السؤال
السلام عليكم.
أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي، فأنا كنت حاملا في الشهر السابع، فصرخ علي أحد أقربائي، مما أصابني بخوف شديد، مع دوار وضيق في الصدر، وبكاء شديد، وكراهية الجنين.
وعندما ولدت طفلتي، كنت أخاف منها وأكرهها، واستمر ذلك شهرا، والآن عمرها ثلاثة أشهر، فصرت أحبها، ولكن مشاعر الكراهية انتقلت إلى زوجي، حيث صرت أكرهه ولا أشعر بطعم الحياة معه، وأعاني من وسواس الجنون.
كذلك لم أعد أشعر بالخشوع في الصلاة، وأحس بضيق في صدري كلما صليت، علما أنني لم أترك الصلاة، أرجو منكم مساعدتي، فأنا أشعر أن الحياة سوف تنتهي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، ولا شك أن هذه المرحلة لم تكن أبدا بالأمر السهل، أعانك الله وخفف عنك بعض معاناتك.
أعتقد أن هناك احتمالا كبيرا لوجود أمرين، وليس أمرا واحدا، هناك احتمال أن ما مررت به في مرحلة الحمل شيء، وما حدث بعد الولادة شيء آخر.
فخوفك أثناء الحمل وعندما وصلت الشهر السابع، وصراخ قريبك في وجهك، من المحتمل أن أحدث عندك حالة من الخوف، وبالتالي الخوف أو عدم الرغبة لما له علاقة بالحمل، ومنه الجنين الذي كان في أحشائك، إلا أن الله تعالى وبفضله أتم الحمل والولادة على خير، ومن ثم بدأت علاقتك بطفلتك بالتحس، حفظها الله لكم، وأعانكم على حسن تربيتها التربية الصالحة.
وطالما أن طفلتك في شهرها الثالث فيجب أن يخطر في ذهننا موضوع اكتئاب ما بعد الولادة، وهي حالة من الاكتئاب يصيب الأمهات الحوامل بعد الولادة، وقد تمتد الإصابة للعديد من الأشهر وقد تصل إلى سنة بعد الولادة.
وهناك عدة درجات من شدة الإصابة، فهناك الاكتئاب الخفيف والذي يبدأ عادة مع الولادة، وهذا النوع الخفيف لا يطول ونسميه "حزن الوالدات"، وفي الغالب لا يحتاج لعلاج ويزول من نفسه من خلال دعم الأسرة في "الأربعين" الأولى من الولادة. هو يصيب 75-80% من السيدات عقب الولادة.
والنوع الثاني وهو أشد، وقد يبدأ بعد أسبوع من الولادة، حيث تكون الأم الولود قد خرجت من المستشفى ولذلك لا تنتبه إليها ممرضات التوليد، ولا بد من وعي الأم والأسرة لهذا الاكتئاب، لأنه قد يطول لأشهر تصل إلى سنة، وهو يحتاج للعلاج بمضادات الاكتئاب، وخاصة أنه قد يعرض الطفل الوليد الرضيع للعديد من المخاطر، ومن أعراضه الاكتئاب والحزن والبكاء من دون سبب واضح، وربما فقدان الشهية للطعام مما قد يؤثر على رضاعة الطفل، وبعض الأوصاف التي وردت في سؤالك ربما تشير لهذا النوع، ونسميه "اكتئاب ما بعد الولادة". واكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يصيب ما يقارب 5-25 % من النساء عقب الولادة.
والنوع الثالث وهو الأشد، حيث ليس فقط تشعر المرأة بالحزن والبكاء والاكتئاب وإنما أيضا اضطراب النوم وبعض الأعراض النفسية النفاسية الأخرى الشديدة، وهذا النوع قطعا يحتاج للعلاج السريع وبرعاية وإشراف الطبيب النفسي، ويمكن أن يصب 1-2 من كل 1000 امرأة.
والخبر السعيد أن كل هذه الأنواع من الاكتئاب تستجيب للعلاج الفعال بسرعة، طبعا بعد تأكيد طبيعة التشخيص، ومتابعة العلاج بشكل فعال، فأرجو أن لا تترددوا أو تتأخروا في مراجعة طبيب نفسي.
وأدعوه تعالى أن يعينكم، وييسر لك الخير كله، ويحفظ طفلتكم.