أشعر بدوخة وقلق وتوتر وأخاف من الموت

0 217

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: أشكر كل القائمين على هذا الموقع، الله يوفقكم ويجعل كل عمل لكم في ميزان حسناتكم.

لدي حالة نفسية -والله أعلم- وبعد استشارة أحد الأصدقاء أخبرني بأن أعرض الأعراض على إسلام ويب، وهم سيخبرونني بالمطلوب.

أنا شاب صغير، وبعمر ١٦عاما، بدأت هذه الحالة معي منذ نحو سنة تقريبا، فبدأت بأعراض غريبة كان أولها أني استيقظت فزعا من النوم، وبدأت أقول لعائلتي "سأموت الآن سأموت سأموت"، ومن الواضح أنها كانت نوبة صرع تقريبا، كنت حينها أشعر بخوف شديد من الموت "المجهول".

ثم لم تظهر هذه الحالة مجددا إلا بعد عدة شهور، ظهرت نفس الحالة تقريبا، ولكن لم تكن خوفا من الموت، بل استيقظت وكانت الكهرباء منقطعة، فأصبت بنوبة غريبة من الخوف الشديد وبدأت أتعرق بشدة وبشكل غريب وأنفاسي تذهب وتعود بشكل منفصل، وقلبي بدأت نبضاته بالتسارع بشكل هيستيري.

منذ هذا الوقت لم يحدث أي شيء إلا بعض الأعراض البسيطة، ولكنها كانت تذهب مع الوقت، أما الآن ومنذ شهرين تقريبا فقد عادت أعراض غريبة حقا وبشكل لا يطاق، بدأت أخاف من الموت بشكل هيستيري، أخاف من أن أقوم بأي شيء خوفا من أن أصاب بالموت، أي عرض يـظهر لدي كنت أقول: إن هذه هي النهاية

هناك أعراض تظهر مثل أني أشعر بثقل كبير في فكي وأسناني، ولا أستطيع التحدث، بالإضافة إلى التسارع في نبضات القلب.

الآن أنا مصاب بخوف شديد من الموت، لا أعلم لماذا، أدى هذا إلى ظهور أمراض أخرى لي، أصبت باكتئاب شديد، لم أعد أرغب بالعيش في هذه الحياة، حينما يقول لي أحد أفراد عائلتي مثلا "إن شاء الله" ستصبح مهندسا" أقول في نفسي: "إن أجلي قريب وسأموت للأسف".

أعراض قوية جدا لم أستطع تحملها، عدم القدرة على التنفس، عدم القدرة على بلع ريقي، عدم القدرة على الكلام في بعض الأحيان، الشعور بالدوخة.

هذا أدى إلى التوتر والقلق بشكل كبير وصعب في أغلب أوقاتي، إن الوقت الوحيد الذي أهدأ به نوعا ما ولا أحس بهذه الأعراض هو وأنا نائم فقط.

ذهبت إلى شيخ، وقال إني محسود :عين صعبة وقوية جدا"، وهذا منذ ٤ أيام، وقال إنه سيزيلها عني بطريقته، ولكن ما زالت الأعراض، والمشكلة أني لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي في الوقت الحالي.

هذه الأعراض تظهر وتختفي، ولكنها تظهر أكثر مما تختفي بالطبع.

أرجو أن تعطوني نصائحكم، وإن أمكن أي علاج يهدئ من روعي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا على تواصلك مع إسلام ويب وثقتك في هذا الموقع.

أنا اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، والنوبة التي حدثت لك - أيها الفاضل الكريم - في بداية الأمر لم تكن نوبة صرع، هذه نسميها بنوبة الهرع أو الفزع أو الهلع، وهو نوع من القلق الشديد المصحوب بخوف شديد، خاصة الخوف من الموت، وقد توجد أعراض فسيولوجية مثل تسارع ضربات القلب مثلا، أو الشعور بالتلعثم حين يتكلم الإنسان، والبعض يشعر برجفة، وهناك من اشتكى أيضا بنوع من الانشداد في جسمه في بعض الأحيان.

المهم ليس من الضروري أن تتوفر كل الأعراض لنشخص حالة الهلع، العرض الجوهري هو القلق القوي الشديد مع الخوف، وهذا هو الذي حدث لك.

الحمد لله تعالى أنت خفت عليك هذه الأعراض، وهذا هو التاريخ الطبيعي لنوبات الهرع أو الفزع، أنها تأتي ثم بعد ذلك تخف، وقد تأتي مرة أخرى، حتى تختفي بعد ذلك.

المرحلة التي تمر بها أنت الآن هي مرحلة الخوف من الموت، وهي جزء من نوبة الفزع التي أصابتك أولا، وبعد ذلك أصبحت تأتيك هذه النكسات أو الهفوات المتعلقة بالفزع والهلع، وأعتقد أنه ربما تكون لديك مفاهيم خاطئة حول الموت، وأنا لا أقول أنك ضعيف الإيمان أبدا، هذا لا يعلمه إلا الله، بل لعلك أفضل منا وقوي الإيمان، أنت لست ضعيف الإيمان -إن شاء الله-، أنت شاب من شباب هذه الأمة الإسلامية العظيمة، نثق فيك تماما ولا نزكيك على الله أبدا، لكن يجب أن تنظر إلى موضوع الموت أنه أمر ليس بيد الإنسان، وأن الموت حق، وأن الساعة حق، وأن الموت حقيقة، وأن الآجال بيد الله، وأن لكل أجل كتاب، وأن كل حي مصيره الموت، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله الكريم وسلطانه العظيم، وأن الخوف من الموت لا يأتي بالموت ولا يمنع الموت، وأن الأجل إذا جاء لا يقدم ساعة ولا يؤخر أخرى.

إذا لماذا يخاف الإنسان خوفا مرضيا من الموت، الذي يخاف من الموت هو من يستعد له، قال تعالى: {وما يدريك لعل الساعة قريب يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق}، فإذا الذي يؤمن ويشفق - أي يخاف - الساعة هو الذي يستعد لها، كما قال تعالى: {والذين يصدقون بيوم الدين * والذين هم من عذاب ربهم مشفقون * إن عذاب ربهم غير مأمون}.

إذا المطلوب هو أن نخاف من الموت خوفا شرعيا، بأن نسعى ونعمل لآخرتنا، وأن نجتهد في دنيانا {ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}، وأن تكون مخافة الله تعالى دائما ما بين جنباتنا.

يا أيها الفاضل الكريم: انظر إلى الموت من هذه الزاوية، هذا مهم جدا، وانطلق في الحياة، بل استمتع بالحياة، وأحسن تنظيم وقتك، واجتهد في دراستك، رفه عن نفسك بما هو جميل، كن بارا بوالديك، مارس الرياضة، تواصل مع أصدقائك، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر.

هذه هي الحياة والتي يجب أن تعيشها بكل قوة، وحين يقول لك أهلك (إن شاء الله سوف تصبح مهندسا)، هذا أمر جميل، هذا تحفيز لأن تضع هدفا أمامك لتصل إليه، فاجعل مبتغاك المعالي، لا ترض بالأمور الدنيا - من الدنو - أبدا، الأمور البسيطة، لا.

الدكتور أحمد زويل - عليه رحمة الله - حين كان عمره أربع سنوات كتبت والدته على باب غرفته (الدكتور أحمد زويل)، انظر: كيف استطاعت هذه الأم الراشدة أن تزرع فيه المحفز العظيم الذي جعله يصل إلى ما وصل إليه ويتحصل على جائزة نوبل.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن تثق أن الله تعالى قد وهب لك طاقات كثيرة ومتجددة وأن التغيير يأتي منك أنت، اجعل هذا هو منهجك في التفكير، وطبق ما هو مطلوب، أنت لست في حاجة لعلاج دوائي.

وبالله التوفيق والسداد .

مواد ذات صلة

الاستشارات