أحلم بأن أكون داعية ولكن رهبتي من محادثة الآخرين تعوقني، فما الحل؟

0 206

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب، أبلغ من العمر 21 سنة، وأعاني من مشكلة عدم القدرة على التعبير، سواء عن الذات، أو عن غيري، أو عن أحداث يومية، وإذا تكلمت أحيانا أقول كلاما غير مفهوم بالمرة، ولا أستطيع أن أستحضر كلامي في أي موقف، فأشعر بالتوتر حينها، وإذا حضرت كلاما مع نفسي قبل المواجهة فإنه إذا تسنى لي كي أتكلم فإنني أنسى معظم التفاصيل، حتى لو كانت بسيطة، لذلك عشت ماضي عمري كله انطوائيا لأسباب عديدة، منها:

- كنت منذ صغري أهان، سواء من البعيد أو من القريب، ولا أستطيع أن أدافع عن نفسي، إلا إذا خرجت عن شعوري.

لذلك أجد نفسي طول الوقت مكتئبا مكبوتا، وغير مركز حتى عندما أكون مع أصحابي.

-أشعر أحيانا بأنه لا قيمة لي في الحياة، وهذا الإحساس انعكس على ضعف ثقتي بنفسي، ومن نظرة الناس لي، حتى لو كانت غير مباشرة، لكني أستشعرها فيهم.

حاولت عدة مرات أن أراجع ما حفظت من القرآن بعيدا عن الأعين، ولكن أغلب الأوقات أجد نفسي تائها في ذكريات الماضي، أستعيد ذكرياتي السلبية.

-لا أستطيع أن أجد لنفسي ذكرى طيبة، فأبدأ بالبكاء ولا أستطيع الحفظ، ولذلك لم تكن تمارين الاسترخاء مفيدة لي.

- لا أستطيع التخلص من الاكتئاب، وقد حاولت أن أفتح صفحة جديدة مع نفسي عدة مرات، ولكن محاولاتي فشلت.

أرجو منكم نصحي، ماذا أفعل؟ فأنا لا أطيق أن أعيش بهذا الوضع، فأنا في حاجة إلى أن أجيد التحدث مع الناس، لأني أود أن أكون داعية، وهذا الأمر يؤرقني كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

على الإنسان ألا يقبل المشاعر السلبية التي تأتيه، فأحيانا تأتينا مشاعر سلبية حول ذواتنا، فنقيمها بصورة غير جيدة، صورة منقصة لأنفسنا ولذواتنا، وهذا يجب ألا نقبله.

أول ما أريده منك كخطوة نحو التغيير: أن تعرف إيجابياتك، أنت الآن تسيطر عليك السلبيات من ناحية الفكر والمشاعر والأفعال، قسمها على هذه الكيفية، وانظر ما هي الإيجابيات الموجودة في أفكارك؟ قم بتضخيمها وتجسيدها وتطويرها، ما هي المشاعر الموجودة لديك كمشاعر إيجابية؟ استمتع بها، وأيضا حاول أن تبنيها وتطورها، ما هي الأفعال الإيجابية الموجودة لديك؟ قم أيضا بتضخيمها، وأن تجيد أكثر، وأن تعمل أكثر.

الإنسان –ابننا محمد– هو عبارة عن مثلث، ضلعه الأول الأفكار، وضلعه الثاني المشاعر، وضلعه الثالث الأفعال، والمشاعر قد تكون سلبية والأفكار قد تكون سلبية، لذا لابد أن ننشط ضلع الأفعال –ضلع الإنجاز– مهما كانت المشاعر والأفكار، لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي ستبدل أفكارنا ومشاعرنا وتجعلها أكثر إيجابية.

أرجو أن تفهم هذه المعادلة النفسية البسيطة، وتسعى لتطبيقها.

إذا قيم نفسك بصورة صحيحة، ضخم إيجابياتك، والتزم بمتطلبات المثلث السلوكي الذي حدثتك عنه.

أيها الفاضل الكريم: الصحبة والرفقة الطيبة مطلوبة لكل إنسان، الإنسان يحتاج لأن يكون مع الصالحين من الشباب، النماذج العظيمة والقدوة الحسنة والأسوة الطيبة، وهي موجودة في الحياة، هؤلاء تكتسب منهم مهارات كثيرة، تحس بطمأنينة في وجودهم، وتحس بعزة نفسك، لا أحد يهينك، لا أحد يستصغرك أو يقلل من شأنك.

إذا النقلة نحو المحيط والبيئة الصالحة نقلة مهمة جدا.

القراءة، القراءات المبرمجة، القراءة المنهجية يجب أن تعلم نفسك من خلالها. أمرين في الحياة يساعدان الناس في بناء أنفسهم، هما العلم والدين، لا أحد يستطيع أن ينزع منك علمك، ولا أحد يقدر على نزع دينك من قلبك ووجدانك ونفسك، وقد قال الله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، وكلا العلم والدين يؤديان إلى البناء النموذجي لشخصية الإنسان، فاحرص على الدين والعلم، والعالم أشد على الشيطان من ألف عابد، أو كما قيل.

الرياضة يجب أن تعطيها وقتا أساسيا في حياتك، لأن الرياضة تنشط الموصلات العصبية والجسدية الإيجابية التي تساعدنا في نمو أنفسنا وشخصياتنا وأجسادنا وأفكارنا.

النوم الليلي المبكر والتغذية المتوازنة، هذه أيضا مهمة جدا لبناء الإنسان نفسيا وسلوكيا.

أن تكون بارا بوالديك، هذه قيمة عظيمة، لك إن شاء الله فيها أجر عظيم، وفي ذات الوقت تطورك نفسيا واجتماعيا ووجدانيا.

أنا أعتقد أنك إذا أخذت بهذه النصائح وطبقتها سوف ترى نفسك بمنظار آخر، سوف تحس أنك فعلا كنت لا تقدر نفسك، والآن سوف تقدرها التقدير الصحيح.

أيها الفاضل الكريم: علم نفسك أن تقرأ بتؤدة وهدوء وبصوت عال، ولا مانع أن تقلد مثلا مذيعا ترتاح له، خطيبا مفوها تحب أن تستمع له، إمام مسجد، رئيس من رؤساء الدول، طريقة كلامه وحركات يده، وهذا يطور المهارات، ولكن المهارات لا تتطور حقيقة إذا لم يكن هنالك رصيدا علميا ورصيدا من المعرفة والمعلومات، وهذا لا يتأتى إلا من خلال القراءة والاطلاع والقراءات الغير أكاديمية.

أنا أرى أنه لا بأس أبدا أن تتناول عقار يحسن مزاجك قليلا، وعقار (فلوزاك) والذي يسمى (فلوكستين) وهو متوفر في مصر، سيكون دواء ممتازا بالنسبة لك، لا يسبب الإدمان ولا التعود، والجرعة التي تتطلبها صغيرة ولمدة قصيرة، ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات