أشكو من الإحباط والفشل في الدراسة وعدم تحقق أهدافي، فما نصيحتكم؟

0 277

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته.

مشكلتي أنني أشعر بالضياع لأول مرة في حياتي، كنت أعلم بكل ما أريده وأرغب به، ولكنني في موقف جعلني محاصرة وأدور في دائرة مفرغة، لا أدري ماذا أفعل، في السابق كنت أسعى وأجتهد لعمل ما أريد وإن كان الأمر صعبا بخلاف الوقت الحالي ووضعي الجديد.

في المدرسة اخترت المجال العلمي، وأخبرني العديد من الناس بأنه مجال صعب ومعقد، ولكنني التحقت به واجتهدت حتى تمكنت من التخرج وحصلت على مجموع عال، كنت أعيش حياة مثالية قبل سنتين من اليوم، احترت في أي المجالات الجامعية أتخصص، فأنا لا أحب استشارة الآخرين كثيرا، وقد توقع العديد من أقاربي أن أتخصص في الصيدلية أو الطب أو الهندسة، ولكنني لا أرغب بتلك التخصصات، ما أتمناه هو دراسة الطيران، ولكنني أحتاج إلى الشهادة الجامعية كي أتمكن من الحصول على وظيفة ومرتب أنفقه على دراسة الطيران، فتكاليفها عالية، ولا أرغب في تكليف أسرتي تلك المبالغ.

بالفعل تخصصت في هندسة الكمبيوتر، وهي غلطة العمر، فبعد سنة من الصبر والسعي تعبت نفسيا وجسديا، وفي السنة الثانية في الفصل الثاني تعبت ولم أستطع المذاكرة ولم أتمكن من قراءة الكتب، كنت أنجح عن طريق الصدفة، وبعدها رسبت في إحدى المواد ولم أشعر بأي شيء، سيطرت علي رغبة جامحة في ترك التخصص، ربما تلك آثار صدمتي بأن حلم الطيران بات مستحيلا؛ بسبب التكاليف العالية، ولأنني أنثى، وضرورة وجود وسيط يمكنني من الدراسة في كلية الطيران وغير ذلك.

أشعر بالتعب مما أعاني، ومن كلام الناس وتحليلاتهم، فمنهم من يرجح بأنني إنسانة فاشلة، ومنهم من يحبطني بكلامه، ومنهم من ينصحني بإكمال الدراسة لأن لا أحد يحصل على رغباته وأمنياته، ومن يتهمني بالدلع والكسل، نعم، يجرحني كلامهم ويؤثر بي، ولكنني أمثل الضحك أمامهم فيظنون بأنني غير جادة بقضية ترك التخصص.

تطورت حالتي النفسية وتحولت إلى ألم جسدي في بطني وظهري، لم أراجع الأطباء، فلا أحد يعلم بأمر تعبي الجسدي، ولو علموا فسوف يأخذون الأمر على سبيل المزاح ولن يصدق أي منهم كلامي، أصبحت مؤمنة بأنني ممثلة ناجحة فقد أتقنت دوري ولم يلحظ أي أحد حالتي الحقيقية من الداخل.

هل يمكن أن أكون مصابة بمرض depression، خاصة وأن فكرة الموت والانتحار تلازمني ولا أستسلم لها، تلك الوساوس في ازدياد ولا أعلم كيف أتحكم بها وكيف أكبح جماحها؟ لم أشعر بالضياع سابقا، أكملت ستة أشهر ولا أعلم ماذا أفعل، لا أملك أي هدف في الحياة، لو كنت أعرف بأن نهايتي قريبة فسوف أشعر بالسعادة، فقد تعبت كثيرا.

مشكلتي اليوم أنني أقف في منتصف الطريق، لا يمكنني تحقيق حلمي ولا أملك الرغبة في دراسة تخصص جديد، مستقبلي ينهار أمام عيني، ولا أريد دراسة تخصص لا أحبه، فسوف أعمل في وظيفة أكرهها مستقبلا.

حينما التحقت بهندسة الكمبيوتر كان ذلك بمثابة الجسر الذي سيأخذني إلى حلمي وهو دراسة الطيران، فتلك حجتي للوظيفة كما كنت أعتقد، وأنني سوف أتمكن من جمع المال والحصول على مقعد في كلية الطيران، ولكن الواقع مختلف عن أحلامي، فلو ملكت المال لن أحصل على المقعد إلا بوجود الوسيط، وهنا يكمن الظلم، وأشعر بالخوف من تغيير الكلية دون جدوى.

أريد مساعدتكم، فبدون أهداف لا قيمة لحياتنا، أصبحت اليوم جسدا بلا روح، تبلدت مشاعري فلا يمكنني غير البكاء، نعم أنني أضحك ولكن ضحكي مجرد تمثيل أمام الناس، ماذا أفعل فجسمي لا يستجيب وقد استسلم لليأس مثلي، أواظب على الاستغفار والصبر ولكنني خائفة أن ينفد صبري، لا أملك من يفهمني ويفهم مشاعري، محيطي مليء بالناس ولكنهم يتسمون بالسلبية، لا يوجد من يحفزني ويدفعني للتعبير عن ذاتي، غدوت أحب العزلة فهي أفضل، هل الحياة بهذه الصورة؟ لو أنها كذلك كيف نجح الناس، وكيف تمكنوا من تحقيق أحلامهم المستحيلة؟ أعلم أن الحياة خليط من المواقف الإيجابية والسلبية ولكنني لا أرى غير السلبي منها.

أنا في أمس الحاجة إلى نصيحتكم، هل أحتاج إلى زيارة الطبيب النفسي؟ لا أحب أن أتكلم مع الناس عن مشاكلي، ولكنني وجدت في موقعكم الصدر الرحب، ومن يمثلني في استشارته، فأرسلت لكم مشكلتي؛ فأفيدوني.

أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Noura حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا لم تسببي أي إزعاج، أعانك الله ويسر لك أمرك، ولا شك أن الحال كما وصفت من معاناة الإنسان عندما يعيش وليس لديه هدف واضح في حياته، أو عندما يحاط الإنسان بالذي يحبطونه ولا يشجعونه، أو حتى أنهم لا يفهمونه، وخاصة من أقرب الناس له!

بشكل عام عندما تواجهنا مشكلة أو صعوبة ما فهناك ثلاثة احتمالات للتصرف: إما أن نغير المشكلة ونحلها بشكل كامل، أو نغير نظرتنا لها، أو نتعايش معها.

الاحتمال الأول: أن لا تستسلمي في استحالة دراسة للطيران، وهناك جهات كثيرة تسأليها وتتواصلي معها، وبحيث تبحثي عن الموضوع بشكل دقيق، صحيح أن الواسطة مهمة أحيانا، مع الأسف، إلا أنه ليست كل الأمور بهذا الشكل، فطالما أنك حريصة جدا على هذه الدراسة، فأرجو أن لا تفقدي الأمل وأن تستمري بالمحاولة الهادفة.

وفي حال صعب عليك الاحتمال الأول، فهذه ليست نهاية الحياة فهناك أمور كثيرة يمكنك القيام بها، وهنا يأتي الاحتمالان الثاني والثالث.

فالاحتمال الثاني: هو أن تغيري نظرتك للأمر، من باب أن تفكري باحتمالات أخرى للدراسة والعمل ونمط الحياة، بحيث يمكنك التعامل مع الوضع الجديد وتهيئي نفسك له، فمن يدري لعل الله يريدك لأمر آخر ينفعك وينفع غيرك.

والخيار الثالث: وهو محاولة التعايش مع حقيقة وواقع أنك لن تصبحي كابتنا للطائرة، وعلى الرغم من صعوبة هذا الأمر.

إن دراستك وأحلامك وطموحاتك أمر هام، وخاصة أنت الشابة الذكية والطموحة فلا تتركيها فريسة لتصرفات الآخرين، أو سوء تصرفاتهم أحينا من الإحباط وغيره، فهي دراستك وأحلامك وطموحاتك، وهي لك وليست لهم، فاحرصي عليها.

وإذا صعب عليك التكيف مع هذا بنفسك فليس هناك ما يمنع من أن تتحدثي مع أخصائية نفسية عندكم في الجامعة، فلا شك أن هذا سيعينك كثيرا، فأرجو أن لا تعاني وحدك بصمت.

وللفائدة راجعي حكم الانتحار أو التفكير فيه: (262983 - 110695 - 262353 - 230518)، علاج الإحباط سلوكيا: (234086 - 259784 - 264411 - 267822)، الرضا بالقدر وتحقيق السعادة: (278495 - 2110600).

وفقك الله، ويسر لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات