الرهاب الاجتماعي بدأ معي في المدرسة.. فهل من علاج؟

0 132

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم لك الحمد والشكر على كل شيء.

لدي مشكلة، ولا أعرف تشخيصها، فقد حدث لي موقف في مرحلة المتوسطة في مادة القرآن، كنت أستمع لأحد الطلاب وهو يقرأ القرآن حسب طلب المدرس، وفجأة طلب مني القراءة، وكنت سارحا في الخيال، فبدأت أقرأ ولكني تلعثمت بالقراءة، ولم أستطع نطق الكلمة، مثل (قل هو الله أحد) بدأتها ب (قققققققل) ولم أكمل خمس كلمات حتى أوقفني المدرس.

طبعا ضحك الجميع علي، وضحكت معهم، فسألني المدرس ما المشكلة؟ قلت لا أعلم؛ لأني وقتها كنت أفضل قارئ في الفصل، وقراءتي بالمواد الأخرى جدا ممتازة، ولا أعاني من أي شيء، ولكن بعد هذا الموقف لم أستطع أن أقرأ؛ لأني أخاف أن أتأتأ بالكلام ويضحك علي الطلاب، فيقول المدرس اقرأ فأرفض، إلى أن تخرجت من الثانوية، وبعد ذلك بسنين بدأت أجاهد نفسي، وأقرأ أمام الناس، وفعلا تحسنت كثيرا.

ولكن أصبحت أخاف من توجه الأنظار إلي، وأنا أتحدث أمام الآخرين في الاجتماعات، سواء كانت أسرية، أو اجتماعات عملية، أو غيرها، فيصيبني تعرق واحمرار ورعشة بالجسم، وصعوبة في بداية الكلام.

الغريب أن الرعشة يستطيع ملاحظتها من يتكلم معي؛ لأنه يراني أرتعش بشكل كبير حتى في كلامي، أكاد لا أستطيع التحدث من الرعاش، وكأني أرتعش من البرد، ولكن في داخلي أقول: من هو هذا الشخص؟ لماذا أعطيه أكبر من حجمه؟ وأعلم تماما أني لا أخافه، وأحيانا لا يحدث معي شيء سوى صعوبة في بداية النطق.

الله يسعدك، أفدني بنصيحة تبعد عني هذا الرهاب، فأحيانا يكون لدي ما أقوله وأعجز عن إيصاله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أخي الكريم في الشبكة الإسلامية، ونحن سعداء جدا برسالتك هذه، والرسالة واضحة جدا، وحقيقة أنت قد وضعت أمامنا حالتك بصورة تسجل التشخيص كثيرا.

الحادثة التي حدثت خلال قراءة القرآن هي البداية، أو هي الشرارة التي ولدت لديك المخاوف، ومن ثم ظهر التلعثم، وحصل نوع من التدعيم والتعزيز لسلوك الخوف من خلال الضحك، والاستخفاف الذي ظهر من زملائك الطلاب، هذه هي الآليات النفسية والسيكولوجية التي أدت إلى رهاب المخاوف الاجتماعية البسيطة التي تعاني منها.

أخي الكريم: أعجبني تماما أنك قد تعاملت مع هذا الأمر بشيء من الجدية والإيجابية، وأنك قد سلكت طريقا جيدا بأن جاهدت نفسك وعرضتها لمصادر خوفها، وهذا أدى إلى التحسن، وأقول لك أخي الكريم بارك الله فيك على ما قمت به وهو الإجراء الصحيح، المبدأ السلوكي يقول إن المخاوف أيا كان نوعها تعالج من خلال التعرض، والتعريض مع منع الاستجابة السلبية.

أنت قمت بما هو مطلوب، وأنا أبشرك أيها الفاضل الكريم بأنه أمامك فرصة عظيمة بأن تستمر في برامج المواجهة هذه، احرص على الصلوات مع الجماعة، وكن دائما في الصف الأول، مارس أي نوع من الرياضة الجماعية، مثل لعب كرة القدم مثلا مع أصدقائك، شارك في المحاضرات وفي المناسبات، وكن دائما في الصفوف الأولى.

بالنسبة لمراقبة الآخرين لك أو ظهور الرعشة للعيان؛ أخي مهما كان هنالك مبالغة في تقدير المشاعر، أي المشاعر ليست بالضخامة التي تتصورها، فالآخرون لا يدركونها، ولا يلاحظونها بنفس الحجم، هي مشاعر خاصة بك أنت، وعليه أنا أؤكد لك أنك لن تفشل أمام الآخرين، وأنك لم تفقد السيطرة على الموقف، وهذا مهم جدا.

أخي الكريم: التمارين الاسترخائية مهمة جدا، وفائدتها مجدية وواضحة فأرجو أن تمارسها، هناك مواقع كثيرة على شبكة الإنترنت توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، أو يمكنك أن ترجع إلى استشارة إسلام ويب، وهي تحت الرقم: (2136015) أوضحنا فيها أهمية هذه التمارين وكيفية تطبيقها، والمثابرة عليها هي جوهر النجاح في تخفيف القلق والتوتر.

بقي أن أقول لك وأحسب أن هذه بشرى عظيمة جدا أن العلاجات الدوائية سوف تساعدك، الحمد لله تعالى خلال السنوات الأخيرة ظهرت ثلاثة إلى أربع أدوية فعالة جدا لعلاج أي نوع من الخوف والرهاب الاجتماعي، أنت لم تذكر عمرك، لكن أحسب أنك فوق العشرين، فإن كنت في هذه الفئة السنية فلا مانع أن تتناول الدواء الذي يعرف باسم زوالفت، واسمه العلمي سيرترالين، وأن أردت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أيضا أمر إيجابي، وأنا أشجعه تماما.

عموما جرعة السيرترالين أن تبدأ بنصف حبة أي 25 مليجراما تتناولها ليلا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة واحدة ليلا، تستمر عليها لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين ليلا أي 100 مليجراما، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، ويوجد عقار آخر يعرف باسم إندرال هذا تتناولها بجرعة 10 مليجراما صباحا ومساء، لمدة شهرين، ثم 10 مليجراما صباحا لمدة شهر.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات