السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا شاب في 23 من العمر، عشت حالة حب مدة 3 سنين، وقدر الله أن أنفصل عنها بعد أن خطبتها لمدة حوالي العام، وسافرت بعد الخطبة مباشرة إلى دولة أوربية، وتفاجأت عندما قالت بأنها لا تستطيع أن تكمل معي، وأنا الآن أشعر بأنني خسرت كل شيء، وليس لدي القدرة على فعل شيء، ولدي ضيق كبير في صدري لا يفارقني، لا أقوى على شيء أبدا، مصاب بإحباط كبير، وشعور باليأس، والوحدة والألم الكبير في القلب، ويصعب علي وصف حالتي.
لقد كان حبي الأول، وهي أحبتني أضعاف ما أحبها، أما الآن فأنا أتمنى الموت، ولكني لا أستطيع أن أفعل شيئا، وأفكر في العودة إلى بلدي، بالرغم من الخطورة ولا يمكنني التوجه إلى طبيب نفسي؛ لأني لا أجيد اللغة الأجنبية، وعدم توفر أطباء عرب، وليس لي حيلة سوى التقرب من الله.
علما أني أقرأ القرآن كثيرا، وأصلي جميع الفروض، وأدعو الله دائما لكي يخفف عني، فماذا أفعل؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا، والفضفضة بما في نفسك، أعانك الله وخفف عنك بعض ما تعانيه، فليس فقط موضوع حبك لهذه الفتاة، وإنما الحرب والدمار الذي تتعرض له سورية الحبيبة، أعان الله أهلنا هناك على التخلص من هذه الحرب الطاحنة.
من الطبيعي بعد هذا التعلق بهذه الفتاة، والتي يمكن أن نسميها فتاة أحلامك، حيث كنت تأمل بالزواج بها، وتكون أسرة خاصة بكما والعيش معها بقية حياتك... إلا أن الأمور انتهت على غير ما تشتهي.
ولكن أنت تريد، والله يفعل ما يريد، {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}، كما يقول ربنا سبحانه وتعالى، والخيرة فيما اختاره الله.
وسأقول لك كلاما قد تجد صعوبة الآن في تقبله أو تصديقه؛ لأنك ما زلت في هذه المرحلة من الألم النفسي لما حصل من الافتراق، إلا أن الأيام ستعلمك أمورا كثيرة، وأنت مقدم على هذا الطريق من التعلم وخبرة الحياة...
طبعا الأمر متفهم أنك تشعر الآن بأنك لن تستطيع متابعة الحياة من دون هذه الفتاة، وهذا ما يشعر به كل إنسان اضطر أن يبتعد عن حبيبته التي تعلق بها، إلا أن الحياة أوسع بكثير من هذا، وبالرغم من ألم الافتراق، إلا أنك ستعيش وستتجاوز كل هذا، وستفتح صفحة جديدة في حياتك، ولن تكون عندها كما أنت الآن، وإنما ستتعلم دروسا كثيرة ستعينك على التكيف مع الحياة وصعوباتها وتحدياتها.
وأرجو أن تنتبه أن مشاعرك وعواطفك التي تشعر بها الآن لم تأت فقط من الابتعاد عن هذه الفتاة، وإنما هي تراكمات كثيرة، وهي غير بعيدة عما جرى ويجري في سورية من القتل والتدمير، وربما حتى أنت قد تعرضت لبعض المواقف الصعبة جدا حتى وصلت إلى ألمانيا، فأرجو أن لا تنس هذا.
لا أعتقد أن تحتاج الآن لزيارة الطبيب النفسي وإنما تحتاج إلى من تتحدث معه وتفضفض له ببعض مشاعرك عن الفتاة، وعن سورية، وعن أسرتك ومعارفك الذين تركتهم في بلدك... ويمكن لأجل هذا التعرف على بعض العرب أو المسلمين أو السوريين، وهم غير قليل في ألمانيا.
وأنصحك أن تزور المسجد والمركز الإسلامي في المدينة الألمانية التي أنت فيها، ففي معظم المدن الألمانية هناك جاليات إسلامية ومساجد ومراكز إسلامية، فكل هذا سيخفف عنك بعض صعوبات الغربة القاسية، وطبعا لا أنصحك بالعودة الآن لبلدك، فالأمور لا تزال خطيرة كما تعلم، أعان الله إخواننا السوريين.
وإذا شعرت بالحاجة الشديدة لزيارة طبيب نفسي عربي في ألمانيا فيمكنك زيارة د. أحمد مراياتي، وهو من أفاضل الأطباء النفسيين، وعيادته في مدينة مونشين غلادباخ.
وفقك الله، ويسر لك الأمر.