وسواس الموت يلاحقني حتى في الأحاديث العادية، ساعدوني للتغلب عليه.

0 297

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة عمري 19 سنة، أصابتني فجأة قبل رمضان بأسبوع ضيقة شديدة جدا وخوف من الموت، كنت كل يوم أضع رأسي على الوسادة وأبكي خوفا من الموت، ووضعت في رأسي أنه في يوم 28من رمضان سوف أموت، ولن أدرك العيد، وأصبت باكتئاب شديد، فلم أرغب في التسوق للعيد، ولم أخبر أحدا بحالتي، وأخيرا أخبرت أمي، فقالت: هذه وسوسة من الشيطان، وأعطتني زيتا فأصبحت استخدمه، فتحسنت حالتي.

صرت أشعر وكأنني أعيش في حلم، أو لست في الواقع، مع عدم التركيز والدوخة، والخوف من النظر في المرآة، والشعور أن جسمي يتحرك لاإراديا.

بدأت أهمل الأذكار وقراءة المعوذات، وصارت تأتيني وساوس وشكوك في العقيدة، وبدأت حالتي تسوء، فصرت أتتبع كلمة الموت في سماع القرآن والأحاديث الأسرية وبرامج التواصل، وفي كل مكان، وأشعر أنها علامات على قرب موتي.

تعبت جدا من هذه الوساس، أرجوكم، انصحوني، هل يعلم الإنسان بقرب موته، أم أن هذه مجرد وساوس شيطانية، أم أنه حسد أو عين؟ أصبت بهذه الحالة بعد قبولي في جامعة معروفة بصعوبة القبول فيها، إضافة إلى أنني أرى الكثير من النمل في فراشي، وأشعر بها تسير على جسدي وأنا نائمة، رغم أنني أنفض فراشي قبل النوم.

لم أكن من النوع الذي يلتفت لمثل هذه الأفكار والوساوس، فأنا أحفظ القرآن كاملا -والحمد لله-، وكنت أنوي مراجعته قبل أن تصيبني هذه الحالة، أرجوكم ساعدوني، فلقد أصبت بالاكتئاب من كثرة التفكير، وصرت أخشى الكفر والموت.

صرت أتفادى التعامل مع من حولي بحنان، حتى لا يقولوا كانت تحس أنها ستموت، وأصبحت لطيفة في آخر أيامها، لذلك أغضب عليهم وأختلف معهم على أبسط الأشياء، فهل يمكنكم أن تدلوني على بعض الطرق لزيادة الإيمان وإبعاد هذه الأفكار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية.

أنا اطلعت على رسالتك بكل مكوناتها النفسية والسلوكية والشرعية، وأؤكد لك أن الذي تعانين منه بدأ بما نسميه نوبة الهرع البسيطة، وبعد ذلك تطور هذا الهرع والفزع وأصبح يحتوي على مكون وسواسي رئيسي، وطبعا القلق ظل مستحوذا عليك طوال فترة الأعراض، القلق والخوف يبنيان مشاعر سلبية جدا لدى الإنسان، تجعله يلجأ إلى ما نسميه بالتأويلات الوسواسية الخاطئة، وهذا واضح جدا من رسالتك، حديثك عن الموت وما يثار حوله هنا وهناك، هذه تأويلات وسواسية نتجت من الخوف وطبعا الضيقة هذه شجعت على ذلك.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت -إن شاء الله تعالى- على المحجة البيضاء فلا تخشي الكفر، هذا كله وسواس قد يكون فيه شيء من الخناسية، فأكثري من ذكر الله تعالى، وأكثري من الاستغفار، وأنت -إن شاء الله تعالى- سوف تصبحين على خير، وتمسين على خير، وكل الذي بك سوف يزول.

أما الأسس العلاجية السلوكية التي أنصحك بها فهي تجاهل الوسواس مهما كان مقتحما ومستحوذا ومتسلطا، أريدك أن تكوني أكثر قوة منه وتحقريه، إن لجأت إلى نقاشه أو بدأت في البحث عن الفتية هنا وهناك أو تحليل هذه الوساوس وإخضاعها للمنطق، هذا سوف يسبب إشكالية كبيرة بالنسبة لنا ولك، أي أن العلاج سوف يكون أصعب، نحن الآن في مراحل -إن شاء الله تعالى- سهلة، فحقري هذه الوساوس، اصرفي انتباهك عنها، أكثري من التواصل الاجتماعي، نظمي وقتك.

وقطعا أنت محتاجة للعلاج الدوائي، وأنا أبشرك أنه توجد أدوية رائعة ورائعة جدا، تحدثي مع أسرتك الكريمة حول هذا الموضوع، وإن ذهبت إلى مقابلة طبيب نفسي هذا أمرا جيد أقره تماما، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يعطيك المزيد من الإرشاد على نفس النمط السلوكي الذي قمت به، وفي ذات الوقت يصرف لك العلاج الدوائي.

وأفضل علاج يمكن أن يوصف لك في هذه المرحلة هو عقار سبرالكس والذي يسمى إستالبرام، والجرعة في حالتك هي أن تبدئي 5 مليجرام هذه جرعة بسيطة جدا، الدواء يأتي في تركيبة 10 و 20 مليجرام، إذا ابدئي بتناول نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 مليجرام، تناوليها يوميا بعد الأكل لمدة 10 أيام، ثم اجعليها حبة واحدة كاملة أي 10 مليجرام يوميا لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى 20 مليجرام في اليوم، وهنا وبعد هذه الجرعة التمهيدية تكونين قد بدأت جرعة العلاجية، التي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وتستمرين على جرعة 20 مليجرام لمدة 4 أشهر، ثم تخفض بعد ذلك إلى 10 مليجرام يوميا لمدة 3 أشهر، وهذه هي المرحلة الوقائية التي تعقب المرحلة العلاجية، بعد انقضاء 3 أشهر وأنت على جرعة الـ 10 مليجرام خفضي الجرعة أيضا، واجعليها 5 مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم 5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، وبذلك تكونين قد توقفت عن العلاج، و-إن شاء الله تعالى- يكون قد كتب لك الشفاء التام، الالتزام بالدواء بجرعته ومواعيده ومدته هي أسرار نجاح العلاج، دواء واحد سليم.
----------------------------------------
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-،
تليها إجابة: د. عقيل المقطري - مستشار أسري وتربوي-.
-------------------------------------------------
مرحبا بك في الشبكة الإسلامية وردا على استشارتك أقول:

من خلال قراءتي لاستشارتك اتضح أنك تعانين من وسواس، وهو من مداخل الشيطان الرجيم وكيده على الإنسان، فإن استجاب واسترسل وأخذ وأعطى تحول إلى قهري، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن شكى له من الوسوسة: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)، وأفضل علاج للوسواس هو ما أرشد إليه نبينا -عليه الصلاة والسلام-، والمتلخص في (الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وقطع الاسترسال والتعاطي مع الوسواس).

إن الموت سر مكنون لا يعلم أحد من الإنس أو الجن متى يأتيه، لكن الشيطان الرجيم يريد أن يكدر عليك حياتك ويحزنك، وإلا فلما أنت من دون أفراد عائلتك، بل من دون الناس، والشيطان للصالحين أقرب منه للفاسدين، يريد أن يخرب عليهم ما يقومون به من الأعمال الصالحة، ولذلك بدأت بترك الأذكار لأنها مطردة له، فأعرضي عن هذه الوساوس الشيطانية، واختلطي بأسرتك، وتعاملي معهم بشكل اعتيادي، فها أنت بعد أن كان يوسوس لك أنك ستموتين في 28رمضان لا زلت على قيد الحياة، ألا يكفي هذا في طرد هذا الوسواس.

راجعي القرآن الكريم وحافظي على الصلوات وأذكار اليوم م والليلة، وأكثري من الأعمال الصالحة، وكثفي في الأيام المقبلة من التحرك وزيارة زميلاتك الصالحات، واطلبي منهن زيارتك كي تخرجي من أجواء الوسواس، ولا تختلي بنفس في غرفة مستقلة، بل عيشي مع أخواتك -إن كان لك أخوات-، وإذا جاءك الوسواس فاستعيذي بالله منه قائلة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، ولا تسترسلي معه ولا تصغي لوساوسه بل خالفيه، ولا تتناقشي معه، واقطعي الاستجابة له، فإن فعلت ذلك فما هي إلا أيام يسيرة وسينخنس عنك -بإذن الله-.

كما أنصحك برقية نفسك صباحا ومساء بالمعوذات وسورة الإخلاص وآية الكرسي والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وما تيسر من الأدعية النبوية، والتضرع بالدعاء بين يدي الله وأنت ساجدة أن يرفع عنك هذا الابتلاء، وكوني على يقين أن الله سيستجيب دعاءك.

فإن استمر معك فلا بد من زيارة الطبيب النفساني، فالعلاج الدوائي والسلوكي نافع في مثل هذه الحالة.

أسأل الله تعالى أن يعافيك مما أنت فيه، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات