السؤال
السلام عليكم
نشكر هذا الموقع لمساعدته على إجابة أسئلة الناس.
عمري 18 سنة، أشكو من أعراض غريبة منذ ثلاثة أشهر، وهي عبارة عن وساوس، وهي كيف خلقنا؟ لماذا خلقنا؟ كيف نمشي في الطريق، وفي هذه الأيام الأخيرة تسلطت على عقلي فكرة غريبة جدا، وهي عندما أتذكر أن كل البشر جسدهم من لحم تأتيني نوبة هلع، ودقات قلب سريعة جدا.
عندما تأتيني هذه الفكرة أصبح لا أستطيع رؤية الناس، وبعدها أستغفر وتزول، ولكن سرعان ما تعود، وأحيانا أيضا أشعر أنني لست أنا كأنني شخص آخر، وأسأل نفسي من أنا ؟ ماذا أفعل هنا؟ هل أنا موجود فعلا؟ وكأنني لا أعيش في الواقع، وأيضا عندما أقرأ موضوعا عن مرض ما أخاف من أن يصيبني ذلك المرض، وخصوصا مرض الفصام أخاف أن يصيبني؛ لأنه منتشر كثيرا في عمر 18 سنة، رغم ذلك كنت تناولت دواء ضد الوسواس اسمه ( فلوكستين)، وزادني مرضا في أول خمسة أيام من شربه، وأيضا جربت الرقية الشرعية مرتين، لكن بلا جدوى، وبسبب هذه الأعراض التي ذكرتها أصبحت لا أفرح، ولا أهتم بأشياء أحبها مثل الماضي.
من فضلك يا دكتور أتمنى أن تشخص حالتي، وما هي الحلول للشفاء مما أعاني منه؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على أول مشاركاتك هذه مع الشبكة الإسلامية، ورسالتك واضحة جدا.
الذي تعاني منه – أيها الفاضل الكريم – هو ما يعرف بالوسواس القهري، هذه الأفكار السخيفة والمستحوذة والمؤلمة هي أفكار وسواسية، وهي تطابق تماما – أيها الفاضل الكريم – ما ورد في الحديث الشريف: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك).
فيا أخي الكريم: ما حدث لك حدث حتى للصحابة – رضوان الله عليهم – ورسول الله صلى الله عليه وسلم نصحنا في مثل هذه الحالات أن نستعيذ بالله وأن ننتهي فقال: (فليستعذ بالله ولينته) ننتهي بمعنى: ألا نحاور الوسواس، ألا نناقش الوسواس، مهما كان استحواذه وسيطرته، يجب ألا نثير فينا الفضول لاستكشافه أو محاورته، إنما تقول لهذه الفكرة: (أنت فكرة حقيرة، فكرة سخيفة، لن أناقشك) وهكذا تتعامل مع بقية الوساوس.
فيا أخي الكريم: مبدأ الرفض والتجاهل والتحقير هو المبدأ العلاجي السليم لهذه الوساوس، والوساوس – أخي الكريم – كثيرا ما تأتي للطيبين، وحتى بعض الصالحين من الشباب، وهي ابتلاء، لكنها تزول -إن شاء الله تعالى-.
في مثل عمرك الوساوس كثيرة، وهذه الوساوس لا نتوقع أنها سوف تستمر، سوف تنقطع -إن شاء الله تعالى-، لكن ساعد نفسك من خلال لفظها، لا تحاورها، لا تشرحها، لا تناقشها، ولا علاقة للوسواس أبدا بمرض الفصام.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أراه مهما، خاصة لعلاج الوساوس الفكرية من النوع الذي تعاني منه، والـ (فلوكستين) بالفعل هو دواء رائع، لكن – يا أخي الكريم – خمسة أيام ليست حكما على الدواء، لا، الفعالية لا تأتي إلا بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من بداية العلاج، وجرعة الفلوكستين لا بد أن تكون أربعين مليجراما، البداية تكون عشرين مليجراما، ثم بعد أسبوع إلى أسبوعين ترفع إلى أربعين مليجراما.
وتوجد أدوية أخرى كثيرة، أنا أعتقد أن الـ (زولفت)، والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) قد يكون الأفضل بالنسبة لك.
أريدك أن تذهب إلى طبيب نفسي - أو حتى الطبيب العمومي، أو طبيب الأسرة – ليصف لك أحد هذه الأدوية المضادة للوساوس، وإن كانت قناعتك بالفلوكستين ليست جيدة فهنالك الـ (زولفت)، وهنالك أيضا الـ (فافرين)، والذي يسمى علميا (فلوفكسمين)، وهنالك الـ (باروكستين)، والذي يسمى تجاريا في المغرب العربي (ديروكسات) أيضا دواء رائع ودواء فاعل.
الأدوية تتطلب أن تصبر عليها، وأن تلتزم بجرعتها، فائدتها عظيمة جدا أيها الفاضل الكريم.
أنصحك أيضا ألا تترك مجالا للفراغ أبدا، اشغل نفسك، اجتهد في دراستك، تواصل اجتماعيا، اجلس مع إخوتك الشباب، كن فعالا في أسرتك، مارس الرياضة، هذا كله يفيدك كثيرا، وأكثر من الاستغفار، الاستغفار سلاح عظيم لبتر هذه الوساوس، ولا تتخوف لتعدد الوساوس أو تشكلها، هي أصلا هكذا، تبدأ بفكرة واحدة، ثم تتشعب الأفكار، لكن في النهاية هي واحدة.
أسأل الله تعالى أن يزيلها عنك، وأن يعافيك، وأن يشفيك، وإن شاء الله تفيدني وتزف لي أخبارا طيبة بعد مدة ليست بعيدة من الزمن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.