السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 19 سنة، مشكلتي هي الغيرة على صديقي، منذ بداية العام الدراسي في الكلية تعرفت عليه، وكان صديقا مميزا لي وأصبحنا نتراسل كثيرا؛ لأننا لم نكن من منطقة واحدة وصار صديقا مقربا جدا من قلبي، ولكن حبي له بدأ يزداد شيئا فشيئا بمرور الوقت، فمع انقضاء العام الدراسي صار حبي له بشكل لم أكن لأتصوره، فتحول لغيرة شديدة عليه (غيرة لو اتخذ صديقا جديدا أو أخذ صورة مع غيري، أو ضحك مع غيري ..الخ)، كلها أشكال لم أكن أتصورها حتى أنني في اليوم الواحد أصبحت أفكر فيه أكثر من عشرين مرة، وفي كل مرة يضيق صدري؛ لأنه لا يبادلني نفس الشعور.
أعلم أني مخطئ، لكن لم تكن هذه الغيرة بإرادتي، وحاولت التخلص منها بإجبار نفسي على مقاطعته بعض الوقت، لكنها لم تنجح بل وزادت واتخذت أسلوبا عدائيا فسببته في التليفون لسبب لا أعلمه حتى، ولكن اعتذرت له، والأمور أصبحت طبيعي الآن.
ذلك الشعور بالضيق كان يلازمني طوال السنة الدراسية، لكني كنت أتحمل، وكان من حولي يتأذون بتصرفاتي كأني كرهت كل البشر إلا ذلك الشخص، والآن نحن في إجازة انقضاء العام الأول من الدراسة، والشعور بالضيق يزداد، وكذلك مرات التفكير تزداد في الغالب؛ لأن عندي أوقات فراغ كثيرة لا أستغلها أحيانا أتمنى يوم وفاتي يأتي سريعا قبل أن أموت من الغيرة، أرجو إيجاد حل مناسب لهذه المشكلة.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على تواصل معنا، والكتابة إلينا بهذا السؤال.
نعم، قد تنشأ علاقة عاطفية قوية بين شابين، وقد لا يكون الموضوع أكثر من الارتباط العاطفي والنفسي، وكما يحدث في كثير من الصداقات بين الشباب، وربما وصل لشيء من الغيرة؛ لأن الإنسان بطبعه يحب التملك، ويبدو أنها صفة قوية عندك وبحيث تحب التملك والسيطرة.
وكثير من هذا مقبول بشرط ألا يتعداه لغيره من الخطوط الحمراء والمحرمات، ويفيد جدا أن أذكر هنا هذا التنبيه لكي يبقى هذا الأمر في الذهن لخطورته، فلا تقع فيه، وبصراحة يجب أن تخطر في بالك كل الاحتمالات والخطوط الحمراء من أن تتجاوز العلاقة لغير علاقة صديق بصديقه.
ومن الصعب علي وخلال ما ورد في سؤالك أن أعرف إلى أي حد قد وصلت هذه العلاقة العاطفية والنفسية بينك وبين هذا الصديق، وما هي طبيعة هذه العلاقة، وما هو موقف صديقك هذا من هذه العلاقة.
ومن الصعب كذلك معرفة حقيقة كل مشاعرك هذه التي وصفتها في سؤالك، أهي أو من شدة الشعور بالفراغ والرغبة بالصديق، أو وصل الأمر لما هو أكثر، ولا تستغرب هذا، فالنفس البشرية عجيبة في تعاملاتها، وأحيانا تكون واضحة وصريحة، وأحيانا تتلاعب علينا، أو نحن نتلاعب عليها، وتعطينا انطباعا على غير حقيقته!
هل وصلت العلاقة لحد أنك لا تستطيع الابتعاد أو الافتراق عن صديقك، فإن كان، فإنه لا بد هنا من الحذر والانتباه.
أ
ما مجرد العلاقة العادية و"البريئة" فلا بأس بها، ففيها الكثير من المنافع والراحة النفسية والاجتماعية، وإذا كان الصديق خلوق، فإن هذا يعينك أيضا على اتباع الطريق المستقيم، ويمنعك من الوقوع في السلوكيات الخاطئة. نعم يمكن لبعض الصداقات أن تجلب بعض الصعوبات والمعاناة، ولكن ربما لا بد منها، وهكذا هي طبيعة الحياة.
يا ترى ماذا تريد بشكل محدد؟ هل تريد المساعدة في كيفية تخفيف القلق الذي تشعر به من قرب الصلة بصديقك والغيرة عليه، والاستمرار في قربك منه؟ أو تريد أن تتخلص كليا من هذا التعلق؟
فالحل يقوم على ما تريده أنت.
وكما تلاحظ أن هناك قرارا عليك أنت القيام به، ولا يستطيع أحد اتخاذه نيابة عنك، وهو ماذا تريد من هذا الصاحب؟!
وإذا أحببت أن أعطيك نصيحة أخيرة، فأقول، تواصل معه، إلا أن عليك أن تكيف نفسك مع حقيقة أن هذا الشاب ليس ملكك، وليس صديقك فقط، وإذا لم تستطع أن تصل لهذه القناعة، فخير العلاج هو البتر، وقطع هذه الصلة، والرأي والقرار الأخير لك.
وفقك الله وحفظك من كل سوء.