها من قبل، ولا أعرف سببها؟!

أتعامل كثيرا مع أصدقائي، والشعور صار مختلفا جدا عن ذي قبل، أدقق بكل كلمة وأعمل لها ألف حساب، حتى ولو كانت عن طريق المزاح، وأشعر بالغضب، وعقلي يفكر بأفكار تكاد تقتلني، وليس هذا فحسب، بل تشعرني بالهم لما سيحدث مستقبلا!

علما أني لم أكن أبدا أفكر بهذه الطريقة من قبل، وأحيانا أتعجب من نفسي، فلدي عزيمة لترك العادة السرية، لأني كنت أمارسها، وأتحكم فيها وفي شهوتي تحكما شديدا، بل وأستطيع أن أفقد وزني في ظروف لا تسمح بذلك، ولا أستطيع أن أتغلب على اعتقادات وأفكار عقلي.

أحيانا يصل بي الأمر أن أسأل نفسي لماذا أفكر هكذا في (الترم الثاني) من الدراسة؟ وبدأت أصاب بهذه الاضطرابات النفسية، خصوصا في أيام الامتحانات، فلقد مرت علي تلك الأيام وكأنها سكين على رقبتي!

علما أني كنت لا أحمل أي هم أو قلق بجانب المواد، لأني كنت منجزها، وقمت بتحصيلها، وأفكر فيما سيقوله لي أصدقائي عندما أتعامل معهم غدا، أو ما سيحصل لي في يوم امتحان كذا، وأشعر أن عقلي يبحث عن الهم والحزن، كأني قد سجنت في سجن!

اضطرابات عقلي وتفكيري لا أعلم ماذا أفعل؟ وأصدقائي الأقل مني علامات وتقديرات، وأقل مني في مستوى التحصيل والدراسة، يعيشون أياما هنيئة، لا يحملون أي هم وحزن، أكاد أحسدهم على هذه الراحة النفسية التي هم فيها، وأهلي قد أشفقوا علي من هذا، بل وصل الأمر إلى أن دقات قلبي كانت تزداد عندما أفكر بشكل مخيف جدا.

وصلت بي الدرجة إلى أن جدي قد توفي في ذلك الوقت، وكان حزني وتفكيري في اضطرابات عقلي أشد من حزني عليه، بل إني كنت لا أشعر بوفاته من شدة اضطرابات عقلي وهمومي التي لا أعلم كيف تأتيني عن طريق عقلي.

علما أني شخص توفرت لي كل ضروريات الحياة، ولا ينقصني مما أحتاج إليه في الحياة شيء، وفي أوقات الإجازة تأتيني هذه الاعتقادات والأفكار، وتنغص عيشتي وتجعلني لا أنام، وقلبي يدق، وكأني سأقتل غدا! لا أعلم ماذا أفعل؟!

جزاكم الله كل خير، ورزقكم الهدى والتوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية، وأن يتقبل صيامكم وطاعاتكم.

رسالتك هذه أنا أربطها برسائلك السابقة، وأقول لك أيها الفاضل الكريم: هذه المشاعر وهذه الأفكار التي تستحوذ عليك ناتجة من القلق.

النواة النفسية الأساسية لديك القلق، فهو يعتبر مكونا رئيسيا لها، والقلق كثيرا ما يكون مصحوبا بتشعب الأفكار وتداخلها بشكل مزعج جدا، وهنا يبدأ الإنسان يوسوس بهذه الأفكار، ويعرف أن الوسواس يؤدي إلى المزيد من القلق، ومزيد من التشابك في الفكر مما يجعل الإنسان يحس بنفس المشاعر التي تحدثت عنها.

هذه الحالة هي قلق وسواسي، وأنا أعتقد أن العلاج الدوائي مهم جدا في حالتك، والحمد لله تعالى توجد الآن أدوية فاعلة وأدوية ممتازة، ليست إدمانية، فإن قابلت طبيبا نفسيا فإن أحد مضادات القلق والوساوس سوف تفيدك، وحتى إن ذهبت إلى طبيب عمومي أو طبيب أسرة يمكنه أن يصف لك أحد هذه الأدوية، وعموما إذا كان عمرك أكثر من عشرين عاما فلا يمنع أن تتحصل عليها من الصيدلية مباشرة.

عقار (مودابكس) والذي يسمى علميا (سيرترالين) ويسمى أيضا تجاريا باسم (لسترال) سيكون دواء مثاليا جدا لحالتك، والجرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة (خمسين مليجراما) ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة، لأن المودابكس يمكن تناوله حتى مائتي مليجرام في اليوم – أي أربع حبات – وأنت قطعا لست في حاجة لهذه الجرعة، فهذه هي الآلية العلاجية الأولى والأساسية في حالتك، أي تناول الدواء.

العلاج الآخر قطعا هو التجاهل، التجاهل التام، نعم أنا أعرف أن هذه الأفكار شديدة ومتسلطة وحادة في طبيعتها، لكن هذا لا يمنع أبدا أن تحاول أن تحقرها، ألا تناقشها، لا تشرحها، لا تجري حوارات مع أفكارك، حين تأتيك الفكرة قل لها: (أنت فكرة وسواسية قلقية حقيرة، أنا لن أشغل نفسي أبدا بك)، وانصرف للحياة، ولا تترك مجالا للفراغ أبدا، تكون لك أنشطة متعددة على مستوى الأسرة، منع أصدقائك، زملائك، أن تحرص على العبادات خاصة الصلاة في وقتها ومع الجماعة، أن تكون شخصا نافعا لنفسك ولغيرك.

هذا يا أخي الكريم يتيح لك فرصة عظيمة جدا لأن تحس بالراحة النفسية الداخلية، وأيضا التعبير عن الذات نعتبره تطبيقا نفسيا مهما، الكتمان يولد الكثير من القلق، وحتى موضوع المقارنات التي دخلت فيها وأنك تحسد الآخرين على راحتهم النفسية، هذا شعور سلبي جدا، من خلال التحدث مع الآخرين والتفريغ النفسي أعتقد أنه سوف يتلاشى، وبالنسبة للحسد: لابد أن تكثر من الاستغفار.

هذه هي الموجهات العلاجية العامة، وأنا متفائل جدا أن حالتك ستعالج وسيتحسن تركيزك، وكل هذه الأفكار التي تنازعك ستختفي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات