فقدت الشعور بمعية الله بسبب الترفع والكبر، فكيف أعود إلى الهداية؟

0 324

السؤال

السلام عليكم.

هل العقوبة للإنسان المؤمن تكون نابعة عن محبة أم غضب؟ لأن إذا أحب الله عبدا ابتلاه، وعجل له بالعقوبة.

كنت قد أصبت بمرض القولون بسبب العصبية الزائدة مع والدي، ولكن بعد المرض تغيرت قليلا، فكنت أرى في منامي أنني أصلي على النبي، وأرى في اليقظة كأني مع الله، وكنت أستغرب من هذا، وفكرت أن أدعو الله، لكنني لم أستطع فعل ذلك، لأنني أعتقد أن الله غاضب علي أو يكرهني لما أفعل مع والدي.

صار قلبي قاسيا، والوسواس أفقدني الخشوع في الصلاة، وفي رمضان تقربت بالعبادة إلى الله، لكنني لم أشعر أن الله معي، فضاق صدري جدا، ولم يتحقق معي حديث" إذا تقرب مني عبدي شبرا تقربت له ذراعا"، ولم أعد أشعر أنني من المخبتين، أخشى أن لا أجد إجابة لدعائي.

أقمت الليل وكنت أبكي بحرقة، ولم أجد ما يشعرني أن الله معي، وأنا لا أطلب إلا ذلك الشعور، لأنني حينما اهتديت كنت أجد ذلك دائما، فما سبب اختفائه؟ وكيف أبعد عني الترفع والكبر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الابتلاء للعبد على نوعين:
الأول: تمحيص ورفع للدرجات، وهذا للصالح المستقيم، وعليه يكون معنى حديث إذا أحب الله عبدا ابتلاه، وأشد الناس بلاء الأنبياء، وهو يزيد العبد ثباتا وإيمانا وصلاحا.

الثاني: ابتلاء عقوبة وتأديب للعاصي لعله يرجع إلى الله سبحانه، فبعض الناس يفيق من غفلته ويتوب، وبعضهم يزداد عتوا ونفورا،(فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم )، والعبد أعرف بنفسه، هل ابتلاء الله له تمحيص أو عقوبة.

وحالك مع الطاعة والعبادة يحتاج منك إلى توبة نصوح، وصبر على التقرب إلى الله، وعدم استعجال النتيجة، فإن آثار المعاصي على القلب لا تمحى بسهولة، وما ذكرتيه أنك صليت ليلة وبكيت ولم يؤثر ذلك فيك طبيعي؛ لأن الإيمان ينمو تدريجيا في القلب، وآثار المعاصي تنمحي تدريجيا بكثرة فعل الطاعات، فلا تستعجلي واستمري في التوبة والعبادة والطاعة والدعاء والالتجاء إلى الله، حتى تشعري بآثار ذلك في نفسك قريبا -إن شاء الله-.

كما أن ما أصابك من ضعف في الإيمان ربما سببه الوقوع في بعض المعاصي، أو صحبة رفقاء السوء أو ضعف الإخلاص لله تعالى في الطاعة، أو غيرها من أسباب قسوة القلوب، فابتعدي عنها وحاولي أن تبحثي عن صحبة صالحة تعينك على الطاعة، وتشجعك عليها، واهتمي ببر الوالدين وطلب رضاهما ودعائهما لك بالصلاح والهداية، فلطاعتهما ودعاؤهما أثر عظيم في صلاح الأبناء والبنات.

وإياك واليأس والقنوط من رحمة الله مهما حصل لك من ضعف في جنب الله، فالشيطان حريص على تقنيط المسلم من رحمة الله؛ حتى يظفر به فيغويه، بل أحسني الظن بالله وأنه رحيم ودود غفور كريم، يقبل توبة عبده ويفرح بها، وأكثري من التضرع له، وكلك أمل في قبول الدعاء واستجابته من الله ولو بعد حين، وتغيير الحال إلى الأفضل.

وفقك الله لما يحب ويرضى، وأصلح حالك.

مواد ذات صلة

الاستشارات