السؤال
د/ محمد عبد العليم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري 30 سنة، طالب متبقي الميداني آخر ترم، لا أعمل لأكثر من سنتين.
منذ شهرين لا أنام إلا ساعتين أو ثلاث ساعات في اليوم، إضافة إلى فقدان شديد للشهية، والحزن مسيطر علي، وأفكر بالانتحار، علما بأني كنت أتعاطى سابقا الكبتاجون والحشيش، وتوقفت منذ ما يقارب ست سنوات وأكثر، وإلى ما قبل رمضان كنت أستعمل فلوتاب للتخفف من احتقان الجيوب وتساعدني في النوم، واستمريت في تناولها لفترة طويلة.
أشك في كل شيء، وتوقفت قبل شهرين بعد ما ازداد الوسواس القهري، وقد أضعفني جدا، حتى أني لا أستمتع بشيء، وأحب الجلوس وحدي، ولا أختلط بالناس، وعقلي لا يتوقف عن التفكير.
لا أجرؤ على عرض مشكلتي لطبيب، أريد أن أنام وأخفف من الوسواس، وأرجع شهيتي، تعرضت سابقا لصدمات عاطفية، لا أستطيع أن أرد الإساءة، أخاف كثيرا.
أرجو وصف دواء يخفف مما أنا فيه من وساوس، وخوف من الناس.
ولك جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر الحسني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم: من أكبر أسباب فقدان الشهية والشعور بالحزن هو الاكتئاب النفسي، أحزنني كثيرا قولك أنك تفكر في الانتحار، كيف تفكر في الانتحار وأنت في هذه الأمة المحمدية العظيمة؟
واعلم – يا أخي الكريم – أن الله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا}.
لا يمكن للإنسان أن يحل مشكلة بمشكلة أفظع منها، لا، لا يمكن للإنسان المسلم المؤمن أن يجمع على نفسه خسران الدنيا والآخرة، لا، الدنيا بلاء وامتحان واختبار، الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن، (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة)؟! وليست الدنيا هكذا على الدوام، فيوم لك ويوم عليك؛ لأنها ليست لحي وطنا، فاجعلها لجة واتخذ صالح الأعمال فيها سفنا.
استعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم ومن هذه الأفكار، وأنا أبشرك أن حالتك يمكن أن تعالج وتعالج بصورة ممتازة جدا.
نعم تناول الحشيش والكابتجون أدى إلى هشاشة كيميائية بالنسبة للموصلات العصبية الموجودة في دماغك، لذا جعلك عرضة لأن تحدث لك هذه التغيرات النفسية من اكتئاب ووسواس وغيره.
أخي الكريم: العلاج الدوائي مهم جدا في حالتك، فأرجو أن تذهب إلى طبيب نفسي إن كان ذلك ممكنا، وإن كنت لا تستطيع أن تذهب إلى طبيب نفسي فأنا أقول لك: يوجد دواء باسم (ريمارون)، واسمه العلمي (مرتازبين) دواء رائع جدا لتحسين النوم، وهذا الدواء تتناوله بجرعة نصف حبة لمدة شهر، ثم تجعلها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.
يضاف إلى الريمارون دواء آخر من الأدوية الممتازة، هذا الدواء يعرف باسم (سوركويل)، واسمه العلمي (كواتبين) تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلا لمدة شهر آخر، ثم تنتقل إلى نوع من السوركويل يعرف باسم (سوركويل XR)، وهذا تتناوله حبة واحدة تحتوي على ثلاثمائة مليجرام ليلا، وهذه ليست جرعة كبيرة، هذا يجب أن تستمر عليه على الأقل لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تبدأ في التخفيض التدريجي.
لكن أنا أفضل أن تكون هنالك متابعة مع الطبيب، ويمكن أن تبدأ هذه الأدوية، ويمكن أن تفيدك، وحاول أن تدبر نفسك بعد ذلك، وكن متواصلا مع طبيب، أنا ليس لدي أي مانع - أيها الأخ الفاضل الكريم - أن تتواصل معي، لكن قطعا إذا تم فحصك بواسطة طبيب وكانت المتابعة مباشرة، وكان هناك حوار بينك وبين طبيبك الذي تثق به، هذا يمثل دعما نفسيا كبيرا، والمملكة العربية السعودية الحمد لله بها عشرات المختصين النفسيين المتميزين.
عموما أنا أريدك أن تطرد هذه الأفكار الشريرة، أن تعيش على الأمل والرجاء، ويا أخي الكريم: اجعل لحياتك معنى، ولا يمكن للحياة أن يكون لها معنى إلا إذا كانت الصلاة على رأس الأمر، السعادة – أخي الكريم – دائما تأتي من خلال تقوى الله والمحافظة على الواجبات الشرعية من صلاة وصيام وغير ذلك، فاجعل لنفسك نصيبا من طاعة الله وتقواه، وستجد الفلاح في الدنيا والآخرة، واجتهد في عملك ولا تنس نصيبك من الدنيا، وحاول أن تتواصل مع أصدقائك، مع الخيرين من الناس، طور مهارتك، كن بارا بوالديك.
مارس الرياضة – أخي الكريم – الرياضة حقيقة تبن مشاعر نفسية إيجابية جدا، وتزيل الشوائب السلبية، والنوم المبكر – يا أخي الكريم – مهم جدا للإنسان، وأنصحك أيضا – أخي عمر – بأن تهتم بتغذيتك.
ويا حبذا لو قمت بإجراء فحوصات طبية عامة، اذهب إلى طبيب المركز الصحي وتأكد من مستوى الدم لديك، والسكر، والدهنيات، ووظائف الكبد والكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (ب12)، وفيتامين (د)، هذه فحوصات أساسية جدا دائما ننصح بها الناس.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وحفظ الله ورعاك.